“الزهري” يليق بك!

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] “الزهري” يليق بك! [/B][/CENTER]

# المدخل الفخيم لـ(مركز الخرطوم للعناية بالثدي) يوحي للزائر بأن تكاليفاً لا شك باهظه سيتكبدها جيبه المنهك في رحلة التشخيص والعلاج داخل هذا المكان. ولكنه يتفاجأ لاحقاً بأن مصاريف العلاج لم تتجاوز نظيراتها في بقية المواقع المخصصة للعلاج من هذا الداء المستشرى العضال سوى بقدر يسير لايكاد يذكر مقابل ما ينتظم المركز من أناقة ونظافة وعناية وتطور. وهو ما وقفنا عليه ونحن نلبي دعوتهم الأخيرة التوعوية من كافة الأطياف للاحتفال بحضور نخبة مقدرة، وعلى أنغام الرائع (الفاتح حسين) في ضيافة كريمة من فريق المركز المترابط.

ولست هنا بصدد الترويج لهذا الصرح الشامخ الذي يقف محزوناً في موقعه المميز.. ولكني أتساءل: كم منكم يعرف مكانه وآلية العمل به ودوره الفاعل ورسالته المقدسة؟ وكم منكن توجهن طائعات لإجراء الفحص الأولي والاطمئنان على خلوهن من سرطان الثدي الذي تشير الإحصاءات الرسمية المتاحة إلى أنه أصبح يشكل نسبة 30-33% من إجمالي الإصابات السرطانية بالسودان، علماً بأن حوالي 90% من حالات الإصابة تقع ضمن المرحلة الثالثة من المرض، التى تعد بحسب المنظور الطبي المتخصص- حالات حرجة ومتأخرة جداً!

# والقائمون على أمر المركز يؤكدون لنا في احتفالهم الأخير بشهر أكتوبر مشهر عالمي للمكافحة أن التوعية بالمرض والكشف المبكر هي الركائز الأساسية لمكافحته والسيطرة عليه والحد من انتشاره. ويطالبوننا بالتعاون معهم من أجل إحداث نفرة توعوية كبرى بضرورة الكشف المبكرالذي يؤدي قطعاً إلى ارتفاع معدلات الشفاء الكامل لنحو 97%، وهي النسبة التي حققتها العديد من الدول التي اعترفت بانتشار المرض وواجهت حقائقه بتجرد وشفافية ووعي.

# المشكلة الأساسية التي نعاني منها هنا على الصعيدين الرسمي والشعبي تتمثل في الهروب! فالمعنيون بالأمر يهربون من الإحصاءات الحقيقية ويلوذون بالعبارات الأنيقة التي تشيع الاطمئنان بينما ينخر المرض في جسد الأمة! والمواطنون النساء تحديداً – يهربن من احتمالات الإصابة ويقنعن أنفسهن باستحالتها وكأنهن معصومات!! والمجتمع لا يزال ينفر من الحديث المباشر عن السرطان ويمارس ضد من ابتلاهم الله به الكثير من السادية والقسوة، وقد يعمد لعزلهم على اعتبار أن السرطان مرض ناقل للعدوى أو ما شابه!!

# الآن.. يرغب (مركز الخرطوم للعناية بالثدي) في لفت أنظار عموم المجتمع المدني لمعدل الانتشار المتزايد لسرطان الثدي الذي يطال حتى الرجال.. ويشكل مهدداً خطيراً على حياوات السيدات في مختلف الأعمار دون تمييز لا سيما ما فوق الأربعين. ويعد المركز التابع لمنظمة د.هنية مرسي الخيرية- مركزاً خاصاً غير ربحي.. فعوائده المادية تسخر لتوسعة الخدمات وإعادة إحلال المعدات وتقديم العون المجاني للعديد من الحالات المعدمة.

ولكن أزمة المركز الحقيقية تتمثل في كونه يعمل في صمت دون ضوضاء أو إعلام، الشيء الذي جعل نشاطه ومكانه مجهولين للعديدين، كما أنه يعتمد كلياً على مصادره الخاصة في التمويل دون أي تعاون يذكر من الحكومة أو المقتدرين أو المنظمات الأخرى المتخصصة في مكافحة الأوبئة أو الخدمات الصحية وغيره، رغم كونه يتمتع بمستوى عال من الخدمات سواء على صعيد المبنى أو المعنى.. فالأجهزة المستخدمة متطورة جداً وفريق العمل على درجة عالية من العلمية والمهنية والاقتدار!!

# ويبقى المهم في الأمر.. أننا كنساء لابد أن نعتني بأنفسنا أكثر.. وأن نوفر لأنفسنا الحد الأدنى من الاهتمام.. ونحرص على وضعنا الصحي طالما لم يلتفت الآخرون لنا بالقدر المطلوب.. فإن لم يكونوا هم مدركين لكوننا العمود الفقري للحياة، فيجب علينا أن نتمسك بهذه الفكرة ونعطي أنفسنا حق قدرها. فلنحرص جميعاً على الكشف الدوري واتباع الخطوات المنزلية الأولية للاطمئنان على ذاتنا، وعلينا أيضاً أن نتوجه للمراكز المتخصصة ونخضع للفحوصات الطبية لا سيما فحص (الماموجرام) الذي يعطي نتائج مضمونة وقطعية.. وعلينا أن نحارب خوفنا من المرض.. فاللون (الزهري) – الذي أتخذ عالمياً كشعار أنيق للخلو من سرطان الثدي – يليق بنا .. ونستحق أن نحيا أنوثة معافاة ودافئة ومعطاءة.. نستحق شكلاً جميلاً مكتملاً دون بتر.. ونستحق ألا نكابد معاناة (الكيماوي) وتداعياته من تساقط وإنهاك وإعياء وغثيان.

وإن حدث وتأكدت إصابتنا لاقدر الله- فإننا نستحق علاجاً مبكراً بنسبة شفاء عالية.. ونستحق تضامناً اجتماعياً وإنسانياً ورحمة.. نستحق أن ننظر للحياة بمنظار لونه (زهري) متفائل يليق بنا.

[B]#تلويح:[/B]

شكراً لأسرة المركز على الاحتفال الأنيق البسيط العميق في معناة.. وشكراًMTNعلى رعايتها المقدرة لهذه المبادرة الإنسانية الحميمة كما عودتنا دائماً.. وتمام العافية للجميع..

[/SIZE][/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version