تحقيقات وتقارير

موازنــة العـام 2012 .. طريـق «العـبـور»..!!

[JUSTIFY]«الراجل دا مرة يطمّنا شديد ومرة يخوِّفنا، حيّرنا معاه» …..هكذا داعبنا صديقنا البرلماني نحن مجموعة من الصحفيين كنّا حضوراً عقب جلسة البرلمان أمس الخاصة بإيداع موازنة العام 2012 والتي تنبع أهميتها للدولة باعتبارها أول موازنة عقب انفصال الجنوب وعقب فقد البلاد لـ30%من عائدات البترول، الوزير نفسه رسم صورة غريبة أمس للاقتصاد في البلاد بين الأشياء المبشرة وبين التضييق المتعمّد والحصار والتعنُّت في إسقاط ديون البلاد الخارجية وما يجره ذلك على البلاد، وجدنا له العذر في ذلك نحن ومجموعة من المراقبين والخبراء في مجال الاقتصاد، فالوزير لا يريد أن يعد بالمستحيل أو يفرح الشعب لحد الكذب كحال بعض السياسيين ويريد أن يرسم لهم صورة حقيقية للاقتصاد السوداني وللمتوقع بعيداً عن« مساحيق تجميل» السياسية، وربما في ذهنه هو ومن أعد الموازنة ثورات الربيع العربي التي تنتظم عدداً من البلدان التي أفضت لواقع جديد إقليمي وعالمي، كل هذه الملاحظات والتحديات يبدو الوزير أنه قد استصحبها.

بركات السادة

على غير العادة امتلأت جنبات المجلس الوطني بعدد كبير جدًا من نواب البرلمان منذ وقت مبكر، ولكن اللافت كان هو رعاية رئاسة الجمهورية لهذه الموازنة حيث كان وجود النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه مبكرًا هو ومساعدي الرئيس الجديدين، ابني السيدين «العقيد عبدالرحمن المهدي، وجعفر الميرغني»، وعلق العديد من الصحفيين أمس بالشرفات على أن الموازنة ستجاز ببركات ابني السيدين، وبدت خلال الجلسة عدم رضى من النائب الأول على حضور عدد من النواب متأخرين جدًا في الجلسة على الرغم من أهميتها.
وبمجرد انتهاء وزير المالية من إلقاء الخطاب قام رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر بتوزيع النواب على لجان لمناقشة الموازنة وحدد يوم الثلاثاء العشرين من الشهر الجاري لإجازة الموازنة في مرحلتها النهائية.
سنحاول من خلال الجزء التالي أن نقوم بقراءة أولية تحليلية للموازنة ولمؤشراتها الكلية، وسنقوم لاحقاً بمتابعة كل خطوات إجازة الموازنة.
استند إعداد تقديرات موازنة العام 2012م على البرنامج الثلاثي للفترة من 2012 ـ 2014 م والذي تم تبنيه لمواجهة المستجدات الداخلية والخارجية المتوقعة في الاقتصاد الكلي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي بجانب توفير السلع والخدمات الرئيسية والمحافظة على عدم تدني مستوى المعيشة للقطاعات الاجتماعية.

السمات العامة

ركزت على محاصرة عوامل ارتفاع الأسعار وتحقيق التوازن بين التوسع النقدي ونمو الناتج المحلي الإجمالي وسعر الصرف بجانب الاستمرار في ترشيد الانفاق العام وزيادة الصادرات غير البترولية وإحلال الواردات بالاكتفاءالذاتي من سلع القمح والسكر والصمغ العربي والأدوية وزيوت الطعام والذرة وتوسيع فرص العمل للخريجين والتنقيب عن المعادن وجذب الاستثمارات الخارجية وتنمية الموراد البشرية.
التحديات
استمرار الحصار الاقتصادي والانخفاض الكبير في الإيرادا ت البترولية وموارد النقد الأجنبي والتعامل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الجديدة بالإضافة لمعالجة الخلل الهيكلي في الرنتاج وتزايد اعتماد الولايات مالياً على المركز وتمويل تكلفة معالجة الفقر وأعباء المعيشة والبطالة وجذب الاستثمارات بإزالة المعوقات.
أما الأهداف الكمية للموازنة فتمثلت في تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة حصيلة صادرات القطن بما يفوق الـ300 مليون دولار سنوياً، تصدير حوالى 3.32 مليون رأس حي وحوالى 50300 طن من اللحوم بالإضافة إلى 20 ألف طن من الأحياء المائية و2601500 جلود، وإنتاج 5.5 مليون طن أسمنت و890 ألف طن سكر و1400 ألف طن دقيق و175 ألــــــــــف طن زيوت وزيادة الصادرات للصناعات التحويلية بنسبة10 %
وستركز السياسات المالية في مجال الإيرادات الضريبية على رفع كفاءة التحصيل وتوسيع المظلة الضريبية وواردات السلع الرأسمالية واستيعاب برنامج الإصلاح للتعريفة الجمركية وضبط وترشيد الإعفاءات الممنوحة بموجب القوانين وإحكام الرقابة على التجارة مع الجنوب وتكثيف مكافحة التهريب، أما الإيرادات غير الضريبية فستكون عبر وضع الآليات والتدابير لترشيد الموارد ومساهمة الهيئات والشركات الحكومية في الإيرادات القومية ومنع تجنيب الإيرادات وفرض أي رسوم غير مقننة والالتزام بتوريد كافة الإيرادات المحصلة للخزينة العامة.

إيرادات النفط

تثبيت أسعار الخام للمصافي المحلية بواقع 49 دولاراً للبرميل ورفع معدلات الإنتاج والاحتياطي النفطي بالإضافة لضمان انسياب وتوفير الإمدادات النفطية لمقابلة الطلب المحلي بالاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات البترولية وتوفير الأمن للمستثمرين والشركات للقيام بأعمالها.
وفي مجال المصروفات دعت الموازنة لتقليل الصرف على الجهاز التنفيذي ووضع مزيد من الضوابط والإعفاءات الجمركية والحد من سفر الوفود للخارج ورفع الدعم التدريجي لأسعار البنزين تماشياً مع سياسات البرنامج الثلاثي، والإبقاء على الجازولين وضبط إجراءات الشراء والتعاقد للمشتريات الحكومية.

مجال القروض والمنح وجذب الاستثمارات

طالبت الموازنة بالتحرك على الصعيد الخارجي لجذب المزيد من القروض والمنح من مؤسسات التمويل والتفاوض مع الهند والصين لإعادة جدولة مديونياتهم وتحسين مناخ الاستثمار وللاستفادة من القطاع الخاص والشراكات الاقتصادية.
الديون
وجهت الموازنة للتوسع في إصدارات الصكوك المالية وتوفير النقد الأجنبي وصكوك الاستثمارات الحكومية ،أما عن سياسات القطاع النقدي الخارجي فدعت
لترشيد الطلب على النقد الأجنبي والاستيراد والاستمرار في شراء الذهب لتقوية موقف الاحتياطات من النقد الأجنبي واستقطاب موارد خارجية ووضع ضوابط للتحويل والسفر الخارجي ومراجعة ضريبة القيمة المضافة على الاتصالات وتشجيع الشركات لاستثمار جزء من ارباحها بالداخل وتفعيل قرار دفع الرسوم الدراسية بالمؤسسات التعليمية بالداخل بالعملة المحلية
مؤشرات
من المتوقع ان يتاثر الاداء بانفصال الجنوب وانخفاض عائدات لاصاردات الكلية والاحتياطي من النقد الاجنبي والضغوط علي سعر الصرف للعملة الوطنية مما يؤدي الي العجز في حساب راس المال وميزان المدفوعات وتاثيرة السالب علي بناء الاحتياطات السمية وسعر الصرف وزيادة التضخم ويتوقع زيادة الناتج المحلي في القطاع الزراعي بنسبة نمو 7.7 % وان يساهم بحوالي 39.4% في الناتج المحلي الاجمالي ونمو سالب للقطاع الصناعي للعام 2012 م بنسبة 4.5% وانخفاض مساهمتة من 20.3 في العام 2011 الي 15.9 نتيجة لانخفاض انتاج البترول بنسبة 50 % للعام 2012 م وانخفاض نمو القطاع الخدمي الي 1.3 % نتيجة لانخفاض مساهمة الخدمات الحكومية وزيادة الاستثمارات للقطاع الخاص في السياحة والفنادق والصحة والتعليم
سياسة انكماشية
العمل على أحكام وتنسيق السياسا ت المالية والنقدية للمحافظة على سعر الصرف أما عن عرض النقود فدعت الموازنة للاستمرار في سياسات النقد الانكماشية وكبح ارتفاع معدل التضخم وتقييد نمو الكتلة النقدية وضبط حجم عرض النقود في حدود15%
أما معدل التضخم فمن المتوقع أن يبلغ متوسط معدل التضخم خلال العام 2012 م حوالى 17 % مقارنة بالمستهدف في العام 2011م والبالغ 12 %.
العجز
يقدر أن تبلغ نسبة العجز الكلي 3.4 من الناتج المحلي الإجمالي وذلك لتحقيق الاستقرار الاقتصادي خلال العام 2012م.
وتم تقدير الإيرادات والمنح بمبلغ 23595 مليون جنيه بنسبة زيادة 4% من الأداء الفعلي التقديري للعام 2011م، وقدرت الإيرادات غير البترولية بمبلغ 17581 مليون جنيه بمعدل زيادة 22 % من الأداء الفعلي والتقديري للعام 2011م وبنسبة مساهمة 75% من إجمالي الإيرادات للعام 2012م.
أما الإيرادات البترولية فتم تقديرها بمبلغ 4708 ملايين جنيه بمعدل انخفاض 36 % من الأداء الفعلي التقديري للعام 2011 وبنسبة مساهمة 20 % من إجمالي إيرادات للعام 2012م.
تم تقدير المنح الأجنبية بمبلغ 1306 مليون جنيه بمعدل زيادة 44% من العام 2011 وبنسبة زيادة 5% من إجمالي إيرادات العام 2012م.
المصروفات
تم تقدير المصروفات الجارية للعام 2012 بمبلغ 25268 مليون جنيه بمعدل زيادة 11 % من الأداء الفعلي وتعزا المصروفات للزيادة في التمويل بنسبة 64 % لارتفاع سداد أرباح شهامة وصكوك الاستثمار الحكومية نتيجة لتركيز الدولة على التمويل الداخلي لتغطية العجز الكلي خلال العام 2012 م وتحويلات الولايات بنسبة 63 % وتعويضات العاملين بمبلغ 10179 مليون جنيه بمعدل زيادة 2% للعام 2011 لاستيعاب عدد20 ألف وظيفة للولايات و5 آلاف للحكومة القومية ومنحة المعاشيين بمشروع الجزيرة.
وتم تقدير الأجور والمرتبات بمبلغ 9149 مليون جنيه بانخفاض 1% للعام 2011 نسبة للأسباب المتمثلة في تخفيض مرتبات الدستوريين وإلغاء وظائف الدستوريين من الولايات الجنوبية وإلغاء المفوضيات الخاصة باتفاقية السلام الشامل القوات المشتركة والجامعات بالولايات الجنوبية.
وتم تقديرالمساهمات الاجتماعية بمبلغ 760 مليون جنيه بمعدل زيادة 8 %.

وتبلغ التحويلات الجارية للولايات 4197 مليون جنيه بنسبة نقصان 2% وبلغت التحويلات الرأسمالية للولايات حوالى3078 مليون ج بنسبة زيادة 64 % وبلغت تقديرات التنمية القومية حوالى 5309 مليون جنيه، منها مبلغ 2739 مليون ج بالعملة المحلية ومايعادل 2570 مليون ج بالعملة الأجنبية.
ويتوقع أن يتم التمويل الخارجي بالتوقيع في العام 2012 على اتفاقيات بمبلغ 2238 مليون دولار منها 1929 مليون اتفاقيات قروض وحوالى 309 ملايين منح وتبلغ تقديرات السحب حوالى 2288 مليون دولار منها 1853 سحب على القروض ومبلغ 435 سحب على المنح وتقديرات السداد بحوالى 481.8 مليون دولار منها 386.5 مليون دولار سداد أصل القروض وحوالى 95.3 تكلفة تمويل وتم تقدير مساهمة ادوات التمويل الداخلي في تمويل عجز الموازنة بحوالى 14% وبلغت تقديرات السداد حوالى 6116 مليون ج .

إسقاط الموازنة

لم يترك نواب البرلمان وزير المالية يخرج من الجلسة أمس إلا وكشفوا عن وجود زيادة متوقعة في سعر البنزين تبلغ «1,5» جنيه وقطعوا بأن يتم إسقاط أي زيادة متوقعة وقال عضو المؤتمر الوطني والبرلمان مهدي أكرت لـ«الإنتباهة» إنهم سيقفون ضدها مهما كلّف الثمن، وأشار إلى أن الزيادة ستؤدي لارتفاع أسعار السلع، وقال سنسقط الموازنة إذا أصرت المالية على الزيادة. ،وزاد«المواطن كفاية عليه ارتفاع الأسعار الحالي»مشيرًا لصبر الموطن على أشياء كثيرة، وأضاف«لن يطيق أي ضغوط جديدة».

لن تنهار

بدروه بدا نائب محافظ بنك السودان المركزي بدر الدين محمود واثقاً من أن الموازنة القادمة لن تنهار وقال إن بنك السودان لديه احتياطي من النقد الأجنبي يكفي لما يقارب أربعة الأشهر للاستيراد، مستبعدًا انهيار الموازنة المقبلة لجهة التزامها بموجهات البرنامج الثلاثي، وأوضح أن الزيادة في صادرات الذهب وارتفاع الصادرات غير البترولية بما يزيد عن 22%، علاوة على وجود جزء من الاحتياطيات السابقة ساهم في سد عجز خروج الإيرادات النفطية من خزينة الدولة. وما بين ما رسمه وزير المالية واستباقات النواب للرفض لأي زيادات أو رفع للدعم عن البنزين وتهديداتهم بإسقاط الموازنة وتطمينات نائب محافظ بنك السودان ستجري كثير من المياه تحت الجسر قبل أن تجاز الموازنة في صورتها النهائية يوم 20 من الشهر الجاري!!
[/JUSTIFY]

الانتباهة