الطاهر ساتي

‫رسوم الأمير ..!!


/

‫‫‫‫رسوم الأمير ..!!
** ماليزيا التي يعشقها ولاة أمر بلادنا، تفوًج سنوياً إلى بيت الله العتيق (26.000 حاج).. بمنتهى الهدوء، وبدقة حدها أن المواطن الماليزي لايعلم بخبر إختياره لآداء مناسك الحج إلا قبل ثلاثة أسابيع فقط من موعد إقلاع طائرته..وقائمة بأسماء أفراد الشعب بطرف السلطات هناك، والسلطات هي التي تختار من – تلك القائمة – حجاجها وفق معايير لاتظلم أفراد الشعب.. وسواسية هناك الفقير والغني في الإستطاعة، فالتكافل – عبر صندوق توفير الحج – هو الوسيلة التي تجعل كل فرد بالشعب الماليزي مستطيعاً ينتظر فرصته.. تفوجهم السلطات زُمراً ثم تعيدهم زُمراً، ويكونوا قد أدوا المناسك بلا إستغلال أو توهان أو ضياع، أوكما حال (الحاج السوداني) .. وليست ماليزيا وحدها، بل كل سلطات دول العالم، تبتكر- سنوياً – من الوسائل والنظم الراشدة ما تيسر بها شعيرة الحج لأفراد شعبها..تونس – على سبيل المثال – قررت هذا العام نظام (التفويج الجماعي)، ثم (العودة الجماعية)، وآخطرت حجاجها وأسرهم بموعدي ( الذهاب والإياب)..!!

** هكذا تمضي دول العام – بعقول أجهزتها و نزاهة سلطاتها – نحو عوالم أضحت تدير كل أمور شعوبها – بما فيها حج حجاجها بسلاسة ومصداقية، بيد أن عقول أجهزة وسلطات دولتنا لاتزال تعمل بنهج (السماسرة)..ولذلك، ليس في الأمر عجب أن يصبح موسم الحج في بلادنا (هماً للحاج وغماً لأسرته)..( مثلاً)، لو كانت بالولايات نظم الإدارة الحديثة التي تواكب وتتقن وتطبق الإدارة الإلكترونية، لما لجأت وزارة الإرشاد لوسيلة الإقتراع لإختيار حجاج هذا العام حسب الحصة (25.600 حاج)..(القُرعة) من الوسائل البدائية والمتخلفة والمشبوهة في عمل كهذا، وكان عليكم أن تسألوا أهل ماليزيا – قبل كم وعشرين سنة – عن تجربتهم وطرائق إختيارهم لحجاجهم، هذا ما لم تكن العلاقة بماليزيا هي فقط تخزين أموال الناس والبلد ثم الإستجمام و إستجلاب (الأثاثات الفاخرة)، وليس نقل (التجارب الناجحة)..!!

** والمهم جداً، ليس بكيفية إيجاد فرصة الحج، بل يبدأ الهم هنا بالتفكير في توفير (تكاليف الحج )..تلك التكاليف صارت ترهق حتى المستطيع، ومردها أن أجهزة الدولة – المركزية منها والولائية – تنتظر هذا الموسم كما الذئاب لتترصد بالحاج ثم تفترسه بالرسوم والجبايات و(عمولات السماسرة)..ومدهش أن تعلن وزارة الإرشاد تكاليف الحج بمبلغ (عشرين مليون جنيه)، ثم تخفض مبلغ (ستمائة جنيه) من تلك التكاليف بلسان حال قائل ( خلاص خفضنا ليكم ستمية جنيه)..هذا لايحدث في بلاد الآخرين، لأن تكاليف الحج عندهم لاتُحسب بأمزجة شخصية بحيث تكون فلكية ثم (قابلة للتخفيض)..هذا التخفيض المعلن – قبل يوم من بدء إجراءات التقديم – يؤكد أن تكاليف الحج المحددة من قبل السلطات (غير سليمة)..!!

** فالفنادق بالمملكة لم تعلن تخفيض أسعارها بعد توقيع عقدها مع سلطاتنا قبل نصف عام إلا قليلاً، ولا ملاك العربات هناك تنازلوا عن قيمة ترحيلهم لحجاجنا، فمن فواتير أي الجهات خصم وزير الإرشاد مبلغ الستمائة جنيه لصالح الحاج ؟.. بالتأكيد، خصمها من فواتير رسوم – وعمولات – أجهزة الدولة السودانية..والوزير القادر على تخفيض هذا (المبلغ الهزيل)، دون التأثير في التكاليف، قادر أيضاً على تخفيض(مبلغ كبير)، ولكن لن يخفض بحيث تكون التكاليف (حقيقية)..فالموسم – في دهاليز أجهزة الدولة – ليس لحج من إستطاع إليه سبيلاً فحسب، بل هذا الموسم سوق ( للسماسرة أيضاً)..عفوا، في بلادي يلقبونهم بالأمراء، ربما كنوع من التأصيل ( وكده) ..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]


تعليق واحد