ساونا النساء السودانيات تثير فضول الخواجات

[JUSTIFY]ثلاث سيارات ملاكي وحافلة ركاب وشاحنة محملة بالذرة جميعها توقفت أمام (راكوبة) (عبدالله محمد إبراهيم) المنصوبة على مرمى من مركز شرطة المرور السريع الواقع في الخلاء الواسع بالقرب من الشوك شرق مدينة القضارف.
سائقو المركبات التي توقفت وركابها جميعهم تحلقوا حول جوالات الحطب المعروضة بتنسيق تام على الطريق القاحل، فتوقفوا طوعا بعضهم بنية الشراء والبقية بدافع الفضول، وكشف حجب أسرار الحياة الزوجية التي تبيح واد وحرق الطلح فى أوقات معلومة للزوجين!!
لم يتذمر (عبدالله محمد إبراهيم) رغم الهجير الذي غالباً ما يجبر الزبائن والفضوليين على الوقوف تحت ظل (عبد الله)، إذ لا ظل هناك إلا ظله الشحيح، يجيب على كل أسئلتهم بصبر أيوبي وكرم حاتمي، إذ جاوب عليهم جميعا تصريحاً أوتلميحا، ومن ثم وقف ينتظر من يتقدم للشراء، لا للسؤال.
(عبدالله) الذي درب نفسه جيدا على مثل هذه الأسئلة اللزجة أصبح (يفرز) صاحب الرغبة في الشراء، ومن يريد أن يستثير مجرد إثارة حواسه بتقليب الحطب ذي الرائحة النفاذة. المدهش في تجارة (عبدالله) التي مارسها منذ خمسة عشر عاما ليس فضول أبناء البلد العارفين ببواطن الأمور، وإنما فضول الخواجات الذين تدهشهم الحرفة نفسها وليس طريقة استخدامها!!
الدهشة ما بتعرف زمن!!
ثمة من يهبط من سيارته ليسأل عن سعر جوال الطلح ومن يقارع محتجا على سعره الذي يتراوح مابين (45- 60) جنيها، مشيرا بسبابته نحو الغابة مترامية الأطراف التي لا تبعد عن راكوبة (عبدالله) سوى أمتار معدودة، مستكثرا السعر الغير معقول مقابل الجوال الواحد!!
بجانب الذين يستكثرون السعر هنالك آخرون لا يجيدون الجدال ولا يحبذون المساومة على السعر بحسب(عبدالله) الذي قال: بعض الزبائن يهبطون من سياراتهم فيدفعون السعر المطلوب برضا ممزوج بالامتنان ويغادرون دون أن ينبثوا ببنت شفة.
الجدال من أجل تخفيض السعر أو الدفع بسخاء كل هذا مقبول و(مبلوع) من السكان المحليين بالنسبة لـ (عبدالله) لكن الذي يجعل الدهشة تمد لسانها ساخرة هو عندما يستشاط الخواجات الذين يدفعهم الفضول للتوقف أمام جوالات الحطب ليس بغرض الشر فى بعض الأحيان إنما بدافع الفضول ومعرفة كنهها، وعندما يعلموا أسعارها يعلنون غضبهم، بحجة أن السعر غير معقول بتاتاً لاعتقادهم أن السعر الذي ذكر لهم هو سعر مضروب أو مغشوش، ولهذا يستخدمون طريقة خير وسيلة للدفاع الهجوم من أجل معرفة السعر الحقيقي رغم أن بعضهم لم يكن راغباً في الشراء.
الغابات نائية والحراسة مشددة!!
معظم الذين يحتجون على الأسعار يستخدمون فى حجتهم منطق وقوع الغابة على مرمى حجر من المكان الذي يعرض فيه (عبدالله) بضاعته، ولهذا يقوى لديهم الاعتقاد بأن سعر الجوال لا يمكن أن يصل إلى خمسين جنيهاً بل يجب أن يباع بنصف هذا المبلغ.
لكن (عبدالله) يرى أن بعد الغابة أو قربها لا يقلل من الأسعار بل العكس يمكن أن يتسبب قربها من موقع البيع فى زيادة الأسعار وخلق مصاعب لتاجر الحطب لان إدارة الغابات تضع التاجر تحت المراقبة الشديدة وتطارده بالجبايات والضرائب وغيرها لإرهاقه حتى يتخلى عن المهنة لأنهم يعتقدون أن وجوده بالقرب من الغابة يسهل له الاعتداء عليها بقطع الأشجار لغرض استخدامها فى تجارته الرائجة.
إلا أن شيء من هذا القبيل لم يحدث بحسب (عبدالله) الذي يزعم بأنه يقوم بشراء الحطب من جهات تأتي به من الغابات البعيدة وفق ضوابط مستوفية وشروط ملزمة بالقانون لا يشذ عنها أحد بتاتاً.
المواسم والأسعار والزبائن
أما بخصوص الموسم التي يجمع فيها الحطب يقول (عبدالله): يبدأ موسمه بنهاية الخريف أي في منتصف شهر أغسطس ولا ينتهي إلا بنهاية شهر يونيو وأفضل الأيام التي يُجمع فيها هي الفترة مابين شهر سبتمبر وديسمبر.
أما موسم البيع والشراء فأهمها فترة العيدين وفصل الشتاء من كل عام، وفي كل هذه المواسم ينحصر الزبائن في المسافرين فقط والعابرين، لأن السكان المحليين يجمعون كفايتهم منه بأنفسهم لا يلجأون للشراء بتاتا.
ويضيف (عبدالله): أهم زبائن حطب الطلح بالنسبة له هم المغتربون الذين يأتون في زيارات لذويهم ويتنقلون بين كسلا والقضارف أو حتى الخرطوم نفسها، غير هؤلاء جميعاً هناك زبائن عابرون للقارات، وهم بعض الخواجات الذين يأتون في مهام محددة، وعند عبورهم بالمنطقة يتوقفون عند راكوبته ويقومون بشراء كميات من الحطب، توقع (عبدالله) أنهم لا يستخدمونها، ولكن يأخذونها للذكرى أو تحليلها لمعرفة ما تحتويه من مواد تجعل الزبائن يتهافتون عليها دون تردد.

صحيفة اليوم التالي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version