منذ السبت شرعت في سلسلة بعنوان … خطة مصالحة بين (الإعلام الوطني) و (الاقتصاد الوطني) … شرعت فيها قبل التنويرات واللقاءات الكبرى وحتى الآن لم أسمع رقما جديدا على ما كنت اجمعه قبل شهرين … ولكنني تاكدت أن الدولة متاخرة … ومتأخرة كثيرا.
المعطيات الإقتصادية تؤكد أن رفع الدعم هو القرار السليم ولكن المعطيات السياسية تشكك في ذلك. بالنسبة لي الموضوع محسوم لصالح رفع الدعم منذ فترة طويلة لان الاقتصاد المدعوم اقتصاد خيالي افتراضي غير حقيقي وغير منتج … دعم السلع في الاقتصاد الحديث يكون في أوقات محددة وبأسباب محددة … بل يجوز احيانا أن تشتري الدولة السلعة بسعر اكبر و تبيعها بسعر أقل حماية للمنتج و يجوز كل شيء لكن الذي لا يجوز أن يتم تأسيس الاقتصاد على الدعم … في هذه الحالة يعني أن المريض يفطر بالفايتمينات ويتغدى المحاليل الوريدية ويتعشى بالإبر …. المريض عندما يصل إلى هذه الحالة يعني أنه قد شارف على الوفاة فالدعم علاج والعلاج يكون مؤقتا وبجرعات محددة. ولذلك ظللت أردد دائما ان الإصلاحات الاقتصادية بما في ذلك رفع الدعم علاج مر لا بد منه وقد تأخر اوانها حتى صارت فرض عين.
لماذا لم تكاشف وزارة المالية الإعلام بالأرقام الحقيقية قبل فترة كافية من الزمن … لن اقبل من وزير المالية إجابة انه تحدث قبل فترة عن هذا الأمر ولم تهتم به الصحف … ولن اقبل من الدولة أي عذر بأن هنالك ضمورا في المعرفة الإقتصادية وسط الصحفيين …. هل تعاونتم مع الصحفيين (غير الضامرين معرفيا) أم تعاونتم مع (الضامرين معرفيا) … وقربتموهم ودعمتموهم …. وفي ذلك حديث النائب الأول في عيد الفطر وإعترافه الجهير. هنالك تقصير في تبصير الرأي العام وصناع الرأي العام … هنالك ضعف إعلامي مريع … وهذه هي النتيجة.
لن أضيع هذه الفرصة للحديث عن المعطيات السياسية التي تخالف المعطيات الاقتصادية في قضية رفع الدعم ولا أود التشويش بالإسهاب في هذا الأمر لأن المعطيات السياسية فيها قضايا خلافية ولو بدأ النقاش عنها لنسي الناس الأرقام الاقتصادية التي لا تكذب والتي لو لم يتم التعامل معها لصارت الكارثة أكبر ولكنني اجمل المعطيات السياسية في ثلاث نقاط: هنالك وعود مرحّلة بتشكيل وزراي رشيق منذ العام 2011 وهنالك أوراق ودراسات اجازها المكتب القيادي ولم وينفذ فيها شيئا … دعك من التشكيل الوزاري حتى اللجنة المختصة بتوفيق اوضاع المؤسسات الإعلامية تحدثت كثيرا ووعدت كثيرا ولزمت الصمت دون أي تغيير. هنالك مبالغات واحاديث كثيرة عن خفض الإنفاق الحكومي … لقد لقنت بعض القيادات الرسمية بعض الصحف كلاما كثيرا حتى نشأت مفاهيم غريبة وشاذة ومنها أن الوزير (لازم يمشي كداري ويركب مواصلات) … ولان هذه المبالغات لن تحدث عاد الناس للحكومة بالاتهامات وفقا لما وعدت به واخلفت. هنالك إسراف في المنح الجهوية والسياسية وهنالك ترضيات …. والصرف السياسي بجعل الناس يحتجون على رفع الدعم من باب أن جحا أولى بلحم تورو … وأن الحكومة لو وفرت أموال الدعم لصالح المواطنين أفضل من توفيرها للسياسيين.
هذه المعطيات تجعل قضية رفع الدعم سياسية اقتصادية …. ولذلك لا بد من إصلاحات سياسية بذات السكين الحادة التي نفذت الإصلاحات الاقتصادية …. هذه هي القضية الآن وليست هي رفع الدعم (هذا مع ضرورة خطة إعلامية إسعافية لشرح الإصلاحات الاقتصادية).
[/JUSTIFY][/SIZE]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني
