أسواق العقارات..عالم من المتناقضات
ارتفاع أسعار العقارات سبب رئيس في عزوف المواطنين
الإقبال على المناطق الطرفية لانخفاض أسعارها
أصبح امتلاك قطعة أرض في هذه الفترة من الزمن حلم يراود الكثير من أبناء الوطن لدرجة أن يصل الحلم إلى خانة المستحيل في بعض الأحيان. فالعاصمة التي كادت أن تنفجر من كثافة سكانها وأصبحت شبه طاردة مما اضطر الكثير من الأسر للجوء إلى ضواحي وأرياف الخرطوم طلبا للمأوى بالمقام الأول، والهدوء وتحقيق حلم اقتناء مسكن. فالخطط الاسكانية المعروضة من قبل الحكومة وبإجراءاتها التي وصفها الكثيرون بـ(التعجيزية)، وطول فترة انتظار المقدم حتى يحظى بفرصة الحصول على قطعة أرض جعلت من الأمر أشبه بفرصة العمر الذهبية لمن يصل إلى نهاية الطريق، أما ما يعرض الآن من شقق التمليك وعروض المدن السكنية والمجمعات هي بدورها بعيدة المنال للغالبية العظمى؛ نسبة لمغالاة أصحابها وطلبهم لأسعار تعتبر خيالية، ومنفرة للمواطن البسيط ومحدود الدخل، لذلك أصبح امتلاك قطعة أرض أو عقار حلماً يراود الكثيرين، ويقلق منام الغالبية من الناس؛ في ظل ارتفاع الأسعار الذي شمل كل مواد البناء بما يتطلب مقدرة مالية كبيرة ..أجمع البعض على أن أسعار العقارات بالسودان تعتبر جنونية مقارنة بدول أخرى لا تمتلك نفس مساحات السودان الشاسعة من الأراضي، فيما رأى آخرون أن التكدُّس في العاصمة أساس المشكلة والتوسع الأفقي سياسة خاطئة تكلف الدولة كثيراً بتقديم خدمات لمناطق شاسعة كان يمكن الاستفادة منها لو أنها وجهت إلى التوسع الرأسي أي بناء مجمعات سكنية ضخمة يمكن أن تضم حيّاً كاملاً في بناية واحدة. ومضى غيرهم ليتهم الحكومة بأنها المسؤولة عن زيادة الأسعار بإيقافها الخطة السكنية؛ مما دفع إلى زيادة الطلب على الأراضي.. كان لـ(الأخبار) جولة في سوق العقارات فإلى مجرياتها…
توقع عدد من أصحاب مكاتب العقارات بالخرطوم أن تشهد أسعار العقارات في المناطق الطرفية ببحري ارتفاعاً متوالياً. وقال هؤلاء إن هذه المناطق تشهد حالياً إقبالاً واسعاً من المواطنين لشرائها، مشيرين إلى أن إقبال المواطنين على هذه المناطق لأنها تعتبر قريبة نسبياً من مركز العاصمة، وتتوفر فيها الكثير من الخدمات التي تتحكم في سوق العقارات، إضافة إلى أنها تعتبر حالياً رخيصة الثمن مقارنة بالكثير من المناطق الأخرى المشابهة لها في الموقع والمميزات الأخرى. وأوضح علاء ياسين أن الهجرات الجماعية للجنوبيين من هذه المناطق في توقيت واحد أدى إلى إنخفاض الأسعار بشكل كبير لكن مع الإقبال المتزايد من المواطنين ارتفعت الأسعار بشكل متوالي. وقال إن هناك عدداً من الأشياء التي تتحكم في أسعار العقارات منها موقع العقار وقربه من الشوارع الرئيسة، والخدمات المتوفرة فيه من مياه وكهرباء وغير ذلك، موضحاً أن قيمة العقار عادة ما تتحدد حسب نوع العقار والسعر الذي يحدده عارض العقار وطالبه سواء أن كان شراء أو إيجار، مشيراً إلى أن إرتفاع أسعار العقارات سبب رئيس في عزوف المواطنين عن الشراء، وركود سوق العقارات، مؤكداً بأن هناك تفاوتاً واضحاً في أسعار العقارات بين العاصمة والولايات؛ وذلك للكثافة السكانية العالية في العاصمة والاستثمارات التي تتركز في العاصمة .
بينما أرجع بعض أصحاب العقارات الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي إلى عدم طرح خطط سكانية جديدة من قبل الحكومة، وكذلك إلى الحالة الاقتصادية وانخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، كما أوضح البعض أن تجار الأراضي يقومون بشراء الأراضي من المواطنين نسبة للضائقة الاقتصادية والاحتكار. وقال صلاح مصطفى “صاحب عقار ببحري” إن أسباب الارتفاع في الأراضي يرجع لانخفاض الجنيه مقابل الدولار؛ مما ساهم في زيادة أسعار الأراضي، وكذلك احتكار التجار للأراضي، بالإضافة إلى عدم وجود خطط إسكانية جديدة، ورأى أن المواطنين اتجهوا إلى المناطق الطرفية كحل؛ لأن سعرها مناسب، ولكن هذه الأراضي معظمها حيازة أو توريث ولا توجد بها شهادة بحث. وقال محمد بدر الدين “صاحب عقار بالخرطوم” إن الأراضي تصنف كدرجات درجة أولى وثانية وثالثة، وأن الدرجة توزعها الحكومة ومتوفرة بها جميع الخدمات من صرف صحي وإنارة وخدمات أخرى، بجانب توفر شهادات البحث، ولكن أسعارها مرتفعة مثل حي كافوري ببحري والمنشية والعمارات بالخرطوم، حيث يبلغ سعر المتر فيها ألف جنيه. وأرجع المواطن عوض أحمد من بحري أن ارتفاع الأراضي يرجع إلى عدم توفر خطط اسكانية في الوقت الراهن لأنها تأخذ فترة طويلة حتى تكون جاهزة للجمهور، بجانب ارتفاع الأرض القطعة الخالية أكثر من الأرض الجاهزة المبنية. وقالت المواطنة مريم إنها وزوجها تمكنت من شراء أرض خالية بالرغم من ارتفاعها حتى تبنيها بالشكل الذي تريده.
ويقول خليل موسى صاحب محل للعقارات بالخرطوم إن الركود الذي سيشهده سوق العقارات إلى الأسعار العالية وقلة السيولة لدى المواطنين، حيث بلغ سعر القطعة في حي الشهيد طه الماحي يتراوح ما بين 310-300 ألف جنيه للقطعة الناصية و285 ألف جنيه للقطعة العادية وفي جبرة مربعات 15 و 18 و 19 يتراوح سعر القطعة ما بين 165- 170 ألف جنيه، وفي حي الشارقة يصل سعر القطعة الناصية إلى 300 ألف جنيه، وفي الحلة الجديدة يتراوح السعر ما بين 190-210 ألف جنيه. وقال إن أسعار العقارات في العاصمة تعتبر هي الأعلى وذلك شيء طبيعي على حد تعبيره.
ويرى عبدالرحمن الهادي “صاحب محل عقارات” أن السبب وراء ارتفاع أسعار العقارات والأراضي هو الطلب العالي في بعض المربعات، مقابل قلة العرض، وان هنالك عدداً من الأسباب الأخرى التي أدت إلى الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات من ضمنها عدم توفر العملة الصعبة بجانب ارتفاعها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع مواد البناء مباشرة، مبيناً أن سوق العقار لا يتوقف برغم من وجود أحجام عن الشراء، إلا أن المواطن مضطر إلى أن يشتري، منوهاً بأن الطلب يكون عالياً على المناطق القريبة من وسط الخرطوم ومناطق الخدمات من صحة وتعليم ومياه وكهرباء وصرف صحي، مشيرا إلى أن هذه العوامل أساسية عند طلب شراء أرض، لافتاً إلى أن سعر الأرض بمنطقة شرق النيل لمساحة 300 ــ400 متر بناحية كبري المنشية بلغ 350 ــ400ألف جنيه، بينما الأرض بمنطقة الطائف والمعمورة والفردوس تباع بالمتر، وسعر المتر الواحد يتراوح ما بين 1500ــ 2000 جنيه.
وأكد محمد عمر صاحب محمل عقار بأمدرمان أن الكساد والركوض اللذين تشهدهما الأسواق الآن بسبب انعدام السيولة لدى المواطنين، بالإضافة لارتفاع الأسعار الذي يراه البعض غير مبرر، مؤكدين أن الأسعار المطروحة للمنازل والأراضي غير حقيقية. وقال إن هذه الفترة تشهد ارتفاعا كبيرا خاصة بالمهندسين، حيث يتراوح سعر قطعة الارض مابين 800-1000 فيما يصل إيجار الشقة إلى 1200 جنيه، فيما بلغ سعر الإيجار لمنزل أرضي سايفون وسيراميك في المربعات 1500 جنيه ويتراوح سعر القطعة الخالية ما بين 230-250 الف جنية. مؤكدا أن سعر القطعة الخالية بمنطقة النخيل بلغ 250 ألف جنيه مقارنة ب 200 ألف جنيه من قبل. معزيا أسباب ارتفاع الأسعار العقارية في هذه المنطقة لموقعها الاستراتيجي. وأضاف حسن أن شراء قطعة أرض داخل حي درجة أولى يصل الي 450 الف جنية لمساحة تقدر ب 600 متر ويتراوح سعر المنزل المكون من طابقين ما بين 850 -900 ألف جنيه. وفي منطقة الخرطوم قال السيد زكريا الحاج صاحب وكالة للعقارات أن سعر المتر المربع بالخرطوم وسط بلغ 3500 جنيه وفي الرياض 1200 جنيه والمنشية 1100 والطائف 1000 جنيه فيما وصل في المعمورة إلى 650 جنية وفي قاردن سيتي بلغ سعر المتر المربع ألف دولار. وشهدت منطقة أبو آدم ارتفاعا ملحوظا في أسعار الأراضي. وأوضح السيد خليفة عطا المنان صاحب وكالة عقارية أن سعر القطعة العادية بدرجة أولى يصل إلى 175 ألف جنيه في مساحة تقدر بـ 400 متر وسعر القطعة الناصية بلغ 200 ألف جنيه فيما تتراوح الأسعار في منطقة الدرجة الثانية بين 120 150 ألف جنيه لمساحة 300 متر، مضيفا أن أكثر المناطق ارتفاعا هي جبرة والشهيد طه الماحي ويثرب والدوحة. وعن الإيجارات قال إن إيجار نصف منزل في هذه المناطق يصل إلى 450 جنيها فيما يصل سعر إيجار منزل كامل إلى 1000 جنيه. وفي محلية بحري قال السيد حسون عبدالله صاحب وكالة عقارية إن سعر المتر في منطقة المغتربين والصافية قد بلغ 1700 جنيه، وفي بحري وسط وصل سعر المتر إلى 1000 جنيه وتختلف أسعار إيجارات الشقق.
ومن جانبه يرى إدريس خالدة أن تراجع الطلب على العقارات في الكثير من المناطق جنوب الخرطوم في كل من الانقاذ والازهري، يعود الى الركود في سوق العقارات وضعف السيولة، الأمر الذي يلقي بظلاله على الوضع التجاري، ونفى تأثر حركة الطلب على القطاع العقاري في الكثير من المناطق ببحري، وقال إن حركة السوق العقاري يحكمها العديد من العوامل، ولا يمكن الحديث عن عامل واحد يؤثر في تحديد الأسعار وقيمة العقار، في ظل التطورات المتسارعة في ولاية الخرطوم.
الاخبار السودانية – إعداد: ريم الأحمر محمد فتحي
اسعار العقار فى السودان لا تخضع للعرض و الطلب, المغالاه فى الاسعار نجمت عن لجوء الكثير من اصحاب المال الى شراء الاراضي و العقارات باعتبارها الملاذ الامن لثرواتهم وبذلك اصبحوا يتحكموا فى الاسعار وفق اهواءهم و ليس وفقا لقوي السوق…اتوقع ان يشهد قطاع العقار هزه عنيفه تفوق تلك التي حصلت فى الخليج…اتمنى ان تدخل الحكومه كمستثمر حقيقي فى سوق العقار و ذلك لتصحيح التشوه الحاصل فى السوق ….اذا لا يعقل ان يكون ثمن شقه 230 متر في الرياض مبلغ 320الف دولار!!!! كم دخل الانسان الذي يسكن فى مثل هذه الشقه؟؟؟