بعد الصدمة: مضت أربع سنوات وما زال يرفض الزواج بغيرها
عندما جلست إليه وقبل أن يحكي قصته تداعى لي من تعابير وجهه أنه يمر بحالة سيئة كان يحكي وبوجهه شيء من الأسى، الشاب (أ) يملك إحدى وكالات السفر لم يتخطى عمره الثلاثين بعد، يروي قصته لـ(كوكتيل) قائلاً: (أحببت ابنة خالتي التي تقيم مع أسرتها في ضواحي إحدى المدن، وكانت فترة دراستها في الجامعة سبباً في تقوية العلاقة بيننا وفور انتهائي من الجامعة طلبت من والدي أن يذهب معي لطلبها للزواج وعند سماع والدتي برغبتي هذه قالت لي (انت ما حاتعرس بنت خالتك دي!) وأتبعتها بعبارة كانت ضربة قاضية بالنسبة لي: (أنا رضّعت أخوها والبنت دي أختك بالرضاعة!)، لم أستوعب الأمر ولم أعطه أهمية وقمت بتحليل الأمر على أنه سبباً وهمياً اخترعته والدتي لكي تزوجني بمن ترغب، وفوراً غادرت إلى منزل خالتي وأخبرتهم إن لم يلحقوا بي سأتزوجها بدونهم وتم عقد قراني عليها في اليوم التالي بحضور والدي وعدد من الأقارب الذين لحقوا بي، وبعد مرور عامين عندما حان وقت ولادة زوجتي أخذتها إلى المستشفى ولكن فقدنا الجنين وبدأ الجميع يرددون جملة واحدة (دا عقاب ليكم) حينها قررت أن أستمع إلى تلك القصة التي اعتبرتها سبباً وضعته والدتي لتعرقل زواجي من قبل، وقد اكتشفت حقيقة الأمر وتم تأكيد هذا من قبل والدة زوجتي التي قالت: (كنت فاكرة أنك أخ لأخوها الذي رضع معك وليس أخاً لها) فيما اتفق الجميع على تحريم هذه العلاقة ولم يكن هناك خيار سوى الطلاق ونسيان كل الذي جمعنا تحت مسمى الزواج وتحويل هذا الرابط إلى أخوة.
(1)
حول الموضوع يرى علماء الفقه والعقيدة أن مثل هذا الزواج لا يصح، فإذا كانت خالتَه أرضعته أكثر من خمس رضعات مشبعات فإنها بذلك تكون أمه بالرضاعة، وكل أبنائها وبناتها أخوة له من الرضاعة سواء ابن خالته الذي رضع معه أو الَذين لم يرضعوا وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ويحرم عليه في تلك الحال الزواج من أخته كما في قوله تعالى في آية المحرمات من النساء: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)، وإن ثبت الإرضاع بشهادة عدل وإن تم الزواج بدون علم الأخوة فعليهم الانفصال، كما يجب البعد عن الزواج وإن لم يتم التأكد من عدد الرضعات درءاً للشبهات.
(2)
من جانبها أوضحت الباحثة الاجتماعية علياء الطريفي أن الحياة في الماضي كانت بسيطة وكان الناس أكثر قرباً وتواصلاً (كان الجار بيعرف منو الرضعت ومتين) لكن تغير الزمن وتباعد الناس عن بعضهم والذاكرة أيضاً أصبحت لا تسع كل المهمات الموكلة إليها بسبب كثرة ضغوطات الحياة؛ كل هذا زاد من إمكانية حدوث هذا النوع من الزواج، مضيفة (يجب على الأسر التنبه لهذا الأمر لما له من أهمية وما يسببه من أضرار من اختلاط أنساب وأضرار نفسية واجتماعية وقد يصبح الأمر أكثر سوءاً إذا رزقوا بأطفال حينها يصعب تنشئتهم تنشئة نفسيه سليمة، مواصلة (إن الذين يقعون ضحية هذا الزواج لا يتقبلون فكرة أنهم أخوة وأن عليهم الانفصال عن بعضهم ونسيان ما كان بينهم وإن على كل منهم تغيير مفاهيمه تجاه الزواج والعلاقات، إضافة للنفور والامتعاض الذي سيتملكهم بسبب أنهم كانوا (يعاشرون) بعضهم وهم أخوة فقد يصعب عليهم التأقلم مع هذا الوضع الجديد وتغيير الإحساس الذي جمعهم، وزادت (على الأسرة التي لا تعرف صعوبة هذا الموقف تجنب إرضاع أطفال الغير، أما إذا كانت تعلم عليها إخبارهم منذ صغرهم بأنهم أخوة حتى لا يقعوا في مثل هذا الخطأ الذي يكون سبباً في تشتت العديد من الأسر وفقد الروابط الأسرية).
تقرير: خولة حاتم
صحيفة السوداني