إيلا واستعباد الأحزاب المحاورة!

بدون أن يطرف له جفن عطل المؤتمر الوطني المجلس التشريعي بولاية الجزيرة وعلق جلساته في تجاهل تام للأحزاب الأخرى المشاركة في عضوية ذلك المجلس الأمر الذي يكشف أن الحال من بعضه وأنه لا فرق بين الوالي إيلا وحزبه في المركز فقد أثبت لنا هؤلاء أن (الوطني) يعتبر أحزاب الحوار مجرد (عفش) صحبة راكب أو كومبارس لزوم الديكور وتجميل الصورة والتباهي بالإنجاز غير المسبوق وليذهب الحوار الوطني الذي ظللنا ندندن حوله ومخرجاته إلى الجحيم !

أما الدستور المقسم عليه، وأما سراب المخرجات التي حسبناها ماء فقد انكشفت وانفضحت حقيقتها وتبين أنها مجرد وسائل لطق الحنك والتباهي بأن (العبقرية السودانية) أتت بما لم تستطعه أمم الأرض جميعاً من إعجاز لن يجود الزمان بمثله!

بالله عليكم ماذا فعل فرعون مصر الذي خلد القرآن الكريم طغيانه وجبروته واستعباده للناس حين قال على لسانه وهو يخاطب رعاياه المضطهدين :(ما أريكم إلا ما أرى).. أقول ماذا فعل أكثر مما فعل طواغيت المؤتمر الوطني وهم يتعاملون مع نواب المجلس التشريعي غير المنتمين لحزبهم باعتبارهم مملوكين (ملك يمين) للمؤتمر الوطني السيِّد على البلاد والعباد؟!

اللهم إننا (نحن أحزاب الحوار) نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على المؤتمر الوطني الذي أوهمنا زوراً وبهتاناً بأن المجالس التشريعية عبارة عن برلمانات حقيقية، وأن هناك تعددية سياسية اقتضاها الحوار الذي – قالوا لنا – إنه ما انعقد إلا ليؤكد على استيعاب أحزاب الحوار في العملية السياسية!

ما أسعد المعارضة الممانعة، وهي تفرك يديها شماتة بنا نحن الذين ظللنا نًحسن الظن ونُعلّق الآمال على العدم؟!

إيلا يخرج في حشد من أتباعه ليحرّضهم على (احتلال) المجلس التشريعي حتى يتوقف عن التدخل (في ما لا يعنيه) حتى ولو كان ذلك التدخل حقاً مكفولاً للمجلس بالدستور الذي لا يعني عند إيلا وحزبه غير أنه مجرد أوراق رخيصة لا تستحق غير التمزيق وسلة المهملات!

ثم يعطل المجلس التشريعي بمن فيه البرلمانيون التابعون للأحزاب الأخرى باعتبار أنهم جميعاً قطعان لا رأي لها ولا قرار!

قام إيلا المعين بطرد (19) من نواب حزبه الذي نحزن أن يتعامل مع قياداته بتلك الصورة المهينة لكننا نرفض أن يتعامل مع نوابنا بذات الطريقة ويحل المجلس ويعتبر النواب التابعين لنا داخله كما لو كانوا أصفارًا لا قيمة لهم ولا وزن أو كأن المجلس لا يضم غير عضوية المؤتمر الوطني.

أود أن أسأل مساعد الرئيس إبراهيم محمود: هل اتفقت معنا حين تم توافُقنا على تمثيلنا في المجالس التشريعية على أن نعتبر نوابنا أعضاء في حزبكم يحق لكم أن تفعلوا بهم وبالمجلس الذي يضمهم ما تشاؤون؟!

لعل الناس نسوا أن مما تضمّنته خارطة الطريق في آلية الـ(7+7) أن لا يجمع الوالي بين رئاسة الحزب وبين منصبه التنفيذي حتى لا يجمع السلطة السياسية والتنفيذية ويسخّر المنصب التنفيذي لخدمة حزبه السياسي بما في ذلك الشرطة والأمن الذين يكونون تحت سلطة الوالي ولكن!

هذه المرأة لا تستحي!

تيريزا مي رئيسة الوزراء البريطانية في استفزاز وتطاوُل واحتقارٍ واستخفاف موجع لمشاعر المسلمين قالت بكل قلة أدب: (على البريطانيين أن يفخروا بوعد بلفور)!

تيريزا مي تقول ذلك احتفاء بالخطاب المشؤوم الذي أرسله وزير خارجيتها آرثر جيمس بلفور قبل مائة عام وتحديدًا في الثاني من نوفمبر عام 1917، معلناً فيه موافقة بريطانيا على منح اليهود وطناً قومياً في أرض فلسطين.. تقول تلك المرأة المُتصهْيِنة ذلك بدلاً من أن تدُس وجهها في التراب خجلاً مما ارتكبته بلادها في ذلك اليوم الذي لطّخ وجه بريطانيا الاستعمارية بالعار.

تتبنى سليلة بلفور ذات الموقف في ظل انكسار عربي وإسلامي ربما لم يشهد التاريخ له مثيلاً هو الذي جعلها تسير في ذات الطريق الذي دشّنه سلفها البغيض زارعاً تلك الشوكة السامة في خاصرة الأمة وفي أرض الأنبياء وفي قبلة المسلمين الأولى ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومنطلق معراجه إلى السماء.

لو كان العرب في غير الحال المخزي الذي يتقلّبون في مستنقعه الآسن اليوم لما تجرأت تلك المرأة على ذلك القول ولالتزمت، على الأقل، الصمت لكن مصر ما عادت مصر صلاح الدين بعد أن احتلها الصهاينة، وباتت تُوجَّه بالريموت كونترول من تل أبيب، أما الدول الأخرى في عهد تولي إدارة ترمب الإشراف على المناهج التعليمية في بعض بلادنا فقد تُوُدٍّع منها.

أنها بريطانيا .. أعدى أعداء الأمة .. إنها بريطانيا التي جثمت على صدر بلاد المسلمين وسامتهم الخسف قديماً وحديثاً ..إنها بريطانيا التي احتلت السودان وزرعت فيه الجنوب رغم أنف أهل الجنوب والشمال حتى تُنهك الشمال في حرب ضروس أهلكت الحرث والنسل.

إنه عهد العلو الإسرائيلي، لكن ما يطمئننا أن هذا الدين ليس ملكاً للبشر المتقلّبين عبر التاريخ بين الارتفاع والتسامي والتحليق إلى عنان السماء في حضن الأرواح العلوية والتردي والتثاقل إلى الأرض والانبطاح إلى درك مستنقعات الوحل والطين.. إنه دين ربنا سبحانه فعندما انهارت دولة الإسلام بفسق ملوك وأمراء الدولة العباسية انتقلت الراية إلى بني عثمان في تركيا التي أرى أميرها الجديد أردوغان يطل من بين الركام ليعيد أمجاد أجداده وليصحح مسيرة التاريخ من جديد وليمسك بخطام الأمة لتعود إلى سالف عظمتها رائدة لهداية البشرية التائهة الحائرة البعيدة عن منهاج ربها سبحانه.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة

Exit mobile version