# قال لى: مدينتى يلفها الهدوء والسكينه! ولا أعلم هل يعنى ذلك أن عاصفةً بما بصدد النشوب أم أنها تمر بمرحلة الموت السريرى من هول الإستسلام؟!…لم أجد له الإجابه المنطقيه المقنعه والشافيه… وإكتفيت مثله بحيرتىفذات المدينه تهمنا بدرجات متفاوته, وبحسب أحياءنا السكنيه ربما. فولاء سكان الأحياء الشرقيه المترفه , قد لا يوازى نظيره بالأحياء الغربيه…وكذلك رؤيتهم للأشياء من زواياهم المنفرجه وتحليلهم للأمور وأبعادها.
نحن لنا زوايا أشد حده….حشرنى فى إحداها سائق الترحيل المدرسى صباح اليوم وهو يحيينى بأبتسامة صفراء ونظرات مخيفه ولهجة صارمه ويردد على مسامعى قراره الأخير بأن تعريفة الترحيل ستصبح 200 جنيه للطالب بدلاً عن 120…وأنا أترك فى صحبته كل يوم ثلاثة رؤوس صغيره أعلق عليها آمالى العريضه…فلو كان ترحيلهم شهرياً سيصبح 600 جنيه…فكم يتبقى بحافظتى لأقيهم شلر الجوع ومغبة العوز وأكفل لهم عيشةً كريمه وعافيةً مستديمه وألبى بعض إحلامهم الطفله البريئه؟؟!!
# عليه….أفكر جدياً فى السعى الحثيث لإمتلاك (ركشه)…قد أنفق عليها بعض ممتلكاتى العزيزه…وألتزم يومياً بالتحول الى مرافق (جوكى) وأصطحب أبنائى كل يوم الى ومن المدرسه…ثم أترك له مهمة الإنزلاق بها على شوارع الأسفلت مع موسيقى صاخبه والكثير من (الهتش) ل إصطياد الركاب الذين يفرض عليهم تعريفة جديده للمشاوير القصيره تثقل كاهل جيوبهم الفقيره دون أن يعنيه الأمر بدعوى زيادة سعر المحروقات!!
كل هذا ليعود لى آخر النهار ببضعة جنيهات تعيننى على منصرفاتى على إعتبارها (نقاطة) ثابته تستوجب الحمد والرضا!!
# ويبقى السؤال…:هل يجئ إستخدام كلمة (محروقات ) هنا ملائماً للسياق؟…ألم يكن من الأبلغ أن نستخدمها للتعبير عن شئ آخر…؟…فالشاهد أن المحروقات هنا هى (أعصابنا وشبابنا وكرامتنا ومستقبلنا ومدخراتنا …و….و) وليس الوقود وحده الذى إتضح لى جلياً أن به يحيا فى بلدى الإنسان!!!
كيف لا وكيلو الموز يرتفع سعره بدعوى الترحيل….والكسره يذيد ثمنها بدعوى الغاز… والبقية تأتى !!!
# فياأيها المدينة التى يلفها الضباب …وتصحو وتنام على أحزانها…لله درك ودرنا. فشوارع الأسفلت الخاويه فى هذا الصباح تشير بوضوح لحيرة أهلك وقلة حيلتهم وخواء جيوبهم.
ربما غداً ينقشع الضباب بقبولهم للواقعك المرير…وشمسك الحارقه …والقرارات الحاسمه التى تحلق فوق سماواتك…فلا أظنه سينقشع على غير ذلك !!
إندياح – صحيفة اليوم التالي
