رأي ومقالات

دفاعا عن أنصار السنة

أثارت زيارة القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالخرطوم لمقر جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان جدلاً كثيفاً وردوداً في الأوساط الإعلامية خاصة الصُحُف اليومية، وبعض المواقع الإلكترونية، وكنت قد أجريت إتصالاً هاتفياً برئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان الشيخ الدكتور إسماعيل عثمان محمد الماحي، وقد بيّن لي بكل تواضع وإحترام كل الحقائق التي كانت غائبة عني ولأشرك القاريء الكريم قمت بتفريغ هذا الحوار الذي كان مطابقاً لخطبة الجمعة بتاريخ 3/5/2013م. حيث قال 🙁 أن السفير الامريكي طلب زيارتنا، واستقبلناه بمقر المركز العام للجماعة “ولله الحمد والمِنّة” أسمعناه التوحيد وأسمعناه الإسلام وأسمعناه الدين وعرّفناه بهذه الدعوة، وكان هذا طلبه كان طلبه مُعبَّر عن رغبته في هذا النبي وعلتها أنه يريد أن يتعرف على (أنصار السنة) ويسمع منها ويتعرف على دعوتها، فأعلمناه عن هذه الدعوة أنها تقوم على القران الكريم وتقوم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نفهم القرآن والسنة على فهم السلف الصالح، وبينا له من هم السلف الصالح وبسطنا له العبارة وبينا له المنطق في أن من كانوا حول النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة شهِدوا القرءان ينزل عليهم وشهِدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يطبق هذا الدين فهم أولى بالفهم من غيرهم ونحن لهذا نأخذ فهمنا بفهمهم لهذا الدين ونأخذ من ثمَّ القواعد الكلية عن هذا الدين، ولهذا نحن سلفيون بهذا المعنى ولسنا سلفيين بالمعنى الذي يقوله الشيوعيون ويقوله اليساريون أن السلفية معناها الرجعية، قلنا له نحن نفهم الدين على الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نمشي بهذا الفهم ونعيش عصرنا ونستفيد من العلاقات العامة ونستفيد من التقنية والتكنلوجيا والتطور ونعتقد أنه ما من قضية في هذه الدنيا مهما تطور ومهما تقدمت العصور إلا وفي الإسلام حلها. وقلنا له هكذا نحيا عصرنا بدليل أننا استقبلناك وأضفناك ونبلغك ونعلِمك ونُعْلِمك بديننا، هذا هو نهجنا، وبيّنا له أن هذا الدين يقوم على أصل التوحيد ثم الإتباع ثم وصولاً الى تزكية النفوس وشرحنا له هذه الكلمات وهذه المصطلحات وبسّطناها له ، وعللنا له لماذا ؟ قلنا له لأن الله هو الخالق الذي خلق كل هذا الكون فيستحق أن يُعبد وحده لا شريك له لا إله إلا الله ومعنى لا إله إلا الله، وبيّنا له أن الاسلام يقوم على مباديء أساسية من أعظمها العدل وشرحنا له العدل وقيمة العدل في الاسلام، وأن العدل مأمور به مع القريب ومع البعيد، قُربك من هذا لا يحملك على محاباته والميل نحوه والبعد من الآخر لا يحملك على منعه من حقه أو ظلمه، وتلونا له الآيات (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة آية(8)، حتى قلنا له أن ديننا يُحرِّم الظلم في أبسط القضايا حتى في تقليم الأظافر لا يجوز أن تُقلِّم بعض أظافرك وتترك بعضها، وغير ذلك من الأمثلة وحدثناه عن الخير، قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران آية (110) وأن هذا الخير سِمة وصفة ينال به الأمة وأن هذا الخير في القوم وهذا الخير في البر ، وهذا الخير في المال، وأن الأموال في الاسلام – أموال الخيرين- ليست وقفاً على المسلمين فقط وإنما يصل منها حتى للكفار ولغير المسلمين، وحدثناه عن سهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة، هذا سهم خاص يدخل فيه المسلمون وغير المسلمين حتى، وأن هذا الخير خيرٌ عميم. هذه من السمات الأساسية للأمة المسلمة وللدين الإسلامي، نحن ندعوا لهذا الدين بشئونه كله هذا وأن ديننا هذا صالح لكل زمانٍ ولكل مكان، وعرفناه بأننا ندعوا بالحكمة والموعظة الحسنة وأننا ليست عندنا فظاظة وليست عندنا غلظة وإنما ندعوا بالحوار. سأل عن علاقتنا بالطرق الصوفية؛ قلنا له لنا معهم علاقات حميمة في قضايا كثيرة إلا أننا ندير خلافاتنا بالحجة والبرهان وبالدليل وقلنا له إذا اختلف المسلمون الله تعالى يقول: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) النساء آية (59).
كل ما قدمناه له كان من الأدلة ومن البراهين، لأن الرجل يعرف اللغة العربية تماماً ويعلمها ويفهم معناها تماماً، وكنا نُبسط له وُنسهل له حسب عقليته الغربية نُدخل له المعاني بطريقة يفهمها هو من الواقع الذي يعرفه ويعيشه، ثم حدثناه عن فقهنا بالعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين وحدثناه عن وضع الأقلية المسلمة إذا كان المسلمين أقلية ودخلوا بلاد غير المسلمين فواجبهم أن يحترموا قوانين هذه البلاد، وضربنا له مثالاً حياً .. أنه لا يجوز لمسلمٍ أن يأخذ تأشيرة من دولة غير مسلمة كبريطانيا أو هولندا أو غيرها ثم اذا دخل يجب عليه أن يحترم قوانينها ونظامها ولا يجوز أن ينتهك فيها الحُرُمات ولا يجوز أن يُفجِّرَ فيها أو أن يقتل فيها، قلت له إذا كان يعتقد أنهم أعداء له وهو يكرههم لا يأخذ تأشيرة ويدخل لأن هذا رجع ونحن عندنا قِيم وعندنا أخلاق، إذا كنت تكره أن لا تدخل ديارهم بإذن، ودليلنا على ذلك قلنا له ما أرسل اليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما اشتد العذاب من المشركين على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالهجرة الى الحبشة وكان عليها النجاشي – وهو كان على النصرانية – فنزلوا عنده وأحترمهم وتزكية النبي وشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له قال (…أنه لا يظلم عنده احد) فنزل عنده المهاجرون وأقاموا بخير مقام وكانت لهم الحرية في الدعوة الى دينهم وحرية إقامة شعائرهم حتى أنهم دعوا النجاشي نفسه فأسلم النجاشي، وبيّنا له أن الذي يُهاجر الى بلاد غير المسلمين يكون جزءاً منها بدليل أن الصحابة لما سرق رجل من الأحباش على النجاشي ليسلب وده قام المسلمون، والقصة ترويها أم سلمة رضي الله عنها قالت (فجعلنا ندعوا الله أن ينصر النجاشي على عدوه خشية أن يأتي من لا يعرف حقنا فيظلمنا) فكان هذا فقههم في بداية الإسلام قلنا له هذا فهمنا ، فالذي يجري من بعض المنتسبين للإسلام يدخلون بلاد غير المسلمين ويفعلون لا يمت للإسلام بصلة، ثم حدثناه بالمقابل عن وجود الأقلية غير المسلمة في بلاد المسلمين وأن هذه الأقلية غير المسلمة حقوقها محترمة ويجب عليها أن ترعى حقوق المجتمع المسلم وتراعي أخلاقه وقيمه، إذا كانت كذلك فإنها محترمة ومقدرة، وقلنا له دليلنا على ذلك دولة المدينة المنورة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أغلبية وأكثرية ومعهم قلة من اليهود وكان اليهود يزرعون ويتاجرون حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم إقترض شعيراً من يهودي لم يسلب منه المال ولم يسلب منه الشعير على أنه الرئيس أو على أنه الرسول وإنما أخذ الشعير ورهن عنده درعه، قلنا له هذا هو الوضع الصحيح، وكلمناه عن ما يجري بإسم الجهاد ليس بصحيح وقلنا له إنما الجهاد موجود في الإسلام ، نحن ندعوا بالرفق (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ) ولكن اذا وقف أمامنا الناس بالحجة قارعناهم بالحجة واذا وقفوا أمامنا بالسلاح قارعناهم بالسلاح، فنزيح الباطل والطغاة ثم نقدم ونواصل دعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة. حدثناه عن كل ذلك وحدثناه عن أنه هو الآن أمامنا نحن ندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة الى معاني الإسلام وهو نسمع منه حججه ويسمع منا حججنا، كل هذه المعاني وغيرها – ولله الحمد والمنِّة – أبنّاها له بوضوحٍ كامل؛ ثم حدثناه عن السودان وحدثناه عن أمريكا على أنها دولة عندها إمكانات وأبنّا له أن هذه الإمكانات ليست من عندها وإنما هي من الله وتلونا عليه القرآن قوله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران الآية 26، قلنا له كلما كانت الدولة عظيمة وعندها إمكانات يجب عليها من التبعات مالا يجب على غيرها فنرجوا أن تكون للولايات المتحدة دور، دوراً في السلام العالمي والإستقرار العالمي وسلام السودان خاصة واستقرار السودان خاصة، وطلبنا منه ان يحدثنا في هذا الشأن، وقال إن السودان دولة مهمة عند أمريكا ودولة مهمة في افريقيا وهنالك بعض التحديات بيننا وبين السودان نتمنى أن تزال هذه التحديات حتى تعود العلاقات الى طبيعتها، طلبنا منه أن يُساهم وأن تساهم الولايات المتحدة لخير هذا البلد كما عرفناه عن هذه الجماعة.
نحن نعتقد أن هذه فرصة عظيمة أن يُهيىء الله لك رجلاً يمثل دولة كالولايات المتحدة ونعتقد أن بلاغنا هذا الذي وصل لهذا السفير إنما هو وصل الآن الى الخارجية الأمريكية ووصل الى الرئيس الأمريكي ونحن إن شاء الله تعالى كل من نصل إليه وكل من نستطيع الوصول إليه نبلغه دعوتنا ونبلغه الحق فإنه يسمع منا لا يسمع من غيرنا، فالآن الإعلام يشوه صورة السلفية وصورة الإسلام عامةً. سأل عن السلفية الجهادية قلنا له هنالك سلفية واحدة، أما السلفية الجهادية فإعلام من الإعلام العالمي يشوه هذه الصورة والسلفية كذا … وكذا والجهاد هذا شأنه، كل هذا بفضل من الله تعالى وتوفيقه ونحسب أنّا قد أوصلنا إليه دعوة الإسلام نسأل الله تعالى أن يشرح صدره للإسلام إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وفيما يخص إهداء – رئيس الجماعة- مصحفاً للسفير ذكر أن المصحف أُهدي للسفير الأمريكي في صندوق (فاير قلاس)، مستنداً على فتوى الشيخ مصطفى ناجي -رحمه الله- وهو من أعلام الدعوة السلفية، وكان نائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان، ولد بمدينة سواكن في السودان عام 1334هـ، وتلقى العلم على يد الشيخ أبو طاهر السواكني، أحد علماء الأزهر المعروفين، وفي عام 1945م كوَّن الشيخ ناجي مجموعة للدعوة أطلق عليها اسم (جماعة التوحيد)، ولما سمع بجماعة أنصار السنة في أم درمان بادر بالانضمام إليها، وعمل في صفوفها، وتولى إمامة مسجد المركز العام للجماعة ولمدة تزيد على ثلاثة عقود، وأصبح بذلك خطيبَ أهم مسجد للجماعة، تميز -رحمه الله- بغزارة علمه، وكان له أسلوبه المتميز في تدريس أبواب التوحيد والعبادات وتناول القضايا العامة وتحليل الأحداث، وكان من المهتمين بالعلم والتعليم، واستطاع أن يستقطب الكثير من الشباب إلى الدعوة السلفية من خلال الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها بالمركز العام للجماعة، وقد تخرج على يديه المئات منهم، وكان له أثر بارز في إعداد الكثير من الدعاة وخطباء الجمعة. ابتُلِي وامتحن في سبيل دعوته، وكان حكيمًا مع خصومه وكسب الكثير منهم، أنفق بسخاء في سبيل نصرة الدعوة الإسلامية، توفي رحمه الله في التاسع من شهر شوال عام 1423هـ.
وأقول أن الرجل – أي الدكتور عثمان- لطالما لاقى من سهام الإعلام ما لاقى فهو إن شاء الله في ميزان حسناته فهذا إجتهاده إن أصاب فله أجر وإن أخطأ فله أجران، فما قامت به جماعة أنصار السنة المحمدية من أعمال ومن جهد عجزت عن القيام به الدولة والحكومات ممثلة في أجهزتها، فالحمد لله بفضل هذه الجماعة تغيرت كثير من المفاهيم الخاطئة وتحول الكثيرون ممن كانوا يعتقدون في الشيوخ وفي الأضرحة الى الإلتجاء الى الله الواحد القهار، ويشهد بذلك كل ذي بصيرة .
والله من وراء القصد…

أحمد أبوعائشة
[email]Ahmed1922@hotmail.com[/email]

‫4 تعليقات

  1. [SIZE=4]هذه الجماعة لها فضل كبير على السودان بعد الله تعالى في نشر الخير والتوحيد والعلم والعزة وعدم اتباع وعبادة المشائخ والاولياء فالعبادة لله وحده ولا ينكر فضلها الا جاحد [/SIZE]

  2. جزاءك الله خيراً الاستاذ/ أحمد أبو عائشة على هذا التوضيح الجيد منك على ملابسات زيارة السفير الامريكي لجماعة أنصار السنة المحمدية. حقيقة لقد أظهرت ماأوضحه الشيخ الدكتور/ اسماعيل عثمان في ذاك اللقاء….فلك الشكر الجزيل والثواب من الله

  3. جزاكم الله خيرا وأسأل الله العلي القدير أن يشرح صدره للاسلام وصدور بقية غير المسلمين الى الاسلام ولاننسى ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتي هي أحسن……….. والحمدلله على نعمة الاسلام….