نادية عثمان مختار

إجهاض !!


إجهاض !!
في آخر مرة التقيتكم فيها أعزائي القراء عبر هذه الزاوية (مفاهيم) قبل أن أتغيب ليوضع فوق اسم زاويتي (تحتجب لظروف صحية) كنت سعيدة جدا، بما منحني المولى من نعمة عظيمة!
التقيتكم يوميا ولمدة ستين يوما وأنا أحملها معي أينما ذهبت، كنت أذهب لعملي بقناة امدرمان الفضائية ولمكاتب جريدة الأخبار و لوالدتي (آمنة) وشقيقاتي وأشقائي جميعهم وألتقي الأصدقاء والزملاء وأنا أحمل هذه النعمة الغالية وأطير بها فرحا !!
كانت النعمة التي منحها إياي المولى برحمته تكبر في روحي وتشعرني بجمال الكون من حولي، كنت أحملها بين (أحشائي) وأصلي لله أن يحفظها حتى تخرج الى نور الدنيا قيشع ضياؤها وتملأ الآفاق حبورا وسعادة .. ولكن !!
في ذات مساء كئيب شعرت بآلام تغرز نصلها بكل القسوة في ثنايا روحي وصميم أحشائي ليغرق قلبي في شلال من الدم الأحمر القاني معلنا تهديدا وخطرا كبيرا على تلك ( النعمة) التي رجوتها من الله سبحانه وتعالى، وعند ذهابي لمستشفى (البراحة) بالخرطوم بحري كنت أمني النفس بأن تنقذ يد العناية الإلهية (جنيني) على يد ذلك النطاسي البارع، والرجل الإنسان د. ريموند منير جورج، خاصة مع الاهتمام الذي وجدته من المدير الطبي د . فكري ود. رباب وكامل طاقم التمريض (ملائكة الرحمة) أولائك النساء شبيهات بعضهن البعض في معظم التفاصيل وكأنهن ليسوا بنات بلد آسيوية واحدة بل شقيقات رحم امرأة واحدة !!
كل محاولات د. ريموند لانقاذ (نعمة) الله التي بين أحشائي باءت بالفشل للأسف، وأصبح شغله الشاغل هو إنقاذي من موت محقق بعدما صارح زوجي العزيز جمال جادو بخطورة وضعي الصحي نسبة لشبه انعدام الدم في أوردتي التي لم يكن يجري فيها سوى مادون الخمسين في المائة وهي نسبة لولا لطف الله لكانت أودت بي الى الموت !
خرجت من غرفة العمليات ورحمي خاو من ذلك الصغير الذي تمنيته
(ولدا) ليحمل اسم والدي الحبيب (عثمان)؛ وكان والده يدلعه بـ (ثومي) ويقرأ له القرآن بعد كل صلاة فجر ويحدثه عن آمال عراض وأمنيات لم يقدر الله لها التحقق والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه !!
ليس أصعب من آلام ( الإجهاض) على جسد المرأة وروحها، وليس من لحظات أقسى من أن تفقد صغيرك مهما كان عمره يوما أو عشرة أعوام أو مائة، فالإحساس بالوجع لا ينقص، وحجم الفجيعة لا يكون بحجم ذلك الصغير في طور التكوين؛ هو طفلك الغالي في كل الحالات وحزنك لفقده عظيم لا محالة !!
من تقديرات المولى أن أفقد جنيني يوم أن نالت الجماهيرية الليبية كامل حريتها بمقتل الرئيس معمر القذافي وبينما كنت أبكي من ألم (الإجهاض) كان الليبيون يحتفلون (بميلاد) دولتهم الجديدة .. فهنيئا للشعوب تحررها وليعوضني المولى بعظيم نعمه عن تلك (النعمة) التي احتسبتها وماقلنا إلا مايرضي الله ورسوله..!!
جزيل شكري لأستاذي محمد لطيف رئيس التحرير والأستاذة الفاضلة أميرة عبد العظيم المدير العام على تكبدهم المشاق وزيارتي في منزلي والشكر للعزيزة ملاذ حسين خوجلي نائب المدير العام بقناة امدرمان الفضائية وكامل طاقم الزملاء والزميلات بصحيفة الأخبار الغراء وقناة امدرمان ولكل القراء الأعزاء الذين تفقدوا وافتقدوا وجودي عبر
(مفاهيم) للأيام القليلة الماضية.. وعذرا أن أشركتكم في أوجاعي ولكن هذا لإحساس القرب منكم .. ودمتم..!!
و
إن العين لتدمع .. وإن القلب ليحزن !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/10/25
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. كفارة وربنا يعوض عليك (( ويا البهائم المعترضين على الاستاذة ان بثت همها وحزنها عبر الصحافة اقول لكم انشاء الله تشوفوا فى روحكم وفى نسوانكم عشان تعرفوا حار كيف يا بهائم وشوف الوكت داك لو ليكم مراد كل السودان يجى يواسيكم ويشيل من همكم الجنى غالى وفقدو عزيز وحاااار على الاب والام وان كانت الاستاذة قد عبرت عن هذا فهى تعبر عن كل ام فى السودان عانت ولازالت تعانى من الاجهاض واكاد اجزم ان كل امراءة عانت من الم الاجاض اكاد اجزم بأنها سوف تجد العزاء لها من خلال مقالة الاستاذة )) وعليكم الله اسكتوا يا ابواق النحس انتو