الجنوبيون والوحدة الطوعية

[JUSTIFY]تظاهرات ومسيرات في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان تطالب بالعودة إلي سودان موحد بعد أن تردت الأوضاع الأمنية وتزايدت جرائم النهب والقتل بشكل واسع جعلت الخروج ليلاً فيه الكثير من المخاطر المحتملة، حيث حمل المتظاهرين جثتي قتيلين جابوا بهما شوارع جوبا منددين بضعف الأجهزة الأمنية في الحد من جرائم القتل اليومي إلي أن وصلوا إلي مبني البرلمان، حيث تم تفريقهم وأقر وزير الداخلية بتورط مجموعات من الشرطة والجيش في الجرائم التي وقعت مؤخراً.

ومؤكداً أن السلطات قد ألقت القبض علي عدد منهم، كما أن وجود ذلك الكم الكبير من الأجانب الأفارقة له علاقة مباشرة بعمليات السطو والنهب التي اجتاحت جوبا في الآونة الأخيرة، والذي أثار انتباهي في تلك التظاهرة ليس التنديد بأجهزة امن التي أخفقت في القضاء علي الجريمة بقدر ما شد انتباهي تلك الهتافات الجماهيرية الجنوبية التي تطالب بعودة الوحدة ما بين البلدين الشقيقتين بعد أن واجه الانفصال والاستقلال العديد من التحديات التي كادت وما زالت تهدد استقرار الدولة الوليدة بعد أن انفرط عقد الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وصار كل أبناء الراحل الدكتور جون قرنق في خبر كان فذهب “باقان أموم” إلي مكان مجهول ودينق ألور رهن التحقيق والدكتور “لوكا بيونق” ابتعد كلياً عن العمل السياسي مهاجراً إلي الولايات المتحدة الأمريكية وحتي “تعبان دنيق” تم إبعاده بعد أن احتد الصراع السياسي ما بين الرئيس سلفاكير ونائبه الدكتور رياك مشار الذي تمت إقامته مؤخراً، مما يجعل الأوضاع في دولة جنوب السودان تمر بمنعطف خطير قد يطيح بكل آمال الجنوبيين المتطلعين إلي الاستقرار بعد خيارهم للانفصال عن الشمال وتكوين دولتهم الجديدة التي ما زالت تمر بمطلبات وتحديات متجددة في كل صباح جديد.

ونحن هنا في الشمال نتألم كثيراً للحال الذي وصلت إليه الدولة الوليدة والتي آثر بنوها الاستقلال عن الدولة الأم في عجالة وإجماع أدهش العالم، حيث كان من الممكن تأجيل الاستفتاء لخمس سنوات قادمة حتي يتمكن أهل الجنوب وبمعاونة الدولة الموحدة في تكملة كل البنيات التحتية للدولة والشروع في وضع خطط اقتصادية جديدة مع الاهتمام بالزراعة والصناعات الصغيرة بالاستفادة القصوى من عائدات البترول ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتقرير المصير الذي كان شرطاً جزائياً قد أصبح واقعاً بأغلبية أهل جنوب السودان والذين كانوا يحملون بذلك الاستقلال من أبناء قرنق قد أصبحوا بين ليلة وضحاها في الأسر والإقامة الجبرية أو بالملايين مؤيدين لدعوة المتظاهرين الجنوبيين الذين خرجوا في جوبا مطالبين بعودة الوحدة التي كانت، ولو شمل حق الاستفتاء الشماليين لما كان الجنوب دولة جارة، ولكن في نهاية الأمر إنها تجربة جديدة خاضها الشعب الجنوبي وهو صاحب القرار في تصحيح خطأ الانفصال الذي لابد أن يتحول إلي وحدة طوعية في دولة واحدة تسع الجميع، حيث ما زالت أبواب الوحدة مشرعة وما زلنا نعتبر كل جنوبي هو سوداني له كل الحقوق والواجبات، فالانفعال والتسرع بالانفصال لابد ن يقود في يوم قادم إلي وحدة طوعية.

صحيفة الرأي العام
محمد المعتصم حاكم

[/JUSTIFY]
Exit mobile version