عبد اللطيف البوني

يارحمن لليمن والسودان


[ALIGN=CENTER]يارحمن لليمن والسودان [/ALIGN] عندما وطئت قدماي أرض اليمن في منتصف تسعينات القرن الماضي لم أشعر بغربة على الإطلاق، وكنتُ أتجول في صنعاء وكأنني في الخرطوم (خرطوم إيه كأنني في اللعوتة) وإثناء أول جولة لي في ميدان التحرير في قلب صنعاء، حيث الباعة يفرشون بضائعهم على الأرض حدثت مشادة بين بائع ومشتري، فإذا بالبائع يعير المشتري بالقول أنتم شعبٌ يحكمكم علي عبد الله صالح لا تعرفون مثل هذة البضاعة، ثم نزل في الرئيس اليمني ولعن سنسفيله، وانتهت المشادة بدون أي خسائر، وذهب المشتري في سبيله وبقي البائع يمضغ القات ويترنَّم وكأنّ شئياً لم يكن، وبينما كان الرجل يشتم في الريئس قلتُ في نفسي (أمّك !! سودان عديل) لأننا في السودان تعودنا أن نلعن سنسفيل رؤسائنا حتى العسكريين منهم وبأعلى صوت ووسط السوق دون أن نتعرّض لأي مساءلة، كما يحدث في كثيرٍ من الدول العربية بخلاف اليمن والسودان.. وبهذه المناسبة يقال إن الرئيس نميري رحمه الله عندما كان حاكماً عنّف أحد التنفيذين وقال له إن تقصيرك هذا لن يعود عليك انما سيعود على ابي لأن الناس المتضجرين سيقولون (إنعل أبو النميري). القصد من هذه الرمية القول أن السودان واليمن يتمتعان بديمقراطية حقيقية تنبع من المجتمع لأن البنيات التقليدية من قبلية وطائفية ومناطقية تحمي المواطن من عسف وتسلط الدولة، ولعل هذا ما ذهب إليه صديقنا الدكتور الأفندي في إحدى مقالاته بهذه الصحيفة، كما أنه توجد اليوم في اليمن والسودان ديمقراطية تعددية مقننة وأن طغى عليها مظهر الحزب الغالب، وهذه أيضاً ميزة إضافية لهذين البلدين على كثير من دول العرب ولكن في نفس الوقت وللأسف البلدين الآن معرّضان للتشطير بصورة لا وجود لها في كل الدول العربية، فاليمن (الله يكون في عونها).. رحم الله أستاذنا عون الشريف قاسم ذو الأصل اليمني، فاليمن مثلنا أمام امتحان عسير هي الأخرى فالبلاوي (إنحدفت) عليها من عدة اتجاه.. الحوثيين في الشمال، والإنفصاليين في الجنوب، والقاعدة متسللة في شراييين الحياة القبلية، وهناك من يتحدّث عن تدخل أمريكي للقضاء على القاعدة، وهناك من يسل خنجره متوعداً أي يانكي يطأ أرض اليمن. أما في السودان فقد أصبح التشطير أمراً واقعاً، والكل في انتظار 2011 ليرى ميلاد الدولة الجديدة بينما في اليمن يتحدثون عن عودة دولة اليمن الجنوبية رغم المقاومة الشرسة من كل أهل اليمن لمثل هذا التوجه، ولكن المكائد التي تحيط باليمن من جواره الإقليمي ومن خارج الإقليم تُظهر ذلك المناخ الإنفصالي .. في تقديري الخاص وعلى حسب معرفتي الخاصة باليمن إنها بإذن واحد أحد سوف تخرج من محنتها هذه، ولكن دعونا نفترض أن مخطط التشطير قد نجح في اليمن وفي السودان فإنّ ذلك سيكون بداية النهاية للنظام الإقليمي العربي لأن اليمن والسودان سوف يكونان مضرب المثل لفشل الديقراطيات في حفظ وحدة البلدان، وسوف تجد الأنظمة الاستبدادية فرصتها (لعفص) أي نزعة ليبرالية في بلدانها، معللةً ذلك بالخوف من مصير اليمن والسودان، كما أن دعاة الحداثة الداعين لقمع البنيات التقليدية بقوة الدولة سيجدون فرصتهم كذلك في مآلات اليمن والسودان وسيقولون إن القبلية والطائفية والعنصرية هي التي شقّقت اليمن والسودان. ولكن الأمر المحتوم أن هؤلاء الديكاتوريون والقمعيون ينتظرهم وينتظر بلدانهم مصيرٌ أسوأ مما حدث أو سيحدث لليمن والسودان ـ لاسمح الله ـ ولكن في النهاية يبدو أن اليمن والسودان سوف يدفعان ثمن تقدّم وقوة مجتمعاتهم على الدولة، اللهم إحفظ اليمن وأهل اليمن، واحفظ السودان وأهل السودان.

صحيفة التيار – حاطب ليل27 /1/2010
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد

  1. يا رجل حرام عليك اى ديمقراطية فى اى من البلدين تتحدث عنها لا تقارن اليمن والسودان بالبلدان العربية لانهما اسوأ من تلك الدول , هما الاكثر فسادا و قمعا للمعارضين و السودان بالذات النظام فيه لو كانت هناك ديمقراطية لجرت محاكمته على ما فعله فى الجنوب من اعطاء حق تقرير المصير و الجرائم فى دار فور .

    هل هذا هو انقاذ البلاد الذى جاءوا من اجله؟