تحقيقات وتقارير

في الوطني والجيش والأمن التغييرات الأخيرة .. أكثر من تساؤل

شهد شهر فبراير الذي طوى آخر صفحات أيامه أمس تغييرات متسارعة في هياكل الحزب الحاكم والجيش والأمن أصدرها رئيس الجمهورية، وهي التغييرات التي يتوقع لها أن تتمدد في مقبل الأيام بحسب مراقبين لتشمل أجهزة أخرى خاصة الجهاز التنفيذي والذي ينتظر تغييراته الشارع السوداني في ظل التلميحات التي أطلقها نائب رئيس الحزب الحاكم الذي أت به تلك التغييرات، بجانب تغييرات متوقعة – بحسب المراقبين – في قيادة الشرطة أسوة بتغييرات قيادة الأمن والجيش وربما يصل التغيير إلى رئاسة البرلمان من خلال تعيين رئيس جديد.. التغييرات التي تمت على نحو مفاجئ ومتسارع خلقت أكثر من علامة استفهام خاصة وأنها جاءت متزامنة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بجانب تزامنها مع الصراع الخفي الذي ضرب صفوف المؤتمر الوطني حول اختيار مرشحه لانتخابات 2020م.

أول التغييرات

عودة الفريق أول صلاح قوش لإدارة الأمن خلفاً للفريق أول أمن محمد عطا، جاءت بمثابة الدهشة الكبرى للمراقبين مما جعل البعض يتساءل حول مغزى عودة رجل كان متهماً بالانقلاب على الحكومة لدرجة أنه تم اقتياده إلى سجن كوبر حبيساً، بيد أن تعيين قوش وجد قبولاً واسعاً من قبل أوساط الحزب الحاكم، وبعد استلام قوش لمهامه في الأمن أحدثت رئاسة الجمهورية عدة تغييرات داخل جهاز الأمن والمخابرات حيث تم إعفاء نائب مدير الأمن الفريق أسامة مختار وتعيين الفريق جلال الشيخ بديلاً عنه، ولم تتوقف التعديلات في جهاز الأمن والمخابرات الوطني عند هذا الحد حيث تم إعفاء مدير الأمن السياسي اللواء عبدالغفار الشريف ومدير الأمن الاقتصادي ومدير أمن المطار وهي تغييرات – كما يراها المراقبون – كانت بمثابة الثورة التصحيحية داخل جهاز الأمن والمخابرات الوطني.

استمرار العاصفة

لم يكتف رئيس الجمهورية بإعادة قوش لإدارة الأمن والمخابرات في إطار موجة التغييرات التي يقودها بنفسه حيث تم إعفاء المكتب القيادي للمؤتمر الوطني في اجتماع ترأسه المشير عمر البشير وإعفاء مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود حامد من موقعه وتكليف د. فيصل حسن إبراهيم بدلاً عنه وهو تعديل طال الجهاز التنفيذي والحزبي، بينما لوح دكتور فيصل بتعديلات مرتقبة في الحزب والحكومة غضون الفترة القادمة.

تغيير ثالث

أمس الأول (الثلاثاء) أصدر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قراراً جمهورياً قضى بإعفاء رئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن عماد عدوي من موقعه وتكليف الفريق أول ركن كمال عبدالمعروف بدلاً عنه بل طالت موجة التغييرات في رئاسة الأركان عدداً من الأسماء حيث غادرها الفريق أول يحيى محمد خير وآخرون. وتصدر قائمة الوافدين الفريق السر حسين. التغيير أيضاً كان حاضراً في هيئة الأركان وهو تغيير خلف أكثر من علامة استفهام خاصة وأنه جاء متزامناً مع التغييرات في إدارة الأمن وفي الجهاز التنفيذي.

تغييرات مرتقبة

يتوقع عدد من المراقبين استمرار عاصفة التغييرات في أجهزة الدولة. ويرى البعض أن جهاز الشرطة هو الأقرب لحدوث ثورة تغييرات خاصة وأن هياكله القيادية ظلت منذ أمد طويل راسخة في مواقعها، التغيير القادم لم يكن قاصراً على الجهاز الشرطي فحسب بل سيطال عدداً من الوزراء الحكوميين، كما أشار مساعد رئيس الجمهورية فيصل حسن إبراهيم بذلك وتوعد بتغيير في الوزراء والولاة والمؤتمر الوطني حيث من المتوقع إعفاء عدد من الوزراء والولاة غضون الأيام القادمة، بجانب إعفاء عدد من رؤساء القطاع في المؤتمر الوطني كذلك.

لماذا التغيير الآن؟

بالعودة للتغييرات التي تمت بصورة واسعة في جهاز الأمن والمخابرات الوطني وطالت عدداً من مدراء الإدارات مثل الإدارة السياسية والاقتصادية وأمن المطار عطفاً على إعفاء نائب المدير العام. هذه التغييرات ينظر إليها مدير جهاز الأمن السابق اللواء (م) إبراهيم نايل ايدام بأنها جاءت من أجل سد الثغرات مثل تلك التي حدثت في المطار حيث يتم تهريب الذهب بالإضافة لتزييف العملة من قبل مخابرات دولة أجنبية والارتفاع الجنوني في أسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني لذا رأت القيادة السياسية أهمية إحداث تغيير في جهاز الأمن باعتباره المسؤول الأول عن ما يحدث من تخريب في الاقتصاد السوداني لذلك جاءت هذه التغييرات. ويضيف إيدام (للصيحة) أن أسباباً أخرى أدت لحدوث ثورة التغييرات داخل جهاز الأمن الوطني منها المهددات التي تحيط بالبلاد في شرق السودان والاتجار بالبشر وقضية حلايب التي تحتاج لحلول أمنية – حد قوله – وطالب إيدام قيادة الأمن الجديدة بالمضي قدوماً في مكافحة الفساد والتصدي للمخربين ومحاسبة الذين قال إنهم أثروا ثراءً فاحشاً في السنوات الماضية. وختم بالقول: لابد من إرادة حقيقية لكنس الفساد والمفسدين.

إجراء روتيني

التغييرات التي طالت رئاسة أركان القوات المسلحة ينظر إليها أكثر من خبير عسكري بأنها إجراء روتيني إذ يرى اللواء (م) يونس محمود أن ما تم من تغيير في هيئة الأركان أمر عادي يحدث كل عامين حسب قانون الجيش. ويقول إن الأمر لا يفسر بأكثر من ذلك وتغيير هيئة الأركان أمر اعتيادي مضيفاً لـ(الصيحة) أن رئاسة الأركان المسلحة لا تتأثر بمغادرة شخص أو قدوم آخر لأن القوات المسلحة مؤسسة راسخة ومتماسكة وأن كل فرد فيها يقوم بدوره دون تقاعس. ويتفق إبراهيم نايل إيدام مع يونس محمود في رؤيته بروتينية تغييرات رئاسة الأركان المسلحة وأنه إجراء يحدث كل عامين ومن الطبيعي تصعيد أصحاب الرتبة التي تلي هيئة الأركان المنتهية مدتها إلى قمة الأركان.

تصحيح المسار

أما التغيير الذي حدث في المؤتمر الوطني من خلال إعفاء نائب رئيس الحزب وتكليف شخص آخر فيضعه عضو المكتب القيادي بالوطني الأمين دفع الله في إطار تصحيح المسار وإصلاح الحزب، مشيراً إلى أن ما يحدث أمر طبيعي يواكب مسيرة الإصلاح حيث يتم استبدال قيادات بأخرى وهذه سنة الحياة، منوهاً إلى أن الذين غادروا مواقعهم ليسوا عاجزين عن أداء مهامهم ولكن الأمر يصب في إطار الإصلاح والتغيير وتقويم المسار. ومضى بالقول: ستكون هنالك تغييرات كبيرة في الحزب والجهاز التنفيذي غضون الأيام الماضية من أجل الإصلاح وإتاحة الفرصة للوجوه الشبابية خاصة وأن المؤتمر الوطني حزب يذخر بالكودار القادرة على العطاء. وختم حديثه مع (الصيحة) بالقول إن ما حدث هو سنة الحياة سيغادر البعض ويأتي آخرون من أجل إصلاح الحزب وضخ دماء شبابية في شرايين المؤتمر الوطني.

الصيحة.