بهذا العدد الوافر من مصادر المعرفة استقبل الأستاذ (عبيد أحمد التوم) المعلم المعاشي كعادته شهر رمضان الذي يرى أنه يناسب القراءة والاطلاع دون غيره من الشهور لأسباب أجملها في الهدوء العام والصفاء الذهني. ويوكد الأستاذ (عبيد) أن شهر رمضان يناسب القراءة تماماً كما يناسب العبادة والتطوع.
الكتب.. احتدام الصراع مع الأسافير!!
الأستاذ (عبيد أحمد) الذي درج على نفض الغبار عن مكتبته كل عام وتزويدها بآخر الإصدارات يكاد يكون نشازاً في عصر القراءة الإلكترونية بحسب وصفه، فهو يهتم في بداية الشهر الكريم ليس بتجهيز أغراض الصيام مثل المأكولات والشروبات، ولكنه يولي عنايته لمكتبته التي يقضي معظم أوقاته في شهر رمضان في داخلها ولا يخرج منها إلا لماماً، واهتمام (عبيد) بمكتبته الورقية ذاك الاهتمام المبالغ فيه في نظر مجتمع مثل مجتمعه الذي يعيش فيه بأم بدة، تقابله عدم التفاته إلى الوسائط الإلكترونية الأخرى، فهو لم يطالع كتابا إلكترونيا قط لاعتقاده الجازم بأن الكتاب الإلكتروني لا يلامس شغوف النفس، ولا يهز وجدانه، وهو الذي طال إدمانه لشم رائحة الورق والحبر بين صفحات الإصدارات الحديثة والكتب القديمة التي ورثها عن أبيه المعلم الذي رحل قبل عشر سنوات تقريبا. يحدد (عبيد) ساعات بعينها للقراءة يقضيها بين الكتب والمجلات يقراء بانتظام، ويعتبر أن علاقته بالقراءة نمت معه منذ الصغر، وهو يجتهد ليورثها لأحفاده الذين يعمل على ترغيبهم للقراء بالهدايا والجوائز التي تتفاوت – كما قال – بين القصة والرواية والدراسات وغيرها من الكتب. ويبيّن الأستاذ (عبيد أحمد) أنه يقرأ طوال العام، ولكنه يكثر من الجلوس للكتاب في شهر رمضان، لأنه يستطع من خلال القراءة المتواصلة قتل الوقت والابتعاد عن المفطرات، ويتجب الحديث فيما لا فائدة منه، خاصة في شهر مثل شهر رمضان.
المكتبات العامة.. زوار على استحياء نهاراً !
إذا كان الأستاذ (عبيد أحمد) يولي مكتبته الخاصة اهتماما مضاعفا في شهر رمضان في جميع الأوقات، فإن عدداً من المكتبات العامة وعلى رأسها مكتبة (البشير الريح) بأم درمان يتضاعف عدد مرتاديها في الدوام الذي يبدأ بعد صلاة العشاء ويستمر حتى الساعة الحادية عشرة على حد تأكيد (محمد الحلاب) مدير المكتبة، الذي أوضح أن نسبة الذين يرتادون المكتبة للقراءة الحرة والاطلاع يتضاعف في الدوام المسائي في أيام شهر رمضان، وتنحصر الفترات النهارية في المذاكرة والمراجعة، وقليل من الاطلاع الحر. وأرجع (الحلاب) أسباب تزايد الإقبال على المكتبة ليلاً إلى أن الكثير من المواطنين يودون الاستفادة من الأجواء الليلية لرمضان في أعمال محددة، فلم يجدوا عملا مناسبا غير أن يأتي أحدهم ويقرأ كتاباً في أيٍّ من ضروب المعرفة المتوفرة في المكتبة. وأضاف (الحلاب) أن فرص القراءة في رمضان متعددة لأن الهدوء العام يتيح للشخص أن يقرأ كتاباً كاملاً في وقت محدد دون أن يتعمد اقتطاع زمن من وقت عمله كما يحدث في الأيام العادية.
وناشد (الحلاب) المواطنين الإقبال على المكتبة التي تضم مئات العناوين في كافة ضروب المعرفة، وأن يشجعوا أبناءهم على القراء في مثل هذه الأيام، وأن لا يضيعوا وقتهم في اللهو باللعب الرخيص مثل الكشتينة والضمنة أو متابعة المسلسلات الهابطة.
الغلاء.. العقبة الكؤود!!
ليس بدعاً من الأشياء التي ارتفعت أسعارها لعشرات الأضعاف، كذلك قفزت أسعار الكتاب في كل المكتبات ولهذا أصبح من غير الميسور على المواطن البسيط الشراء، إذا رغب في مطالعة كتاب جيد، مما جعل الكتب الرخيصة والتافهة تجد طريقها لأيدي الناس بعد أن عجزوا عن اقتناء الإصدارات الجيدة، هذا مقتطع من حديث مطول أدلى به صاحب إحدى المكتبات بشارع القصر بالخرطوم يدعى (خالد طه)، تحسر من خلاله على ضعف القيمة الشرائية للكتب في شهر رمضان هذا العام عكس الأعوام السابقة التي كانت فيها نسبة الشراء ترتفع بصورة ملحوظة قبل شهر رمضان بأيام، وتمتد حتى نهايته. وأرجع (خالد) هذا الركود الشنيع في سوق الكتب إلى الوضع الاقتصادي المتدهور للمواطن الذي وقف في هذه الأيام بين مفترقي المدارس وشهر رمضان اللذين أنهكا قوته ومنعته المالية، حتى غرق في وحل الديون إلى أخمص قدميه.
اليوم التالي
خ.ي[/SIZE][/JUSTIFY]
