أم وضاح

حديث “علي الحاج” و”صديق”.. أبيض ورمادي


لن أجد وصفاً أكثر دقة أصف به حديث الأمين العام للمؤتمر الشعبي “علي الحاج” غير أنه حديث مسؤول ينصب في خانة الوطنية المجردة من الهوى والغرض والطمع، حيث قال الرجل في مؤتمر صحفي أمس الأول (الإثنين)، إن حزبه ملتزم بالدفاع عن الحكومة والمساهمة في تثبيتها وعدم الانسحاب منها، مشيراً إلى أن المسؤولية الأخلاقية تقتضي عدم القفز من السفينة حتى في حالة الغرق، مضيفاً لن ننسحب من الحكومة وسنثبتها بالرأي السديد وبالجرأة وتقديم النصح والوعظ والبرامج لحل المشكلات، وهذا الحديث برأيي يستحق أن نرفع له القبعة تقديراً واحتراماً، لأن المعارضة الواعية لمتطلبات الاستحقاق الوطني وهي استحقاقات مبنية على الشفافية والصدق مع الذات والترفع عن المغانم والمطالب وأطماع قسمة الثروة والسلطة وهي للأسف أطماع قدمتها كثير من أحزاب المعارضة قبل مصلحة الشعب السوداني، لذلك فاوضت عليها واستبسلت في مكاسبها ونست أصل القضية أو باعتها بمعنى أصح، لذلك فإن حديث “علي الحاج” في هذا التوقيت وفي هذه الظروف حديث يستحق أن يتوقف عنده التاريخ متأملاً معناه ومغزاه، لأنه ليس مبنياً على موقف ضعف أو انكسار، بل العكس يقفه حزب المؤتمر الشعبي وحكومة المؤتمر الوطني في زنقة لا يعلم بها إلا الله، كان يمكن أن يستغلها حزب “علي الحاج” لتصفية حساباته الجديدة والقديمة وهز الأرض تحت أقدام الحكومة وحزبها!!
الغريب والعجيب أنه في ذات توقيت حديث “علي الحاج” الداعم والمتفائل بخطوة حل حكومة الوفاق، صرح القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف” تصريحاً اعتبره من نوع كسير المجاديف أو وضع العصي بين العجلات، حيث قال إن تقليص الوزارات إلى (٢١) وزارة فقط هو مجرد كلام معسول، ووصف التقليص بأنه حيوفر شوية قريشات لكن الأزمة الاقتصادية أكبر من تقليص كم وزير، ونحن ما اختلفنا في أن الأزمة الاقتصادية كبيرة وعميقة.. لكن (تدبيس معدة) الحكومة المترهلة هو بداية المشي في التراك الصحيح، وكأن “صديق يوسف” لا عايز يرحم ولا عايز رحمة رب العالمين تنزل علينا، ولو أن الرجل وحزبه بادر بتقديم مقترحات وأطروحات وبرامج لحل الأزمة الاقتصادية لسجل الحزب الشيوعي موقفاً للتاريخ بدلاً من هذا الحديث المحبط المبني على معارضة لا تجدع لا تجيب الحجار ومنتظرة “دار أبونا تخرب عشان تشيل منها عود”.
وهو حديث قصد منه تبخيس الخطوة التي أقدم عليها الأخ الرئيس، لأن تقليل الإنفاق الحكومي مقدمة لخطوات إصلاحية في الاقتصاد، لا سيما وجميعنا نعلم كم تكلف هذه الكراسي الخزينة العامة من صرف تجاه المخصصات والرواتب والنثريات، وكله على قفا المواطن السوداني الذي يتحمل ما لا طاقة له به، ويفوق بذلك صبر الصابرين.
الدايرة أقوله إننا بقدر ما نحتاج لحكومة فاعلة وجادة وعازمة على صناعة التغيير، نحن أيضاً نحتاج لمعارضة واعية ومسؤولة ومتعاونة لديها برامج وخطط أولويات على رأسها مصلحة ومنفعة الشعب السوداني وليس كرسي السلطة وتوابعها.
}كلمة عزيزة
وصف بعض الزملاء الذين لبوا دعوة نائب الرئيس السابق “حسبو عبد الرحمن” للعشاء الذي سبق حل حكومة الوفاق الوطني، وصفوا الجلسة بالأريحية وكيف أن نائب الرئيس تحدث عن برامج مستقبلية وقبلها بيوم حدد مجلس الوزراء جلسته القادمة بميقات مكاني هو مدينة الأبيض، وواضح من خلال الحدثين أن الأمور على مستوى الرئاسة ومجلس الوزراء كانت تسير كالمعتاد وليست هناك إرهاصات لحل الحكومة، وواضح جداً أن الرئيس اتخذ الخطوة بشكل مباغت ومفاجئ لتقديرات وحده يعرف أبعادها وأسبابها.
}كلمة أعز
قبول الأخ “معتز موسى” للتكليف في هذا الوقت وهذه المرحلة سلاح ذو حدين، والرجل المجاهد يعلم أن المهمة صعبة والتحديات عظيمة والتاريخ يتربص به لكتابة كسبه وجهده ونجاحه وصعود نجمه أو لا قدر الله، فشله، ومن ثم دخلونا في دوامة إحباط جديدة.

صحيفة المجهر السياسي


تعليق واحد

  1. الخطوة جادة التى اقبل عليها الرئيس وتحديات كبيرة للاخ معتز ولكن لابد من تغيير فى السياسات لان تقليص الوزارات وحده ليس بالكافى