تشاؤل

[ALIGN=CENTER]تشاؤل [/ALIGN] رغم براعته في تخصُّصه العلمي النادر، وذوبانه فيه إلاّ أنه ظلّ مهموماً بالشأن السوداني وما يجري فيه من أحداث سياسية متلاحقة، وكنتُ دوماً أسعد بلقائه لأنه وبحكم وجوده في الخارج يستطيع متابعة ما يجري حول السودان أكثر من الذين يعيشون داخل الغابة السودانية، إذ لا يرون إلاّ سيقان الأشجار التي أمامهم، وبالمقابل فهو يعتقد أنّ الرؤية الكلية للغابة من( فوق) لا تغني عن رؤية ما بين الأشجار، وعليه تصبح (الونسة) معه مثمرة ومفيدة للجانبين. ليس في مجريات الأحداث الداخلية ما يدعو للتفاؤل، وإذا حاولنا التفاؤل(كسر رقبة) سوف نصبح (متشائلين).. أي نجمع بين التفاؤل والتشاؤم، أمّا على الجبهة الخارجية فالسودان أصبح من الأجندات المصلوبة في الساحة الإقليمية والدولية، فما أن يلتقي رئيسان في المنطقة إلاّ وكان بند السودان يتوسط لقاءهما، وما من قوةٍ دوليةٍ تُرسل وفداً أو رسالة لأي قوة إقليمية إلاّ وكان السودان (متربعاً) فيها. فلم يعد أحدٌ في الدنيا يثق بقدرة السودانيين على حلِّ مشاكلهم، فرغم أن كل المنطقة تعجُّ بالأزمات إلاّ أن (شقي الحال) السودان أصبح هو الوحيد المستباح (للغاشي والماشي). من الأشياء التي توقّفنا عندها طويلاً مقالتان، وكل مقالة كتبها إثنان من الشخصيات ذات الحجم العائلي، الأولى كتبها القس الجنوب إفريقي ديزموند توتو بالإشتراك مع الأخضر الإبراهيمي، والثانية كتبها لازراس سيمبيويا بالإشتراك مع جون دانفورث، والمقالتان عن السودان ونُشرتا على نطاقٍ واسعٍ، فمن ناحية شكلية يتساءل المرء عن هذة الشراكة (الذكية) في الكتابة، ماهو الهدف منها؟ ثم ثانياً المقالتان اللّتان (لمّتا الشامي على اليمني) تشيان بأن (سودان الجن دا ما ساهل) وإذا غلبنا التشاؤم نقول إن ما يخطّط له (ما ساهل)، أما من حيث المحتوى اتفقت المقالتان على ان اتفاقية السلام الشاملة التي دخلت عامها الخامس قد وضعت السودان في (قضيب ) جديد وان (قطر) السودان امامه محطتان خطيرتان لا بل ملغومتان فاما ان يتجاوزهما او (يتفرتق حتة حتة) ورغم أن المقالة الأولى (بتاعت الابراهيمي والقس توتو) وضعت لنفسها عنواناً متفائلاً وهو السودان بلد اكبر من اين يسقط الا ان ثنايا المقالة توحي بإمكانية هذا السقوط. بعد طول نقاش وطول تفاكر وطول تداعٍ وصلنا الى خلاصة فحواها ان هناك تناغماً بين مايحدث للسودان من الخارج وان شئت الدقة قل ما يخطط له في الخارج ومايحدث في الداخل من مكاجرات ومكايدات وتحالفات ملغومة. ولكن يبقى السؤال الذي يحتاج الي اجابة هل الذين يقودون قطار السياسة بالداخل مدركون (للجازولين) الذي يصب في (تنك) هذا القطار من الجهات الخارجية ؟ اغلب الظن ان بعضهم يدرك بعضاً من هذا وبعضهم لايدرك ولا (اصبع ضوة) فناظر المحطة الخارجي يعطي من العلم بقدر الحاجة بمعني انه يخطر البعض ببعض السر من المطلوب فلايوجد سواق ولا راكب سودانياً مدركاً لكل ما بالقطار فالخيوط كلها مجتمعة في يد (الناس ديلك) وياله من مسرح عرائس. رغم كل الذي تقدم يمكننا القول ان امكانية احداث الفجوة بين الخارج والداخل موجودة ومهما كانت قدرة الجهات الخارجية ومهما كانت درجة سيطرتها على (الجازولين والفيرنس والفحم الحجري) إلا أنها لن تستطيع ان تنفذ (مخططاتها) اذا لم تجد ثغرة داخلية تنفذ منها بعبارة اخرى اذا لم تجد (سواقين) لهذا القطار وبتعبير حديث وقد يكون مبتذلاً ان الجبهة الداخلية اذا تماسكت وتلاحمت سوف تغلق الطريق على اي (خرطوش جازولين) معبأ من الخارج, لكن قل لي ياصاح اين هي الجبهة الداخلية ؟ واحرق الجازلين يالبابور جاز. اللهم احفظ السودان واهل السودان.

صحيفة التيار – حاطب ليل18 /1/2010
aalbony@yahoo.com

Exit mobile version