الفاتح جبرا

متشائل


العبدلله لم يكن متفائلا بأي اتفاقية تتم بين قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري؛ وذلك لسبب بسيط للغاية وهو أن هذا المجلس مجلس غادر، استباح دماء أولادنا بدون رحمة، على الرغم من تطمينه لهم بأنه لن يستخدم أي قوة لفض الاعتصام، ومن يقوم بقتل شباب هذه الأمة – غيلة وغدرًا، بهذه الصورة البشعة – لا يرجى منه خيرٌ أبدًا، بل يُتوقع منه الشر في أي وقت كان. نعم، مجلس مثل هذا لا يؤتمن على العهود والمواثيق، وهذه حقيقة (مرة) يجب التعامل معها كواقع ماثل أثبتته الأيام.

على الرغم من هذه التحفظات، إلا أن الواقع يقول إنه يجب الانصياع في هذه المرحلة من تاريخ بلادنا إلى القاعدة الأصولية التي يستخدمها الفُقَهاء والمُجتَهدون، والتي يمكن استخدامها في كافة أوجه الحياة الأخرى، والتي تقول: “ما لا يدرك كله فلا يترك جله”، إذ لا يَجدُرُ بِنا التَّخَلي عَن أمرٍ ما لِمُجرَّدِ أَنَّنا لَمْ نُدرِكه كُلَّه، فلو أدركنا أكثَرَهُ (أو جزءًا منه) كان خيرًا أيضًا ، وبهذا المفهوم نعتقد أن هذا الاتفاق – الذي – تم يعد أحسن الخيارات المطروحة في ظل هذه الظروف التي نعلمها جميعًا (وما عايزه ليها شرح) ويكفي أنه ينقلنا من هذا المربع إلى مربع آخر.

لقد عمل هذا المجلس – وبكل ما أوتي من قوة – على القضاء على آمال هذا الشعب وتطلعاته في حصد ثمار ثورته التي رواها أبناؤه بدمائهم الطاهرة، فعمل دون خجل أو وجل كامتداد لنظام الإنقاذ القميئ مستخدمًا كل ما يملك من مكر ودهاء وكذب وغش وخداع وبطش حتى لا يتم القبض على مجرمي ولصوص الإنقاذ والتحفظ على ممتلكاتهم، كما عمل على الإبقاء على أجهزة (الإنقاذ) ومليشياتها وسدنتها في كافة المؤسسات، لذلك لو أن التوصل إلى هذا الاتفاق من شأنه فقط أن يوقف هذا العبث وهذه الخيانة لمطلوبات الشعب لهو خير، ولكن يبدو أن الطريق سوف يكون شاقًّا وممتلئًا بالأشواك في ظل ولاء المجلس التام للنظام المدحور، مما يلقي على حكومة مجلس الوزراء القادمة مهمة عسيرة في تحقيق هذه المطلوبات بموجب الصلاحيات التي تمنحها لها (الاتفاقية) وأي (كده وللا كده) فإن الشعب حاضر ويقظ ومراقب جيد لما يحدث (والشارع طوااالي) .

لن يهدأ لهذا الشعب بالٌ إلا بقيام دولة مدنية ترتكز علي القانون وتقود إلى البناء والتعمير والنهضة بإنسان هذه البلاد الذي صبروظل يعاني لحقب طوال، لن يهدأ لهذا الشعب بالٌ حتى تتم إعادة كل ما نهبه (الفاسدون) من أموال وممتلكات داخل وخارج السودان، كما لن يهدأ لهذا الشعب بالٌ حتى تتم محاكمة كل من سفك دمًا وقتل نفسًا بغير حق؛ وذلك عبر القانون بواسطة منظومة عدلية (نظيفة) وموثوقٍ بها، لن يهدأ لهذا الشعب بالٌ ما لم تعد قواته المسلحة قوية (دون ند) وقادرة على حماية الوطن أرضه وبحره وسمائه، وما لم تعد شرطته وبقية أجهزته النظامية الأخرى في خدمة (الشعب)؛ لا قمعه وقهره وإذلاله، ولن يهدأ لهذا الشعب بالٌ حتى يعم السلام كل ربوعه.

مع أن تحفظاتنا و(تخوفاتنا) على هذا الاتفاق تستند إلى الموضوعية، غير أننا نتمنى أن تكون المرحلة القادمة مرحلة تأسيس لديموقراطية مستدامة وفاءً لدماء الشهداء بتحقيق ما كانوا يحلمون به، وإلى أن يحدث ذلك فالعبدلله (متشائل) كما جاء في رواية الأديب الفلسطيني (إميل حبيبي)!

كسرة:
هل من يعيد لتلفزيون السودان رشده؟

كسرة ثابتة :
• فليستعدَّ حرامية هيثرو وبقية القتلة واللصوص.
• أخبار التحقيق في مقتل الأستاذ أحمد الخير شنوووووو؟

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة


‫2 تعليقات

  1. خليك متفائل وإحتفظ (بتشائلك) لنفسك على الأقل في هذه المرحلة

    ربما يكون المجلس العسكري ايضا تمت خيانته من قبل الثورة المضادة فيما يخص فض الإعتصام وقتل الثوار ، علما بأن ذلك لن يعفيه من مسئوليته تجاه القتل ولكن على أقل تقدير تكون له الشجاعة بتقديم المتورطين للعدالة

    من الأفضل للمجلس العسكري أن يكسب ود الحرية والتغيير ويعمل على الشراكة معهم للخروج بالسودان لبر الأمان وللتكفير عن الأخطاء التي إرتكبها المجلس في الفترة الماضية

    أهم شيء في الوقت الراهن الناس تبعد عن الأحداث السلبية والتصريحات المشاترة

  2. اتمني للسودان دوام التوفيق ويولي من يصلح ، لدي اقتراح بسيط بان يكون بدلا من رئيس الجمهورية في المستقبل مجلس سيادي يتكون من 5 افراد 3 مدنيين و 2 من العسكريين هم وزير الدفاع ووزير الداخلية وبنفس الصلاحيات الحالية وبرئاسة مدنية منعا للانقلابات المتكررة بعد كل ثورة ويكون تشريفي كالنظام الملكي البريطاني ، وان يضمن في الدستور كل شخص يحق له الحكم دورتين رئاسيتين سواء في مجلس الوزراء او المجلس السيادي كالنظام الامريكي وان لايترشح للابد ، مجرد راي