سعر الإيجار ارتفع من (300) جنيه إلى ألفي جنيه
طبالي السوق العربي..خروج بباب”نمر” وعودة بشباك “أبوشنب”
موظف بالمحلية: الهدف ليس تحصيل الرسوم بل مساعدة الفرِّيشة
صاحب محل: تعرضنا لظلم فادح ونحن من يدفع الضرائب والجبايات
بائع جائل: المحلية قدّرت ظروفنا ونشكرها رغم ارتفاع الرسوم
“والله بقينا ما فاهمين حاجة في البلد دي”،بهذه الكلمات ابتدر تاجر بشارع صالح باشا بغرب السوق العربي حديثه وهو يشير بيده إلى البائعة الجائلين الذين استقر بهم المقام وسط الطريق المسفلت وقد اتخذوا “الكراتين” كبيرة الحجم مواقع لعرض الملبوسات والأحذية التي توجد وللمفارقة في ذات المتاجر التي يتوسطها الطريق الذي يفترشونه، والرجل الذي تملكه الغضب وهو يتحدث إلينا أكد أنهم يدفعون فاتورة تخبط القرار الحكومي، وأضاف”العام الماضي أزال معتمد الخرطوم الطبالي التي كانت في هذا الشارع موقعاً الضرر على المئات بدعوى فتح الطريق، وجاء قبل أيام ليناقض قراره الأول بالتصديق للذين أبعدهم بالبيع للبيع في ذات الشارع، وإذا كان التاجر صاحب البوتيك يتملكه الغضب فإن بائعاً جائلاً بدا سعيداً بقرار المعتمد، وما بينهما تعود أزمة تجاوزها الزمن إلى الواجهة مجدداً.
شوارع مغلقة
بعد أن تنامى إلى مسامعنا تصديق سلطات محلية الخرطوم للباعة الجائلين أو فلنقل أصحاب الطبالي بالعمل مجدداً في مواقعهم السابقة، وهم الذين تم إبعادهم من وسط السوق العربي العام الماضي وساوت الجرافات الحكومية بمحالهم الأرض، توجهنا أولاً نحو الشارع الذي يقع شرق جامعة السودان الذي يربط بين شارعي السيد عبد الرحمن وموقف كركر، وللمفارقة فإننا في العام الماضي كنا شهوداً على إزالة آليات محلية الخرطوم لكل الطبالي بدعوى فتح الطريق أمام المارة، ووجدنا أن ذات الباعة قد عادوا هذه المرة بشكل مختلف حيث لم تعد لهم أكشاك ثابتة بل يضعون بضائعهم وهي ملبوسات وأحذية في كراتين كبيرة في مساحة تتفاوت من بائع إلى آخر ولكن أدناها ثلاثة أمتار وأعلاها خمسة، لم استطع حصر المحلات المؤقتة فقد توقفت في الرقم واحد وخمسين وذلك لصعوبة المرور نسبة لازدحام الشارع وبطء الحركة داخله لاحتلال الكراتين كل جنباته، بعد ذلك توجهت نحو شارع صالح باشا المطل على موقف جاكسون الذي أيضاً تمت إزالة كل الطبالي التي كان يحتضنها في العام الماضي، ووجدنا ذات المشاهد التي وقفنا عليها في الشارع الأول حيث أغلق تجار “الكراتين ” الشارع تماماً أمام حركة السيارات، وهم يمارسون عملهم في سعادة عبّر عنها محمد وهو شاب ثلاثيني بدا سعيداً بقرار محلية الخرطوم بإتاحة الفرصة مجدداً لهم للعمل في هذا الشارع، ورأى أن المحلية نظرت إلى ظروفهم بعين الاعتبار وقال: “رغم الرسوم العالية التي تم فرضها علينا ولكن نحن سعداء بأن نعود مجدداً إلى مواقعنا التي تم إبعادنا عنها ظلماً العام الماضي”.
فلاش باك
إذن قبل استعراض حصيلة جولتنا بشارع صالح باشا وذلك الواقع إلى الشرق من جامعة السودان دعونا نعود إلى يوليو من العام الماضي الذي أصدرت فيه محلية الخرطوم قراراً قضى بإزالة أكثر من(650) طبلية كانت موجودة في ذات الشارع مثار حديثنا، ويومها أعلن معتمد محلية الخرطوم الفريق الركن أحمد علي عثمان أبو شنب عن حملات لتصحيح الأوضاع التي وصفها بالخاطئة في محليته، وقال إنه تم الكشف عن حيازة شخص واحد يدعى “اليسع” لألف محل تجاري بأسواق جاكسون بوسط الخرطوم بجانب امتلاكه كافتريات بشارع النيل في مساحة فدان كامل يقوم بتأجيرها لبائعات الشاي، وتمسك أبو شنب بإزالة أسواق جاكسون وفق قرارات التخطيط لوسط المدينة، وبالفعل ورغم ردود الأفعال فقد تمت إزالة كل الأكشاك التي أشار إليها المعتمد.
نفي وتوضيح
غير أن اليسع الذي اتهمه المعتمد بامتلاك ألف دكان بذات الموقع كان قد نفى في حديث سابق لـ(الصيحة) ماقال به المعتمد وقتها وأكد أن قصة الأسواق التي تمت إزالتها العام الماضي تعود إلى العام 2012 الذي أعلنت خلاله محلية الخرطوم عن عطاء لتشغيل وإدارة طبالي وسط الخرطوم، وأضاف: تقدمنا وقتها برؤية متكاملة نالت رضا وإعجاب المحلية، ورسا العطاء على شركتنا بعد أن دفعنا بتصميم جيد مقرون بدراسة حالة للباعة ووجدنا أن البائع يفترش الأرض ويدفع نظير هذا رسوماً للمحلية بالإضافة إلى استئجاره “درداقة” لنقل بضاعته، عطفاً على دفعه لرسوم لتخزينها، كما أنه يدفع أشياء أخرى، ومن خلال دراسة الحالة هذه اتضح لنا أن البائع يدفع في الشهر مبلغ(420) جنيهاً شهرياً،ولأن دراستنا كانت علمية فقد تمثل عرضنا للمحلية على تشييد جملون داخله طبالي يبلغ سعر إيجار الواحدة منها في الشهر (300)جنيه فقط ،وبالفعل تم التشييد على ذات النسق الذي تقدمنا به وقد أصاب نجاحاً منقطع النظير ووجد رضا كاملاً من التجار الذين أطلقوا على السوق اسم نمر لأن المعتمد السابق كان يقف على رأس المشروع لأنهم كانوا يرون بأنه ساهم في تطوير تجارتهم وتخفيض تكلفتها الشهرية، والاسم الحقيقي كان أسواق الخير، والشركة كانت تدير أسواق الفريشة بوسط الخرطوم وهي عبارة عن ثلاثة جملونات وتستوعب 500 فريش وهي التي أطلقوا عليها اسم أسواق نمر، وكنا ندير أسواق القدس الدولية التي توجد بها 130 طبلية وتعود إدارتنا لها لأننا من وفرنا التمويل، بكل صدق أنا في حيرة من أمري لأن المعتمد جاء برقم خرافي لا أعرف من أين تقصى معلومته، وهو حديث غير دقيق وليس مسؤولاً.
الواقع يتغير
كان ذلك العام الماضي..وبالعودة إلى الواقع فإن محلية الخرطوم وبقرارها الأخير أثارت غضب التجار أصحاب المحال الثابتة خاصة تلك التي تعمل في مجال بيع الملبوسات، وهذا ما كشف عنه تاجر ظل يتحدث إلينا وهو في غاية الغضب ويشير إلى ما بداخل متجره ويردد “كيف نبيع مع الفريشة الذي يجلسون أمام محالنا”، ومضى الرجل – الذي شدد على عدم إيراد اسمه – خوفاً من انتقام المحلية المتوقع كما أكد وقال إنه ليس من العدل أن تعمد سلطات محلية الخرطوم إلى التصديق للفريشة بالعمل أمام محالهم خلال موسم البيع في أواخر شهر رمضان، ورأى أن في هذا ظلماً فادحاً يقع عليهم. وأضاف:هنا في شارع صالح باشا فإن أسعار إيجارات المحال التجارية تتراوح بين السبعة والخمسة عشر ألف جنيه وبخلاف الإيجار الباهظ فإن التاجر مطالب بدفع الضرائب ورسوم المحلية الكثيرة المفروضة عليه شهرياً وسنوياً بالإضافة إلى الزكاة، فكيف يمكنه رغم كل هذه الأعباء أن يعمل ويبيع وأمام محله من يضع بضاعته فوق كراتين بتصديق مؤقت من المحلية وليست عليه ضرائب ولارسوم، ويمكن لهذا البائع الذي يفترش الكراتين أن يخفض السعر وهذا يعني توقف حركة البيع داخل محالنا.
فوضى في القرارات
أما التاجر أحمد الذي كان أيضاً غاضباً فقد أبدى حيرته من التخبُّط في إصدار القرارات الحكومية وأضاف:في العام الماضي تمت إزالة الطبالي التي بكل تأكيد نحن لسنا ضد أصحابها فهم مثلنا سودانيون ومن حقهم أن يعملوا في السوق، ولكن أكدت المحلية يومها أن الطبالي تغلق الشوارع وأنها بصدد ترحيلهم إلى موقع ثابت بالسكة الحديد،وقلنا إن هذا القرار من مصلحتنا وهم أيضا يستفيدون منه بامتلاكهم مواقع ثابتة، ولكن تفاجأنا في الرابع عشر من شهر رمضان بعودة الفريشة مجددا وهم يجلسون أمام متاجرنا وحينما سألنا عن السبب أبرزوا لنا إيصالات مالية إلكترونية تؤكد تسديدهم لمبلغ من المال سمحت لهم عبره المحلية بالبيع حتى نهاية شهر رمضان، وأردف: نعم الأرزاق بيد الله ولكن هذا القرار يؤكد حقيقة الفوضى التي تسيطر على عمل محلية الخرطوم.
ارتياح وإشادة
بالمقابل فإن قرار عودة الفريشة لشارع صالح باشا وشرق جامعة السودان قوبل بارتياح بالغ من قبل صغار التجار، وهذا ما كشف عنه عثمان الذي كان يتحدث معي وهم يعمل على ترتيب الملبوسات التي يعرضها للبيع، وقال إن المحلية أدركت أنها ارتكبت خطأ كبيراً حينما أبعدتنا من هذا الموقع بإزالتها لأسواق نمر التي كنّا نمارس خلالها عملنا بكل استقرار، مبيناً أن عودتهم إلى العمل بشارع صالح باشا وشرق جامعة السودان لايمثل مصدر إزعاج لأصحاب المحال الثابتة ورأى أن كل “إنسان بيأكل رزقو” ،وقال إن بعضاً من أصحاب البوتيكات أيضا حصلوا على تصاديق طبالي مؤقتة، ورأى أن المحلية نظرت إلى ظروفهم الصعبة وأصدرت قرارها القاضي بالسماح لهم بالبيع خلال شهر رمضان.
أسعار باهظة
اللافت في الأمر رغم فرحة الباعة الفريشة بالعودة مجددا إلى مواقعهم إلا أنهم جأروا بالشكوى من ارتفاع قيمة التصاديق التي تم منحها لهم لمدة خمسة عشر يوماً بدأت من منتصف شهر رمضان إلى نهايته،وحصلت “الصيحة” على عدد من صور التصاديق التي أوضحت أن التصديق موسمي لشهر رمضان فقط، وقد تم تحديد مساحة البائع بمتر ونصف إلى مترين، ومن خلال خطاب التصديق الذي أصدرته وحدة الخرطوم شمال الإدارية فإن قيمة التصديق تبلغ اثنين ألف جنيه، وجاء التصديق حاملاً عدداً من الشروط منها التزام البائع بالموقع المحدد والمساحة، بالإضافة إلى انتهاء أجل التصديق في الفترة المحددة مع إلزام التاجر بنظافة الموقع، علاوة على عدم استعمال مكبرات الصوت، وأخيراً الالتزام بأي ضوابط واردة بالقوانين المنظمة لممارسة هذه الأنشطة، وقد وافق الباعة الفريشة على المبلغ الباهظ والشروط، أما تحصيل مبلغ الاثنين ألف جنيه فيتم عبر الايصال الألكتروني، والتصاديق التي حصلنا على صور منها كانت تحمل أرقاماً تقترب من المائة وتسعين وحينما استفسرنا عن هذا عرفنا أنها عدد التصاديق التي قدرها أحد الباعة بأن تتجاوز الألف ،وهذا يعني أن محلية الخرطوم وخلال أسبوعين فقط سيعود إلى خزائنها مبلغ يتجاوز (2) مليوني جنيه.
مبررات ودفعوعات
حاولنا الحصول على تصريح من محلية الخرطوم يفسر ويوضح أسباب عودة الفريشة غلى ذات مواقع الطبالي التي تم إزالتها العام الماضي إلا أننا عجزنا، بيد أن موظفاً بالمحلية قال إن القرار جاء تقديراً لظروف الشهر المعظم، وأن المحلية رأت ضرورة الوقوف بجانب صغار التجار الذين كانوا يعانون كثيراً في إيجاد مواقع ثابتة يمارسون خلالها نشاطهم التجاري عقب إزالة أسواق نمر، ونفى أن يكون هدف المحلية الأساسي تحصيل أموال من الباعة الفريشة، وقال إن الخدمة إنسانية في المقام الأول وليست تجارية، مؤكداً تقديرهم لأصحاب المحال الثابتة الذين قال إنهم يتعاونون مع المحلية ولا يمكن أن يرفضوا مساعدة صغار التجار والسماح لهم بالعمل لأسبوعين فقط.
الخرطوم: صديق رمضان
صحيفة الصيحة
كما قال الرئيس الفساد المصلح اللهم ولي علينا خيارنا ( مع انو لا اري خيارا في الإنقاذ ) كلهم منقذ لنفسه واهله وعشيرته فقط ، اللهم ان علمت في ولاتنا خيرا فأعنهم علي الخير ووفقهم له وان علمت غير ذلك اللهم فارحنا منهم وارحمنا فانت اعلم بهم منا