الطاهر ساتي

الاكتشاف بالصُدفة..!!


* ومن الوقائع، في العام 2014، قيل إن إحدى البواخر بصادِر ماشية، شاهد أحد العاملين بالسفينة خروفاً يتبول، ولكن واقفاً بوضع (نعجة).. فالذكَر يكون واقفاً بوضعه الطبيعي عند التبول، ولكن الأنثى تُباعد القدمين الخلفيتين عن بعضها، ولذلك صاح العامل: (الخِرفان دي مزوّرة).. وقد صدق، إذ تمّت إعادة فحص لكل الشحنة، لتكتشف السلطات أن أكثر من سبعين خروفاً هي في الأصل (نعاج)، ولكن بعملية- أسمتها السلطات بعملية تجميل – تم لصق أعضاء ذكورية في (النعاج)، بحيث تبدو (خرافاً).. هكذا كان الحدث بسواكن..!!

* بالصُدفة وحدها تم اكتشاف تلك الحادثة.. أي رغم كوادر المحاجر وأجهزتها، لو لم تتبوّل الماشية – في تلك اللحظة – أمام العامل، لِما تمّ ضبط عملية تجميل إناث الماشية بغرض التهريب.. وهكذا أيضاً حال وزارة الصحة مع فيروس كورونا..

ما حدث مُعيب للغاية، وكشف أن أداء الوزارة أخطر من الداء.. رحمة الله عليه، لو لم يمُت المواطن، بعد أسبوع من زيارته للإمارات، وبعد تجوال واسع في المشافي وشوارع الخرطوم، لما أعلنت الوزارة أنه مات مُصاباً بالكورونا.. لو كانت الوزارة جاهزة لكشف حالات الإصابة، لاكتشفت أجهزتها – بالمطار أو مرافقها بالخرطوم – هذه الحالة ثم عزلها، لحين العلاج أو الموت..!!

* والأدهى والأمر أن الوزارة ظلت تتباهى – طوال الأسابيع الفائتة – بغُرف طوارئ وعزل لم تستقبل هذه الحالة ولم تعزلها عن الأسرة والجيران.. في الخاطر قصة رجل لم يفعل شيئاً غير فصل التيار الكهربائي عن جسد جارته، ثم أخبر الجيران بوفاتها.. ثم ظل يتباهى في صالون العزاء بتفاصيل الحادث: (أنا لحقتها في آخر لحظة، أنا جازفت بحياتي عشانها، أنا ..أنا..)، فقاطعه أحدهم باستياء: ( ياخ قوم لف، هي ماتت، يعني انت عملت ليها شنو؟)، فرد غاضباً: (عليّ الطلاق لو ما لحقتها كنتو ح تلقوها رماد)..!!

* على كلٍّ، لولا رعاية الله، ثم نعمة الشمس، لما وجد شعبنا من يُشيّع جثامين ضحايا كورونا إلى المقابر.. أي منذ عقود، وإلى يومنا هذا، فإن الاعتماد على وزارة الصحة في – درء المخاطر والكوارث – كالاعتماد على الذئاب في رعي الأغنام وحراستها .. ولقد أحسن الوزير برئاسة مجلس الوزراء، عمر ونيس، عملاً بحظر السفر من وإلى (الدول الموبوءة).. وليت هذا الإجراء الخاص بداء الكورونا يكون البداية لإرساء نُظم إدارية وصحية تُمكّن الحكومة من حماية شعبها، كما تفعل الحكومات التي تحترم شعوبها وتحميها..!!

* صحياً، تقع بلادنا في محيط الإيدز وإلتهاب الكبد الوبائي وأمراض أخرى تُكافحها الدول، وكذلك تحظر حامل فيروسها عن الدخول إليها.. فالمواطن السوداني بالمطارات والموانئ العربية، قبل إبراز تأشيرة الدخول، مُطالَب بإبراز الكروت الصحية، أو العودة بذات الرحلة.. وعلى سبيل المثال، بمطارات مصر ومعابرها، قبل إبراز تأشيرة الدخول إلى مصر، السوداني مطالب بإبراز كرت الحمى الصفراء.. وهذا ما لا يحدث بمطارات بلادنا ومعابرها.. لماذا؟

* على الحكومة تصحيح الأوضاع.. وكما يحمل أفرادُ شعِبنا شهادات خلوّهم من الأمراض المُعدية في ترحالنا، يجب أن يكون الأجنبي القادِم إلى بلادنا أيضاً قد خضع للكشف، ثم يأتي حاملاً شهادة خلوّه من الإيدز، الحمى الصفراء، التهاب الكبد الوبائي، كورونا وغيرها.. فالنهج الصحي كان – ولا يزال – يتعامَل مع الأجانب بمُنتهى اللامبالاة، وهذا خطأ.. فالوقاية خير من غُرف طوارئ أكرم التي لا تكتشف الفايروسات إلا بعد أن يوزّعها حاملها على الناس في الطرقات والأسواق، ثم ينتقل بها إلى (المقابر)..!!

الطاهر ساتي

الصيحة


تعليق واحد