جهنم !!

*أو بتعبير آخر…. الجحيم..

*ودانتي يحاول رسم الجحيم هذا – شعراً – في ملحمته الشهيرة (الكوميديا الإلهية)..

*وتخيل نفسه قد مكث يومين هناك… رأى خلالها أهوالاً..

*وسارتر لديه مسرحية اسمها (الجحيم هو الآخرون)… حين يكون الآخر مؤذياً..

*ففي رأيه أن الجحيم هنا في الدنيا… وهو يكفي..

*وكاتب هذه السطور ما زال يرتجف عند تذكره تمثيلية الجحيم..

*فقد شاهدها – طفلاً – أثناء ليلة ثقافية أقامها مركز شرطة كريمة…نعم الشرطة..

*وأسير الخليفة نيوفلد كتب عن جحيم فظيع…بسجن (الساير)..

*وفي رأيي إنه بزَّ كلاَّ من دانتي… وسارتر… وبوليس كريمة ؛ وصفاً للجحيم..

*ففي داخل السجن حجرة يُطلق عليها اسم (أم حجر)..

*ويُحشر فيها مساء كل يوم ما بين مئتي وخمسين إلى ثلاثمئة… من السجناء..

*وكثير منهم كانوا من أسرى الخليفة… أو معارضيه..

*وجميعهم مكبلون بسلاسل… أغلال… جنازير… ومكيات ؛ من الأقدام للأعناق..

*وفي يوم جيء بأسير مصري… هو فوزي باشا..

*وأُحكم ضرب الحديد على رجليه فوق المعتاد – بأوامر عليا – فتورمتا مساءً..

*وكان أول من أُدخل (أم حجر)… مغشياً عليه..

*ثم أُهيل عليه الفوج الأول من (الجتت)… وهو الوصف الأصدق لكتل الجلد والعظم..

*وكان نيوفلد قدم وصفاً لأم حجر هذه – ولياليها – في فصل سابق..

*فالجالس فيها مقتول… والصارخ مضروب… واللاعن مفقود..

*وصباح كل يوم تُلقى في النيل جثث من ماتوا اختناقاً… أو مرضاً… أو (عفصاً)..

*ولكن العدد لا ينقص أبداً…فآخرون يحلون محلهم دوما..

*ولما سمع نيوفلد من موقعه أنين فوزي أسرع نحوه… يضرب يميناً ويساراً..

*ووجه ضربه بضرب مماثل… واشتعلت أم حجر ضرباً في الظلام..

*ثم اشتعلت شرراً مع حشر عشرين آخرين… مشعَّبين..

*والمشعَّب هو الذي عنقه بين شقي فرع شجرة… أو جزعها ؛ وبالكاد يتنفس..

*فذاك كان ضرباً من ضروب التعذيب في (قانون) الخليفة..

*ولكنه ولا شيء إلى جانب (بنت أم حجر)… وهي زنزانة أخرى صغيرة للإعدام..

*وفيها مات أعز (أصدقاء) الخليفة… وأهم (قواده)..

*مات فيها – جوعاً وعطشاً – الزاكي طمل… وحسين زهرة… وأحمد القاضي..

*فبابها حين يُغلق لا يُفتح إلا لإخراج الجثة… متيبسةً..

*أما الشرر فكان نتاج الضرب بأعواد مشتعلة بغرض إفساح مجال للقادمين..

*وظن فوزي أن تلكم النار هي نار جهنم… وأنه قد مات وبُعث..

*ولكن هناك جحيماً (آنياً) أفظع من هذه النماذج..

*وذلك حين تشاهد – داخل صيدلية – دموع شيخ جراء عجزه عن شراء دواء..

*وعندما تنشد مسح دموعه هذه تفاجأ بعجز فلوسك أنت نفسك..

*عجزها حتى عن دوائك… دعك من دواء المسن..

*فتجد نفسك في (جهنم الحمراء ذاتها) !!!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version