استشارات و فتاوي

حكم العمل عند شخص ماله حرام .. الأزهر: يجوز في هذه الحالة


حكم العمل عند شخص ماله حرام .. سؤال أجاب عنه سعد موسى، مدير عام الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، منوها بأن الذي يعمل في مكان ويعلم أن صاحب العمل ماله حرام فالأولى ألا يترك العمل ويبحث عن أماكن أخرى يعمل فيها.

وأضاف مدير عام الدعوة، في فتوى له، أنه علم هذا الأمر بعدما مرت عليه فترة معينة فعليه أن ينظر إلى حاله فإن كان لديه عمل أخر فليذهب إليه وإذا كان في تركه للعمل الذي فيه مضيعة له ولأهله ومن يقوم على نفقتهم فيجوز له الاستمرار فيه.

واستشهد بقول الله تعالى: “فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

وأشار إلى أنه في حال استمراره في العمل مضطرا لذلك عليه أن يكون حريصا على البحث عن عمل أخر بالحلال ويذهب إليه في المستقبل.

أهمية الأكل الحلال في استجابة الدعاء:
فأخرجَ الإمامُ مسلمٌ في «صحيحِهِ» بسندِهِ عن أبي هريرة –رضوان الله عليه- قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء،ِ يَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟!»

هذا الحديثُ العظيمُ الصحيحُ يُرَكِّزُ على أصلٍ خطيرٍ في دينِ اللهِ ربِّ العالمين وهو أكلُ الحلالِ، ويُحَذِّرُ مِن خطورةِ أكلِ الحرامِ، ويجعلُ الربطَ مباشرًا بين أكلِ الحلالِ واستجابةِ الدعاء، ويُبيِّنُ أنَّ أعظمَ قواطعِ الدعاءِ وموانعِهِ هو أكلُ الحرام.

إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ، فلا فارق، فهذا الأمرُ عامٌّ شاملٌ بلا فوارق، أمرَ اللهُ ربُّ العالمين بأنْ يأكلوا مِن الطيِّباتِ ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾، وانظُر إلى التتابعِ الذي ذكرَهُ اللهُ –جلَّت قُدرتُهُ- في نظمِ الآية؛ إذ رتَّبَ العملَ الصالحَ على أكلِ الحلالِ الطيبِ، فلا يُعينُ على العملِ الصالحِ مِثلُ أكلِ الحلالِ ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾.

وأمرَ اللهُ ربُّ العالمين المؤمنين بأنْ يأكلوا مِن الطيباتِ من الحلالِ، ثم ذكرَ النبيُّ ﷺ «الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء،ِ يَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ»، فأتى بأمورٍ هي مِن دواعي إجابةِ الدعاءِ، بحيث إذا ما استكملَهَا المرءُ استجابَ اللهُ ربُّ العالمين دُعاءَهُ:

«يُطيلُ السَّفَرَ»: ومِن الثلاثةِ الذين ذكرَ النبيُّ ﷺ أنهم لا تُرَدُّ دعوتُهُم المسافرُ حتى يئوب، المسافرُ حتى يعود، فهذا يُطيلُ السفرَ.

«أشعثَ أغبرَ» على هيئةٍ فيها اتِّضَاعٌ لعزةِ اللهِ وفيها مذلةٌ لجنابِ اللهِ، فهذا يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ.

«يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ»، وهو أمرٌ مِن دواعي إجابةِ الدعاء إذ يُلِحُّ في الدعاءِ بوصفِ الربوبيةِ للهِ ربِّ العالمين، يا ربِّ يا ربِّ يُكَرِّرُهَا، يتذللُ بها إلى اللهِ –جلَّت قدرتُهُ-.

ولكنْ يأتي قاطعٌ عظيمٌ مِن قواطعِ الدعاء، يقولُ النبيُّ ﷺ في وصفِ الرجلِ الذي ذكرَ النبيُّ ﷺ مِن إتيانِهِ بدواعي الإجابةِ –إجابةِ الدعاءِ- بما أتى به مما يفتحُ له أبوابُ السماءِ بلا إغلاقٍ ولا مواربة، وبلا تريُّثٍ ولا بطءٍ، ومع ذلك يقولُ الرسولُ ﷺ في وصفِهِ: «وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى -فَكَيْفَ- يُسْتَجَابُ لَهُ؟!»

الثمراتُ الخبيثةُ لأكلِ الحرامِ:
أكلُ الحرامِ يُثْمِرُ هذا الثَّمَرَ الخَبِيثَ، وهو قَطْعُ الدعاءِ فلا استجابة، ولو ظَلَّ يَدْعُو حتى تَفْنَى نَفْسُهُ في الدُّعَاءِ لا يُستجابُ له، ولو مَدَّ يدَهُ إلى السحابِ إلى عَنَانِ السماءِ وهو يأكلُ مِن الحرامِ، في بطنِهِ الحرام، وعلى ظَهْرِهِ الحرام، يُكْسَى مِن الحرام، وفي بَيْتِهِ الحرام لا يُستجابُ له.

أكلُ الحرامِ يُثمرُ ثمرًا آخرَ خبيثًا مُرًّا، وهو ما ذكرَهُ النبيُّ ﷺ في الحديثِ الصحيحِ: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ على الجنةِ كلَّ لحمٍ نَبَتَ مِن سُحْتٍ، كلُّ لحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ -مِن حرام- فالنارُ أَوْلَى به».

كيف يكون الدعاء مستجابًا؟
الإخلاص لله تعالى من شروط الدعاء المستجاب كما نص على ذلك العلماء، والإخلاص هو التوجه إلى الله وحده لا شريك له، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وألا نسأل غير الله؛ لأنه هو القوي الواسع المحيي الرزاق ولأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، وأول شرط من شروط القلوب الضارعة هو الإخلاص، موضحًا أن الضراعة هي التوجه والسؤال والطلب والدعاء والخوف.

صدى البلد