واحد (مظبوط) !!

*أرغب في رياضة المشي كلما مشيت القاهرة..

*أما هنا في الخرطوم فلا (أحس) بمثل هذه الرغبة أبداً..

*وربما السبب هو (الإحساس) بنظافة الأمكنة… والشوارع… والأجواء..

*فبعد نحو ساعة من المشي أعود نظيفاً كما خرجت..

*لا الملابس يعلق بها غبار… ولا الحذاء… ولا الوجه والعينان والشعر..

*وحين أفعل الشيء ذاته هنا (أحس) بأني عدت من المقابر..

*وفضلاً عن ذلك هناك ميزة (إحساس) الناس بأن ما تفعله أمرٌ عادي..

*لا أحد ينظر إليك شذراً… ولا عجباً… ولا فضولاً..

*هنا لا تسلم من ألسنة الناس – وأعينهم – إلا عندما (تسلِّم ) نفسك لتجاويف دارك..

*وعقب المشي – بالقاهرة – أجلس في مقهى تحت العمارة..

*وما أن يراني النادل حتى يصيح صيحته المعروفة (عندك واحد مظبوط)..

*فتأتي الابتسامة… والقهوة (أم وش)… وكوب الماء النظيف..

*والابتسامة هذه قل أن تجدها في مقاهينا وإن كنت زبوناً دائماً… لا عارضاً مثلي..

*وهذا بعض جميل الإحساس الذي نفتقده في بلادنا..

*حتى وإن كان إحساساً كاذباً فهو حتماً أفضل من (تكشيرة) صادقة..

*كم مرة تستمع لعبارات ذات إحساس خلال يومك؟..

*عبارات من قبيل شكراً… ومن فضلك… ولو سمحت… وآسف جداً؟!..

*وكم مرة تقولها أنت نفسك أثناء اليوم… داخل بيتك وخارجه؟..

*وفي اعترافات امرأة سودانية أن من مزايا زوجها شكره لها عند خدمته..

*فما أن تلبي له طلباً حتى يُسمعها عبارة (شكراً جزيلاً)..

*وعندما تأتي له بواحد قهوة (مظبوط) تجد في انتظارها واحد إحساس (مظبوط)..

*فالزوجة ليست ملزمة – ديناً – بخدمة زوجها..

*ونادل قهوتي بالقاهرة غير ملزم – عملاً – بالتبسم في وجهي مع رقيق التحايا..

*فليس من الذوق – إذن – عدم رد الإحساس (بأظبط) منه..

*والشعوب التي تضبط نفسها إزاء سياسات الإفقار على قادتها رد الجميل (ضبطاً)..

* (ضبط) ألسنتهم تجاهها… وهذا أضعف (الإحساس)..

*والسيسي مارس إحساساً (مضبوطاً) حيال شعبه أيام الأزمة..

*شكرهم على صدق (إحساسهم) بالوطن… وآلامه… وآماله… وتحدياته… ومستقبله..

*قال : تألمنا معكم… وجعنا معكم… وسنشبع – ونفرح – معكم..

*وبالفعل تجاوزت مصر أزمتها الاقتصادية سريعاً… وشبع الجنيه من بعد جوع..

*ومنتخبها يحقق انتصارات الآن في بطولة إفريقيا بهذا الإحساس..

*إحساس أن مصر أولاً ؛ لا أهلي… لا زمالك… لا إسماعيلي..

*فهل أحسسنا نحن بمثل هذا (الإحساس) لدى لاعبي فريقنا القومي… قريباً؟!..

*بل هل توجد (أحاسيس مضبوطة) في بلادنا أبداً؟!..

*حتى ساعاتنا كانت غير (مظبوطة) – حتى وقت قريب – على إيقاع الزمن العالمي..

*ونظل دوماً نفتقر إلى (واحد إحساس مظبوط !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version