قد يكون غالب اهل السودان فى إستغراب شديد ويعتصرهم شديد الألم
□ رسالة رقم ( ٣) إلى السيد وزير الداخلية المكلف وإلى الشعب السودانى:
□ لاجئون من بعض الدول و الأجانب الموجودون فى السودان بصورة غير شرعية هم وقود نار الفتنة والحرب فى السودان؛ فلنحسن تقييم الوضع حتى تسلم النتائج، ونخرج بوطننا إلى بر الأمان ولنتعظ.
□ أود فى هذه المساحة أن أساهم فى دق ناقوس الخطر والطرق بشدة على باب من أبواب الإختلال الأمنى فى السودان، الا وهو الدور الذى يلعبه الوجود الأجنبى غير المشروع فى خلق الفوضى فى دولة السودان وانتهاك سيادته وتهديده المباشر للأمن القومى السودانى، ويشمل ذلك كل اللاجئين من دول الجوار بإستثناء لاجيئ دولة أرتريا الشقيقة.
□ ما دفعنى لكتابة هذه السطور هو مشاركة أعداد كبيرة جدا” من الأجانب من دول الجوار و بعض دول الإقليم فى الحرب التى تدور الان فى الخرطوم وبعض الولايات، ولا شك انه قد تم التوثيق بالصور والفيديوهات المشاهدة والمسموعة لمشاركة أجانب من دولة تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر وليبيا وجنوب السودان وأثيوبيا والإمارات وسوريا واليمن و مقاتلون يتبعون لفاغنر وما خفى أعظم.
□ قد يكون غالب اهل السودان فى إستغراب شديد ويعتصرهم شديد الألم والأسى وذلك لأن كل هذه الدول التى يشارك مواطنوها فى القتال ضد الشعب السودانى، كان للسودانيين فضل سابق عليهم فى تعليمهم وإنشاء وبناء أوطانهم وتنميتها تطويرها حينما كانوا يرزحون تحت خط الصفر الحضارى والثقافى وفى درجة لا تقل عن حياة الأنعام أو اضل سبيلا، بل أن بعضا” منهم أتوا الى السودان متسولين الناس و يشتكون حالهم فى دولهم فآويناهم وقدمنا لهم كل ما يمكن من مساعدة ثم أصبحوا بعدها من أصحاب الإستثمارات فى الخرطوم ورغما” عن ذلك لم يتخلوا عن تسولهم ولم يتخل السودانيون عن العطاء والإحسان إليهم، كل ذلك كان من باب الإستغفال والإستهبال والإستعباط والإستغلال لأفراد الشعب السودانى الطيب الذى تعامل بحسن نية مع هؤلاء المتسولين اللصوص الذين لا دين لهم لا أخلاق ولا ذمة. □ معظم هؤلاء أتوا ألينا وبلادهم تعانى من الفقر والصراعات الداخلية والحروب والان هم يشاركون مع التمرد فى حربه على الشعب السودانى، لابد من الإشارة هنا إلى أن معظم هؤلاء المرتزقة كانوا موجودين مسبقا” فى السودان كلاجئين، وإما مقيمين بصورة غير شرعية او قانونية جاءونا متسللين عبر الحدود الطويلة المفتوحة بلا رقيب او حسيب مع دول الجوار ولسوء حظنا أن كل الدول التى تجاور السودان تعانى من مشاكل داخلية أمنية او إقتصادية وجميعهم من الدول المتخلفة.
□ تهاون الأجهزة الرسمية فى التعامل مع ملف الوجود الأجنبى غير الشرعى:
الأجهزة المختصة فى حكومة السودان خلال العقد الحالى والعقود السابقة تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية فى هذا التهاون فى السماح بتسلل ودخول هؤلاء المرتزقة وذلك بعدم التعامل بالجدية المطلوبة مع هذا الملف مع أنه يعتبر من أخطر الملفات التى تهدد الأمن القومى وتقوض كل أركان الدولة و تهدد الأمن والنسيج المجتمعى، لم توجد دولة فى العالم على مدار التاريخ تعاملت بمثل هذه اللامبالاة والتهاون فى ترك الحبل على الغارب للمرتزقة والمتسولين والعملاء والجواسيس لإستباحة أمنها وأرضها ومواردها، و يمكن هنا ان نورد أخطاء الحكومة السودانية فى التعامل مع الوجود الأجنبى غير المشروع واللاجئين:-
١. أولى هذه الكوارث كانت فى القرار غير السليم فى إعتبار اللاجئين من دولة جنوب السودان مواطنين وليسوا لاجئين وتم السماح لهم بالتحرك فى كل ولايات السودان و مدنها و قراها كمواطنين عاديين و بالتالى السماح لهم بالعمل و السكن داخل الأحياء مما أفقد معتمدية اللاجئين والجهات النظامية دورها فى الضبط والمراقبة وكانت هذه هى الطامة الكبرى .
٢. كانت الحكومة فى جميع مؤسساتها تعلم بدخول الأجانب فى العمل فى مجال التنقيب عن الذهب فى كل ولايات السودان بل وتجاوز الأمر ذلك الى أن اصبحوا مهدد أمنى لمناطق التعدين، و مارسوا نهب المواطنين السودانيين فى مناطق التعدين، او فى طريق عودتهم الى مدنهم و قراهم وهم محملين بما كسبوه من جهدهم وعرقهم.
٣. سمحت للأجانب غير الشرعيين من دخول سوق العمل السودانى دون أى ضوابط او متابعة او مراقبة فأصبحوا ملاكا” لسيارات النقل و ملاكا” للمنازل والمحلات التجارية.
٤. سمحت لهم بالسكن داخل أحياء الخرطوم وأصبح عددهم فى بعض مناطق ولاية الخرطوم أكثر من السودانيين أنفسهم مثل الأحباش مناطق الديوم و الجريف غرب او الجنوبيون فى مناطق جنوب الخرطوم و شمال بحرى ( العزبة) شرق النيل و غرب أم درمان.
٤.عاد رعايا دولة جنوب السودان الى ممارسة غيهم وهوايتهم القديمة فى ممارسة الفوضى و تجاوز القانون فى أهم الشوارع الرئيسية فى الخرطوم مثل شارع الجمهورية و السوق العربى، بل و أنشأوا عصابات للنهب المسلح ( النيقرز) و روعوا المواطنين السودانيين أيما ترويع، كل ذلك لم يحرك ساكنا” فى الدولة فى جميع مؤسساتها وسلطاتها المختصة.
□ المواطنون السودانيون يتحملون مسؤولية التهاون مع الأجانب:
□ لابد أن نشير هنا للتساهل والسذاجة التى تعامل بها أفراد الشعب السودانى مع هؤلاء الأجانب فى احتوائهم والإحتفاء بهم بل و مساعدتهم ماديا” وتوظيفهم فى الؤسسات او المنازل، وفى إستئجار المنازل لهم دون إخطار الأجهزة الأمنية وإتباع الإجراءات الرسمية ، بل تعدى الأمر الى تزويجهم من السودانيين وإكمال مراسم الزواج دون التقيد بالإجراء الرسمى المطلوب عند زواج الأجانب، مع علمهم التام بعدم مشروعية وجودهم فى الأراضى السودانية وبالتالى عدم مشروعية تشغيلهم او تسكينهم او تزويجهم، لابد أن نعترف جميعا” أننا حكومة وشعبا” كنا شركاء فى هذا الخلل الأمنى الكبير وهذه هي اول خطوات الإصلاح أن تعترف بالخطأ و تعمل على تداركه وإصلاحه.
□ بعض اللاجئين فى السودان هم وقود حرب السودان:
□ اللجوء حق شرعى وقانونى كفلته التشريعات الدولية وحماية اللاجئين مسؤولية دولية طبقا” لإتفاقية ١٩٥١و بروتوكول ١٩٦٧م وهو ملزم حتى ولو لم تكن الدولة طرفا” فى الإتفاقية و يقابله فى الفقه الإسلامى عقد الأمان، كما نص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان المعتمد والمنشور فى ١٩٤٨م فى المادة ١٤ / ١ ( لكل فرد الحق فى إلتماس ملجأ فى بلدان أخرى و التمتع به خلاصا” من الإضطهاد ) العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر فى ١٩٦٦م فى الفقرة الاولى منه، ثم أخذت بهذا المبدأ كل المواثيق القارية و الإقليمية كالميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان فى المادة ١٢ / ٣، الميثاق العربى لحقوق الإنسان فى المادة ١٦، وإعلان المؤتمر الإسلامى فى ١٩٩٠م، فقد نصت كلها على حق الإنسان فى اللجوء الى بلد اخر إذا ما أضطهد فى بلده. □ السودان دولة طرف فى الاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين ١٩٥١ وله قانون خاص باللجوء يتوافق مع ما جاءت به الإتفاقية الدولية فى كل مواده.
□ إحصائية اللاجئين فى السودان:
ظل السودان على مدار عقود من السودان يستقبل اللاجئين من دول الجوار ارتريا ، اثيوبيا، جنوب السودان، افريقيا الوسطى، تشاد ، ومن بعض الدول التى لاتربطها حدود معه مثل سوريا و اليمن وظل يقدم كل الخدمات الممكنة على الرغم من الظروف الإقتصادية التى ظل يعانى منها السودان. بل يوجد فى السودان اكثر من اتنين مليون لاجئ منهم ١،١٣١،٤١٢ لاجئين أفراد و ٣٧٧،١٣٧ أسر بمتوسط ٣ فرد للعائلة الواحدة.
□ الحقيقة المرة:
الحقيقة المرة أن معظم هؤلاء اللاجئين لا يتواجدون ولا يتركزون فى مناطق محددة ومعلومة لدى جهات الإختصاص فى المؤسسات المشرفة والمسؤولة عن ملفات اللاجئين، نعلم وتعلم أن اللاجئين يتواجدون فى كل ولايات السودان بنسب متفاوتة ولا تخلو ولاية منهم سواء كان فى أقصى الشمال أو أدنى الجنوب وحتى الولايات التى تشهد اضطرابات أمنية أو نزاعات قبلية لم تخلو من وجودهم بل قد كانوا جزءا” من هذه الصراعات كما هو فى كل الولايات الحدودية الجنوبية او الغربية او الشرقية، بل الأغرب من ذلك مشاركتهم فى احداث الثورة السودانية الأخيرة وما تلاها من احداث
□ إحصائية اللاجئين حسب دول المهجر تشكل دولة جنوب السودان الرافد الاكبر للاجئين حيث بلغ عددهم من الأفراد ٧٩٩،٩١١ ثم أرتريا بعدد ١٢٨،٩٩٦ ثم سوريا بعدد ٩٣،٤٨٢ ثم اثيوبيا بعدد ٧٣،٣٣٥ ثم افريقيا الوسطى بعدد ٢٧،٨٦٧ وتشاد بعدد ٣،٩٣٣ واليمن بعدد ٢٢١٧ لاجئ و لاجئون من دول اخرى بعدد ١٦٧١، ذلك غير اللاجئين من الأسر.
□ الأجانب غير الشرعيين:
لاتوجد إحصائيات واضحة للأجانب المتسللين والمقيمين فى السودان إقامة غير شرعية ولكن حسب ما أوردت بعض الصحف السودانية فى تقاريرها الاخبارية ان عددهم يفوق العشرة مليون أجنبى من عدد ليس بالقليل من الدول الأفريقية المحازية للسودان او البعيدة منه او من بعض الدول العربية او من فلنقل من جميع قارات العالم لأننا سبق أن تم ضبط عدد ٢ من رعايا دولة أمريكا يقيمون إقامة غير شرعية فى حى مايو بالخرطوم بعد أن انتهت إقامتهم القانونية.
□ الخاتمة:
فى خاتمة هذه الرسالة لابد ان نذكر بأن هناك أسباب عديدة كانت وراء ما نشهده الان من مشاركة الأجانب فى حرب السودان و لعل أهم هذه الأسباب هى السيولة الأمنية التى يعيشها السودان منذ اواخر العام ٢٠١٨ وحتى الان، كما أن إرتفاع الولاء القبلى فوق الولاء للوطن والأمة جعل القبائل المشتركة بين السودان ودول أخرى تتعاون مع بعضها ضد مكونات قبلية أخرى دون ادنى مراعاة لمصلحة الدولة، كما ان التساهل مع بعض القبائل المتفلتة فى السودان أغرى هذه القبائل للتمادى فى تجاوزاتها، وقد اشتهرت بعض القبائل فى السودان بالعمل فى كل ما يخالف القانون و يهدد الأمن القومى السودانى فهم يتاجرون فى تهريب السلاح وتهريب البشر وتهريب الاموال الصعبة و تهريب المخدرات وتهريب السلع الاقتصادية الاستراتيجية فأثروا منها ثراءا” فاحشا” واصبحوا مهددا” حقيقيا” للأمن القومى السودانى بل ولوجوده التاريخى وهذه القبائل عادة تمون ذات إمتداد عرقى مع دول الجوار سواء فى غرب السودان او شرقه او جنوبه او وسطه، لذلك لابد من حسم هذه الظواهر والتصدى لها بقوة قبل تطورها و لنا فى تجربة قبيلة الرزيقات خير مثال.
□ نضع أمامكم هذه الرسالة للإطلاع عليها للحاق ما يمكن معالجته فى ملف الوجود الأجنبى غير المشروع واللاجئين من بعض دول الجوار
نسال الله الامن والأمان للسودان وشعبه.
□ التوصيات والحلول:
١.إبعاد اللاجئين من الدول التى شاركت فى اشعال نار الفتنة والتخريب من دول جنوب السودان وأثيوبيا و أفريقيا الوسطى وسوريا و اليمن وفقا” للمادة ١١/أ ، ب ، ج ، د ، ه ، و من قانون اللجوء السودانى ( إبعاد اللاجئ) والتى تنطبق جميعها عليهم وتجوز إبعادهم
٢. مراقبة الحدود و عدم التساهل والتسامح مع الوجود غير المشروع للأجانب و تطبيق أقصى العقوبات القانونية عند القبض عليهم.
٣. عدم التسامح مع المخالفات التى تصدر من الأجانب المقيمين إقامة قانونية خاصة فيما يتعلق بتهديد أمن المواطنين او تهديد الأمن القومى.
٣. مراجعة كل الأرقام الوطنية والتأكد من سلامة الحصول عليها
٤. العودة الى العمل بوجوبية الحصول على الجنسية السودانية اولا” ثم الحصول على الرقم الوطنى بعدها.
٤.التقيد بقانون اللجوء السودانى و إلغاء القرار السابق الخاص بحق اللاجئين الجنوبيين فى التواجد فى السودان كمواطنين سودانيين وتطبيق كل ضوابط اللجوء عليهم.
٥. منع الأجانب من التسول فى السودان وإبعاد المخالفين للإقامة منهم خاصة القادمين من دول غرب أفريقيا ولما فى التجربة السعودية خير مثال.
٦. منع الأجانب من العمل فى التعدين الأهلى ومطاردتهم حتى التخلص منهم
٧. إعادة النظر فى التوظيف فى معتمدية اللاجئين بحيث تكون الميزة الامنية حاضرة عند التوظيف
٨. إنشاء آليات مجتمعية داخل الأحياء لضبط الوجود الأجنبى بحيث لا يسمح بالإيجار لهم او الزواج منهم إلا بعد توصية اللجنة الأمنية بالحى.
٩. إنشاء وزارة خاصة بالهجرة والأجانب
١٠.تفعيل الإعلام وتوجيهه نحو التوعية بضوابط التعامل واستخدام الأجانب وتسكينهم وتزويجهم من السودانيات
١١. محاربة تجاوز بعض القبائل الحدودية أو المشتركة للقانون ومكافحة عملهم فى تهريب السلاح وتهريب البشر وتجارة العملة وتهريب المخدرات وتهريب السلع الإستراتيجية التى شكلت مصدر لثرائها فزادت من مطامعها فى ابتلاع كل ثروات السودان، ولا زالت بعض القبائل تشكل خطرا” على الدولة السودانية فعلينا أن نتعظ.
و الله الموفق.
اللواء شرطة ( م ) د. نجم الدين عبد الرحيم