صادرات اللحوم … فتح أسواق جديدة

في الوقت الذي كانت ترفض فيه السلطات المصرية دخول شحنة من الإبل واردة من السودان إلى مصر عبر محجر أبو سمبل، والبالغ عددها 3500 رأس، بحجة إصابة 69 منها بمرض (كورونا) -بحسب قولها- كانت تركيا تعبد طريقاً يمكنها من استيراد منتجات الثروة الحيوانية السودانية بصورة مباشرة دون وسطاء، وذلك عبر التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين أمس الأول، و التي حوت (26) مادة .

* استراتيجية تركية
وقع على الاتفاقية من الجانب السوداني وزير الدولة بالتجارة الصادق محمد علي حسب الرسول، ومن الجانب التركي نائب وزير الاقتصاد والتجارة الفاتح متين، المفاوضات التي سبقت عملية التوقيع جرت على مرحلتين: الأولى كانت في تركيا والثانية إلتامت بالخرطوم لتفضي إلى الموافقة على استيراد تركيا لمنتجات الثروة الحوانية السودانية، بجانب منتجات زاعية أخرى، وفي المقابل التزمت تركيا بتقديم العون الفني لإنضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية، والشاهد أن الأمر يأتي إنفاذاً لولوج الاستثمارات التركية في أفريقيا بالتركيز على دول جنوب الصحراء، والتي أعلنتها في (2009)، إضافة إلى سعي تركيا لطرح استثماراتها في الدول ذات الاستقرار الاقتصادي نسبياً، أو تلك التي لا تعترف بالشركات متعددة الجنسيات، ويعتبر السودان من تلك الدول، سيما وأنه يمثل سلة غذاء العالم، وبدا جلياً أثناء المفاوضات أن تركيا تريد تزويد بلادها باللحوم والمنتجات الزراعية، وأبان الوفد أنه وجد ضالته في السودان.
* تبادل غير مرضي
ولكن الوزير الصادق أفصح عن عدم رضاه عن حجم التبادل التجاري بين الخرطوم وأنقرا في الفترة الماضية، لجهة أنه يصب في مصلحة الميزان التجاري التركي، وأنه لم يتجاوز (500) مليون دولار، متوقعاً في الوقت ذاته أن يتعاظم حجم التبادل في العام الأول بعد الاتفاقية إلى مليار دولار، وفي المنحى ذاته تأتي أهمية الاتفاقية في أنها يتم متابعتها على مستوى رئاسي من الجانبين، إذ أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره المشير عمر البشير في الأيام القادمة، مرهونة بإنهاء الجداول الملحقة، وكشف الصادق في تصريحات صحفية أعقبت التوقيع، عن تلقي الجانبين توجيهاً من رئيس الوزراء الفريق أول ركن بكري حسن صالح للمضي دون توقف في تنفيذ الجداول الملحقة بالاتفاقية، وإنهائها في الوقت المحدد، على أن يتم التوقيع في الجولة الثالثة في بداية يوليو المقبل .
* اشتراطات صحية
الوزير التركي الفاتح متين يرى أن التبادل يلزمه تعاون بين القطاع الخاص في البلدين بغية الوصول إلى الغايات المنشودة من الاتفاقية، أما فيما يخص استيراد الثروة الحيوانية السودانية طالب الوزير بالتعرف على الاشتراطات الصحية ومعايير السلامة للقطيع السوداني، معللاً ذلك بأن هذه المعايير غير معَروفة لدى الأسواق الأروبية، وأن مجالات انتشارها محصورة فقط بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأشار الفاتح إلى أن مطالبته بهذه الاشتراطات ليست تشكيكاً في سلامة القطيع، مؤكداً أن الأمر يأتي في الإطار الإجرائي ليس إلا، وفي سؤال الصحيفة للوزير عن ماذا ستقدم تركيا للسودان في المقابل، بجانب الدعم الفني؟، أجاب أن تركيا تركت الباب مفتوحاً للسودان ليحدد ما الذي يحتاجه منها، قاذفاً بالكرة في ملعبنا.
* انسياب الأموال
وهذا ما أكده عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية، رئيس قطاع صادرات اللحوم و المواشي خالد المقبول، في حديثه لـ(آخر لحظة)، كاشفاً عن لقاء رسمي -على باخرة نيلية – لأعضاء من الغرفة التجارية بالوفد التركي، ناقش فيه عدداً من القضايا التجارية، على رأسها تقديم تسهيلات تجارية كبيرة للبلاد متمثلة في ضمان انسياب الأموال وإجراءات الفيزا والتأشيرات لرجال الأعمال من الجانبين، إضافة إلى مطالبة الغرفة التجارية بإنشاء بنك تركي بالبلاد، وتابع المقبول أن الوفد التركي طالب بإعداد قائمة تضم رجال الأعمال السودانيين الذي لديهم رغبة في الانضمام إلى ركب التبادل التجاري بين البلدين، وأن الوزير أبدى موافقة فورية على الأمر.
*مبادرة جادة
وبالعودة إلى انسياب اللحوم السودانية لتركيا وبحث سبل تقديم التسهيلات وتحقيق النتائج المرجوة، نوه المقبول إلى أن كثيراً من المسالخ بالبلاد حصلت على شهادة الآيزو، ومشهود لها باستيفاء الاشتراطات الصحية، وأضاف أن تركيا أبدت التزاماً بتقديم العون الفني عبر تأهيل المسالخ القديمة والحديثة، والتي تحت الإنشاء، مؤكداً أن الدولة وضعت خطة لذلك مدعومة بالتمويل اللازم، وفي ذات السياق نوه خالد إلى سعي قطاع الصادرات لتقديم أنواع مختلفة من اللحوم بغية إعطائها قيمة مضافة، وأشار إلى ترتيبات مع وزارة التجارة للبلاد لتعريف المصدرين والمستوردين السودانيين بالمصدرين والمستوردين من الجانب التركي، واصفاً الاتفاقية بالمبادرة الجادة و سريعة الخطى .

تقرير: آسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version