سياسية

وول ستريت جورنال: السودان والجزائر أسقطا الطغاة.. ما المنتظر؟

يقول الكاتب وولتر راسيل ميد -في مقال بصحيفة ذي وول ستريت جورنال الأميركية- إن السودان والجزائر أسقطا الطغاة، غير أن التجربة تعلم المرء ألا يتوقع الكثير، ويضيف أن العالم العربي يشهد ربيعا آخر ومجموعة أخرى من الأزمات السياسية أدت للإطاحة بحاكمين مستبدين بعد فترة طويلة من “انتهاء صلاحيتهما”.

ويشير إلى أن النخب الحاكمة الحزبية في كلا البلدين -التي ظلت معزولة لعقود وبعيدة عن الضغوط السياسية باستثناء المؤامرات الخلفية- تتدافع الآن لإرضاء الحشود الغاضبة من المحتجين دون أي فكرة عن كيفية القيام بذلك.

ويمكن للمرء أن يستذكر معاني نظرية التنمية وتعزيز الديمقراطية -كما يشير الكاتب- موضحا أن ما تحتاجه المنطقة يتمثل في الإصلاح الاقتصادي والانفتاح السياسي.

ويشير أيضا إلى أن الضغط الاقتصادي والاجتماعي المتراكم -الذي يشبه الموجات المتقلبة للصخور المنصهرة تحت القشرة الأرضية- يهدد بإغراق أو ابتلاع الأنظمة الاجتماعية المختلة التي سادت مرحلة ما بعد الحقبة الاستعمارية بدول من باكستان إلى شمال أفريقيا، ويرى أنه لا أحد في المنطقة أو الغرب لديه أدنى فكرة عما يجب القيام به حيال ذلك.

ضغوط وافتقار
ويقول الكاتب إن النخب السياسية في المنطقة تفتقر إلى الكفاءة التقنية والتماسك السياسي والشرعية العامة والأخلاقيات المهنية اللازمة لفرض الإصلاحات اللازمة وإنجاحها.

كما أن المتظاهرين في الشارع يفتقرون إلى التنظيم والخبرة السياسية والوضوح الأيديولوجي والمعرفة التقنية التي ستحتاجها طبقة حاكمة جديدة.

ويشير إلى أن هناك عوامل تمثلت في أعداد متزايدة من السكان وفي عائدات النفط الخام الراكدة أو المتراجعة وفي الآثار التراكمية للفساد وقرارات الاستثمار الضعيفة، وكلها اجتمعت فأوجدت خللا اقتصاديا واجتماعيا على نطاق واسع.

وتفقد الحكومات في المنطقة قدرتها على تجنب يوم الحساب -حسب الكاتب- وذلك من خلال إعطائها المزيد من الإعانات أو توفيرها لعدد قليل من فرص العمل الأخرى لتثبيط الحافة الحادة للسخط العام.

خيارات محدودة
ويضيف الكاتب أنه -ولفهم الخيارات المحدودة وغير السارة التي يواجهها الغرب اليوم بالشرق الأوسط- فإنه ينبغي للمرء التخلي عن الوهم إزاء كيفية علاج أمراض المنطقة.

والمزيج الغربي من إدارة التكنوقراط والابتكار في السوق والسياسة الديمقراطية الوسطية والليبرالية الاجتماعية ستعمل بشكل جيد للبقاء -يقول مقال الصحيفة- حيث تم تأسيسها بالفعل، غير أنه لا يوجد في الوقت الحالي الكثير الذي يمكن القيام به للمناطق المتخلفة.

ويضيف المقال بأنه يتعين على الشرق الأوسط أن يجد طريقه الخاص، وأنه على الرغم من أن بعض المجتمعات مستعدة بشكل أفضل من غيرها للقيام بذلك فإنه لمن المرجح أن تكون العملية مؤلمة وطويلة الأمد.

ويقول كذلك: لن تكون هناك وظائف كافية للشباب في المستقبل المنظور، وستفشل الحكومات في توفير الإنجاز السياسي الذي يسعى إليه المتعلمون، وسوف تتألق معالم الحياة في الغرب بشكل مثير للدهشة، لكن لا أوروبا ولا أي مكان آخر سوف يقبل طوعا بأي شيء مثل أعداد الأشخاص الذين يسعون للهجرة.

الغرب والهجرة
وحسب المقال فإن أقلية فقط من الشباب هي التي ستصل إلى الغرب، وأما الغالبية فستعرف الغرب عبر هواتفها الذكية، وأما ثراء الغرب والفرصة بالوصول إليه فستبقى بعيدة المنال.

ويقول أيضا إنه في ظل الإحباط سيتوجهون إلى التعصب الديني والسياسة الثورية والمخدرات في وقت يسعون لتغيير حياتهم أو لتسكين آلامهم على أقل تقدير.

وستنفجر حالة عدم الرضا الملتهبة في الشرق الأوسط بين حين وآخر عبر طبقات مؤسسات الحكم القمعية، هكذا يقول الكاتب.

ويقول أيضا إن تجربة أوروبا مع كل من سوريا وليبيا تقدم دروسا صعبة إزاء الشرق الأوسط الجديد الذي تهيمن عليه المشكلات التي لا يمكن حلها أو تجاهلها.

تهديد الغرب
ويضيف المقال أن انهيار النظام المدني في الجزائر من شأنه أن يشكل تهديدا كبيرا لباريس خاصة على أمن إمدادات الطاقة وسلامة حدودها وسلامة شوارعها، ومع ذلك لا تستطيع فرنسا تحقيق الاستقرار في الجزائر، فهي تناضل من أجل استقرار نفسها.

حكام مستبدون
وينبغي للمرء فهم التجارب السياسية في مصر والسعودية أيضا -كما يوضح الكاتب- وأنه يبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان قررا أنهما لا يستطيعان الحكم على بلديهما من خلال تبني قيم ومؤسسات الديمقراطية الغربية المعاصرة.

ويضيف المقال أنهما (السيسي وبن سلمان) يتبعان إستراتيجية كتلك التي كان يتبعها الحكام المستنيرون المستبدون عبر التاريخ.

ويتساءل: هل سينجح الطغاة المستنيرون بالشرق الأوسط؟ ويجب بأنه ربما لا، ففي بعض الأحيان يفشل التنوير وكل ما يتبقى هو الاستبداد.

ويضيف بالقول إن الاستبداد أيضا قد يفشل، تاركا المزيد من الدول تتبع المسارين السوري والليبي نحو الهمجية والفوضى.

ويستطرد بأنه يمكن للمراقبين الغربيين في كثير من الأحيان أن يستنكروا القمع الذي يفرضه المستبدون الجدد، لكن ليس لدى الغرب حلول لهذا العَرَض.

ويختتم المقال بأن الغربيين قد لا يحبون ما يفعله هؤلاء الحكام، لكنهم لا يعرفون حقا ما يجب عليهم فعله بدلا من ذلك.

الحدث الاخبارية