رأي ومقالات

البدوي كان وزيرا تراجيديا بكل مقاييس أثينا القديمة وخلفه على كرسي الوزارة شخصية كوميدية بدرجة قف

انتقام بدوي:
لعبت قحت لعبة وصولية مع الدكتور البدوي. فأهلها كانوا علي علم أنه يأتي من البنك الدولي ويعرفون نوع السياسات الاقتصادية التي ينوي تطبيقها لأنه نشر رؤيته عدة مرات. وكانوا يعلمون ان الرؤية البدوية تتعارض تمامًا مع البرنامج الاقتصادي لقحت وقوي الثورة. ومع ذلك عينوه على أي حال بـحساب أنهم سيرتعون في التمويل الأجنبي الذي سيجلبه ، لكنهم سيتركونه وحيدا في مواجهة رد الفعل الشعبي ضد وصفة صندوق النقد الدولي القاسية التي لن يأتي تمويل بدونها في ظنهم.

تتجلى مسؤولية الاختيار في أن الوزراء تم تعيينهم على أساس أن ترشح قحت ثلاثة أسماء وان يختار حمدوك أحدهم للوزارة .وان لم يعجبه أحدهم يطلب من قحت ان ترشح غيرهم .أذا قحت مسؤولة عن ترشيح كل الوزراء بما فيهم البدوي .والبدوي برنامجه الاقتصادي معروف ومعلن عنه قبل ترشيحه واختياره .اذا قحت وحمدوك مسؤولون تماما عن تعيين البدوي ببـرنامجه المعلن.
ثم بدأ الدكتور في تطبيق وصفة صندوق النقد مقدمًا لإغوائه واغواء مراكز المال الأجنبي. ولكن لم يأت أي مال. وكانت ردة فعل الشارع والرأي العام قوية ضد الوصفة إياها مما حدا بالدكتور الِي شراء القبول والمحبة برفع رواتب موظفي الحكومة خمسة أضعاف ونصف بدون موارد حقيقية.

فااست فورورد. الآن غادر الدكتور ليجد من عيّنوه (قحت ومجلسي الوزراء والسيادة) أنفسهم في حفرة بعمق 250 مليار جنيه حفرها لهم, يتعقد الخروج منها لأنه من الصعب إلغاء الزيادات لأن ذلك سوف يؤلب عليهم أهل الخدمة المدنية ولكن استمرار الزيادات يعني مواصلة طبع النقد لتمويله وتفاقم التضخم الذي سوف يقود الِي انهيار الحكومة والاقتصاد معا. الخروج من الحفر ليس بسهولة الدخول فيها, وقبل لوم الدكتور البدوي علي مجلسي السيادة والوزراء محاسبة انفسهم لانهم سمحوا بالزيادة المجنونة. وايضا يجب علي قحت ولجنتها الاقتصادية محاسبة أنفسهم على السكوت الداوي علي اكثر القرارات تهورا في تاريخ ادارة الاقتصاد السوداني.
هكذا عادت انتهازية صانعي الوزراء إلى عضهم في سنكيتهم. كان من الممكن ان يكون انتقام البدوي به شيء من العدالة ضد من قرر استخدامه نفعيا لولا أن الشعب هو الضحية للانتهازية مرة وضحية للانتقام المضاد مرة اخرى.

وقد كان البدوي وزيرا تراجيديا بكل مقاييس أثينا القديمة ولكن بما ان التراجيديا والكوميديا متباريات فإن خلفه على كرسي الوزارة شخصية كوميدية بدرجة قف.

د. معتصم الأقرع