القمــة العربيــة ..ســـؤال ..!

تلتئم اليوم في ظروف بالغة التعقيد، القمة العربية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط أو نوق الشط ، حيث ينتقل القادة العرب إلى أقصى المغرب العربي على شاطئ الميحط الأطلسي، لينظروا من هناك إلى حال الأمة العربية المنقسمة الممزقة التي تعيش أسوأ حالاتهاعلى الإطلاق، فلم يسبق أن مرت أياماً سوداء كالحة على أمتنا مثلما هي اليوم. فعدد من الأقطار العربية مثل سوريا، وليبيا، والعراق، واليمن، تغرق في الدماء ورائحة الموت والبارود، وتلف الحيرة واليأس والسأم الشعوب العربية المكلومة وهي تنكفئ على جراحها وآلامها بعد أن فقدت آمالها.! ولن نُخطئ أو نبالغ إن قلنا إن القمم العربية فقدت قيمتها ولم تعد الشعوب العربية تؤمل فيها أو ترجو منها شيئاً، فقد خرج العرب من نافذة التاريخ بعد أن دخلوا التاريخ قديماً من أوسع أبوابه بحضارتهم الإسلامية وتاريخهم الساطع وما قدموه للبشرية والحضارات الإنسانية من مساهمات فذة ورائدة . ومن المؤسف أ لا يلقى المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، أي اهتمام أو اكتراث بما يفعله قادته، وكل ذلك بسبب الإحباط والشعور بالخيبة والهزيمة، فأوطانه مبعثرة، ومهد تاريخه أشلاء متناثرة، ولا أمل يتعلق بحباله، ولا طوق نجاة يلوح في الأفق، ومن المؤسف أيضاً ألا تجد إجابة واحدة من النظام الرسمي العربي على هذا الكم الهائل من الأسئلة المشروعة الموجودة في قلب كل عربي، ما استطاعت القمم العربية ولا الجامعة التي تأسست لتعبر عن تطلعات الشعوب العربية أن تخطو خطوة واحدة نحو الحلم العربي، في الوحدة والتكامل الاقتصادي والنهضة والاستقرار والتبادل السلمي للسلطة، ولا تحققت الكرامة والعزة وشطبت دولة الكيان الصهيوني من خارطة المنطقة واقتلعت من جذورها وتخلصنا منها للأبد .. والآن نحن نعيش حالة عجز كاملة، الجسد العربي مشلول، والجلطة الدماغية أصابت وأتلفت مواطن التفكير القرار، وغطى الأفق العربي دخان كثيف عربدت معه المؤامرات ومخططات استصغار الأمة وتحقيرها وإنهاء دورها وسلب إرادتها، وفقدت أمتنا أهم مقومات وجودها، غابت عن شوارعها ومنتدياتها وحركتها القوى الحية التي كانت تعطي العالم العربي والحق العربي زخمه وقوته وحيويته واشتعاله .. وكنا قد ظننا أنه بعد الربيع العربي ستنتعش الأمة كلها وسيقوى عودها من جديد ويخضر، وستعود الى الوطن العربي الكبير خصائصه التاريخية ويعيد إنتاج نفسه ويستعيد كرامته وكبرياءه وفردوسه المفقود، لكن خذلت الأمة في نفسها وقدراتها، وتم الانقضاض سريعا ًعلى الربيع العربي وانقسم العرب أنفسهم حوله وأطفأوا ناره ثم جلسوا في الظلام يتلاعنون ..! إذا كانت الأنظار تتجه نحو العاصمة الموريتانية نواكشوط حيث يلتقي القادة العرب في قمتهم، لعلهم وهم في بلاد الشناقيط (صحراء الملثمين)، يتلمسون مسربا ًجديداً تنقشع به الظلمة عن عالمنا العربي وتكشف الغمة في القمة التي تبدأ اليوم ، فليس أمام القادة العرب إلا مواجهة الحقائق وإزاحة الصخور الناتئة عن الطرق والدروب، وكبح جماح السقوط والانحدار نحو الهاوية والقاع، فنحن نسقط عمودياً إن لم ننتبه ونستيقظ ، ونحن في حاجة إلى مشرع إحياء جديد في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية، وقبلها نحتاج إلى شيء يُحصِّن أمتنا من التلاشي والانزواء .. نحتاج إلى الجيوش العربية التي اختفى بعضها وضاع، ونحتاج للمال العربي الذي يتبدد ويُحجب في البنوك الأمريكية والأوروبية، ونحتاج إلى العقول العربية التي تريد فرصتها لتبدع وتفكر وتجد لنا المخرج والحلول، فليس أمام القمة اليوم إلا البحث عن الشعوب التائهة في بيداء الحيرة والفراغ والقنوط ، فإن وجد القادة شعوبهم وتصالحوا معهم وحملوا أمامهم المشاعل وواجهوا معهم المؤامرات، سيعلوا غداً .. نعم.. غداً القريب جداً .. نشيدنا العربي الخالد الذي يتردد صداه في كل قلب وأُذن من أقصى بلادنا إلى أقصاها :ـ بِلاد ُالعُرْبِ أَوْطَانِي مِن الشَّامِ لِبَغْدَانِ وَمِن نَجدٍ إلى يَمَنٍ إلى مِصْرَ فَتَطْوانِ فَلا أحَدٌ يُبَاعِدُنَا وَلا دِينٌ يُفَرِقُنَا لِسَانُ الضَّادِ يَجْمَعُنَا بِغَسَّانٍ وَعَدْنَانِ لَنَا مَدنَيَّةٌ سَلَفَتْ سَنُحَيِّيهَا وَإن ْ دُثِرَتْ وَلَو فِي وَجْهِنَا وَقَفَتْ دُهَاةُ الإنسِ والجَانِ فَهُبُوا يَا بَنِي قَََََوْمِي إلَى العَلْيَاءِ بِالعِلْمِ وَغَنُوا بَنِي أُمِي بِلادُ العُرْبِ أوْطَانِي

Exit mobile version