لم يعد في العمر بقية يا “عرمان” .. !

{حتى لا يرتفع سقف التوقعات الخضراء والأحلام الوردية بأن مجرد التوقيع على (خارطة الطريق) الأفريقية هو مفتاح الحل النهائي والتسوية السياسية الشاملة لقضية الحرب في السودان، فإن ما يتوجب علينا من مسؤولية وطنية في تنوير الرأي العام يدفعنا أن نقول للناس، إن المشوار ما يزال أطول مما يعتقد الكثيرون، بما في ذلك الوفود التي حجزت غرفها الناعمة أو البائسة في فنادق “أديس” .. عاصمة المفاوضات ومقر رئاسة الاتحاد الأفريقي .
{ولو اكتفينا فقط بالنظر لتصريح الأمين العام للحركة الشعبية – شمال “ياسر عرمان” الذي نشرته (المجهر) على صدر صفحتها الأولى بعدد الأمس، وفيه قال: (إن الحركة مع جيش واحد، ولكن لن نفكك جيشنا لأنه يمثل ضمانة لتنفيذ الاتفاق، وحتى تفكك الحكومة مليشياتها)، لتأكد لكل قارئ حصيف أن مسلسل المفاوضات القادمة لن يكون قصيراً، وهكذا تعودنا من زمن “نيفاشا” وإلى جولات “أديس أبابا” الـ(11) الماضية التي لم تنجز سلاماً ولا وعداً بالسلام !!
{خبراء وجواسيس أمريكا وأوربا جربوا شتى الوسائل والطرق لتفكيك حكم (الإسلاميين) في السودان، فلم يجدوا طريقاً أيسر من طريق (مفاوضات السلام)، بها قسموا الدولة إلى دولتين، وأضعفوا النظام بتساقط أقوى وأذكى قياداته من خلال حملات التشكيك الداخلية وتبادل الاتهامات المكتومة حول من رتب لمؤامرة (السلام الملغوم)، وما تزال الخطة مستمرة على اختلاف المراحل والرجال !!
{كنا نأمل أن يختلف الوضع هذه المرة، وأن يتخذ الأخ “ياسر عرمان” وصحبه قراراً شجاعاً بالعودة إلى “الخرطوم” غداً وليس بعد غدٍ، بالضمانات الدولية التي يريدونها من خلال علاقاتهم العميقة مع أصدقائهم (الغربيين)، تماماً كما جاءوا من قبل في العام 2005م، ولم تحمهم يومها قوة الحراسة المحدودة من الجيش الشعبي التي توزعت على بيوتهم في “المعمورة” و”أركويت” و”الطائف” وغيرها من أحياء الخرطوم، ولكن حمتهم الضمانات الدولية والمراقبة الأممية والإقليمية للاتفاقية، حتى انفصل جنوب السودان عن شماله تحت ذات الحماية الأمريكية والأوربية !
{الأفضل ألا يهدد “عرمان” مخالفيه في الحكم وخارجه بالجيش الشعبي، فهذا الجيش لم يدخل “كادقلي” ولم يحتل “الدلنج” ولم يفلح في اجتياح “الدمازين” ساعة واحدة .
{ولم يعد في أعمار “عرمان” و”عقار” و”الحلو” ولا أعمار الكثير من قادة (المؤتمر الوطني) وأعمارنا الكثير لإهداره على التحديات والعنتريات غير المفيدة، في زمن أخذ يموت فيه أبناء العشرينيات بالذبحات الصدرية والسكتات الدماغية، ويداهمهم الضغط والسكر وارتفاع الكوليسترول وما يزالون في ميعة الصبا وريعان الشباب .
{عليهم أن يأتوا جميعاً وسريعاً للخرطوم، ويكون إطار الحل الشامل دستوراً حاكماً وديمقراطية كاملة الدسم، بدلاً من الأطماع الصغيرة، والاتفاقات (الجهوية) البارودية التفكيكية التي لن تورث بلادنا غير المزيد من التشظي والانقسام .
{قد نكون مخطئين في توقعاتنا، لكننا بالتأكيد لسنا متوهمين ولا مخذلين .

Exit mobile version