تحقيقات وتقارير

إيجابيات الإجازة الصيفية.. ينخرط هذه الأيام الأطفال في أعمال تجارية هامشية وهم يحملون سلعا يروجون لها في الطرقات وأمام الاستوبات

أغلقت المدارس أبوابها إيذانا بنهاية العام الدراسي وبداية العطلة الصيفية التي تعد مساحة مقدرة لراحة الطلاب من الإرهاق الذهني والأعمال المدرسية طيلة الأشهر الماضية، لكن تلك العطلة تجعل الأطفال في فراغ عريض، وتبدأ رحلة الأسر للبحث عن وسائل لملء الفراغ عبر الكورسات والمخيمات الصيفية وخلاوى القرآن والمناشط الرياضية في الأندية حتى يستفيد الصغار من الإجازة، ويضيفوا إلى حياتهم مهارات جديدة بدلا من قضاء الوقت في اللعب طول اليوم ومشاهدة القنوات الفضائية، والمعروف أن الأطفال في حاجة دائمه إلى الترفيه للتخلص من الكآبة والرتابة واستعادة التوازن بسبب الضغوطات التي تحدث لهم أثناء الدراسة.

لعل المخيمات الصيفية سانحة لملء الفراغ رغم أنها تتطلب رسوم باهظة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وبالتالي فإن الأطفال يتجهون للعمل كباعة متجولين لمجابهة الالتزامات ومساعدة الأسر، وتبرز هذه الظاهرة بشكل واضح بسبب وجود أعداد هائلة من أطفال المناطق المتاخمة للعاصمة الخرطوم الذين يتجولون في الشوارع الكبرى، وأحيانا يوجدون في المطاعم يستهدفون أماكن تقديم الأطعمة وبيع السندويتشات وآخرين بين السيارات عند إشارات المرور.

قيمة العمل
(اليوم التالي) نقبت في الظاهرة وأجرت عدداً من الاستطلاعات، وفي البداية التقت بالنور الصديق الذي يبلغ عمره (13) عاما قادم من ولاية الجزيرة يعمل بائعاً متجولاً في شوارع الخرطوم والاستوبات والأماكن العامة في تجارته الصغيرة من أجل كسب لقمة العيش الحلال من بيع المناديل والحلويات، متنقلا من شارع لآخر. وقال النور إنه يتخذ من البيع المتجول أو ما يعرف (الطاولة) يحملها على يديه وسيلة لعرض بضاعته التي يحلم بأن يطورها ليصبح تاجرا كبيرا في المستقبل، مبينا أنه اكتسب الخبرة في هذا العمل من أصدقائه وأبناء الجيران الذين يمارسون هذا النوع من التجارة، ويتقن النور فنونا كثيرة من الأساليب كالترويج لسلعته معتمدا في ذلك على نداءات وعروض كثيرة تظهر في جميعها ميزات البضاعة وطعمها ولونها ونوعيتها، كما أن له أسلوبا خاصا في التعامل مع زبائنه إن كانوا كبارا أو صغارا، فلكل منهم طريقته الخاصة في التعامل.

التجارة شطارة
وواصل النور حديثه قائلاً: أعمل لانتهاج أسلوب (التجارة شطارة) مبدأ أساسيا في عمله الذي كانت الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعايشها عائلته سببا رئيسيا لخروجه للعمل في سن مبكر ليوفر لإخوانه بعض المصاريف، مشيرا إلى أنه استطاع أن يوفر من أعماله المتجولة مستلزمات الدراسة كل عام. وقال إنه يفضل الاعتماد على نفسه، وليس على والده الذي تقدم به العمر، ويتباهى النور بالأغراض التي اشتراها من أرباحه التي تحصل عليها من تجارته البسيطة من ملابس وأحذية ومستلزمات أخرى للمدرسة.

نماذج عديدة
وتنحصر هذه التجارة بالنسبة للنور في عمر زمني قصير يمتد طيلة فترة العطلة المدرسية قبل أن يلتحق بالعام الدراسي الجديد ليمضيه في انتظار عطلة أخرى وتجارة أكبر. ويمثل النور نموذجا للكثيرين من الأطفال الذين صار وجودهم واضحا في الشوارع، وعلى جنبات الطرق وهم يحملون سلعا ويروجون لها كل بأسلوبه وعلى طريقته الخاصة.

 

 

 

 

الخرطوم – سارة المنا
صحيفة اليوم التالي