دهاء سلفاكير

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] دهاء سلفاكير [/B][/CENTER]

منذ اكثر من شهرين جذب سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب، الرأي العام الشمالي والجنوبي على حد سواء، فقد قفز الرجل قفزة الدينكا العالية وسدد رمحه في صدور عدة، خرت وسجت وأرسلت إشارات الإزورار إلى حين.
سلفاكير تركيبة ذات طراز غريب، فهو رئيس الحركة الشعبية الداعية لشعار “السودان الجديد” برؤيا يسار أمريكا اللاتينية التي تخذ من جيفارا وكاسترو مصدر الإلهام الثوري والمرجعية الايديلوجية، لكن سلفاكير في نفس الوقت هو العدو الأول للسودان الجديد، لأنه متخفف من أية حمولة أيديولوجية، لم أسمعه مرة واحدة يتحدث بلغة الايديولوجيا التبشيرية، ولم تقع على أذني نأمة من فيه تقول “السودان الجديد”، هو عدو هذا الشعار لأنه لم يتحدث عنه البتة، وهو رئيس الحركة التي تتخذه شعارا لها، فحين يتجنب الرئيس الحديث عن شيء، فذلك يعنى أنه معاد للشعار أو غير متحمس له على أقل تقدير!.
لم يكن لسلفاكير اتخاذ خطوة إبعاد حملة مشاعل الايدلوجيا من مواقع إتخاذ القرارات الإستراتيجية لدولة الجنوب، إذا لم تأته إشارة خضراء من الرعاة الدوليين لدولة الجنوب التي صنعت خصيصا لتلبية إحتياجات جيوبولوتيكية للغرب.
وربما أذهب بعيدا لأستخلص أن خطوة إبعاد باقان والتيارات الراديكالية والقادة العسكريين الذين تلقوا تدريبات عسكرية في هافانا وينطوون على عقيدة قتالية ثورية، كان بتشجيع مباشر من دوائر غربية، ارتات أن تكون خارج المشهد، حتى لا تنقطع الصلة كليا بتلك المجموعات لأنه ربما يتم الاحتياج لها في عمل آخر لا يخرج عن طابع التأزيم.
لقد أقام الغرب تاريخيا علاقات مع المعسكر الاشتراكي في شقة السوفيتي ومنظومته الاشتراكية الأوربية بهدف التوازن الاستراتيجي وحفظه على النحو الذي لا يؤدي لحرب تقوم على أسس الايديولوجيا لكنه ظل على عداء مع شقه الآخر في كوبا وفي عموم دول أمريكا اللاتينية، وقاد هذا الموقف الولايات المتحدة للتدخل المباشر في كثير من دول أمريكا اللاتينية مثل شيلي على سبيل المثال لذا فمن العصي جدا أن يعقد الغرب مهاما تتصل بأهدافه النهائية، لمجموعات اليسار الجنوبى الذي يتخذ من نماذج أمريكا اللاتينية عدو الولايات المتحدة مرجعيته، لكن أمريكا يمكن أن تستخدم هذه المجموعات لأغراض تأزيمية محدودة تنتهي بانتهاء المهمة، ولتقريب هذه الفكرة استخدم الغرب مجموعات اليسار الجنوبي في الدعوة للإنفصال رغم أنه لم يكن خيار قرنق الرئيسى، فاكتسب الانفصال إجماعا من القوى الجنوبية كافة، لقد كان مستغربا من قوى السودان الجديد أن يقود باقان بنفسه حملة الانفصال رغم أن شعار السودان الجديد يعني السودان كله، لكن مشاركة باقان كانت بتشجيع من الدوائر الغربية التي استخدمته لإكساب الانفصال عمقه الشعبي.
الآن يبدو لي أن الغرب قرر الاستغناء عن خدمات اليسار الجنوبي، لأنها تتعارض مع المصلحة الحيوية لشعب جنوب السودان، لأن فكرة اليسار الجنوبي الرئيسية تقوم على إعادة السودان موحدا في ظل قيادتها للسودان الجديد، وهذا أمر يتطلب تدابير لا يجد الغرب مصالحه فيها.
بدا لي الآن أن سلفاكير هو الجنوبي العارف بالغرب، وهو المستيقن أيضا بأن معارضته الجديدة المتمثلة في اليسار الجنوبي، لن تجد أي دعم من الشمال، لأن فكرتها تقوم على تفكيك الشمال!!.
[/JUSTIFY][/SIZE]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني

Exit mobile version