آثرني حاول حسّ بي

[ALIGN=CENTER]آثرني حاول حسّ بي !![/ALIGN] حرضني البعض للادلاء بدلوي في معمعة (فتوى الايثار) الجديدة، والتحلي بالشجاعة الكافية لابداء رأي فيها، وعندما تعذرت بأن (حنفي لا يحبذ) الخوض في تلك السيرة لأن لديه عليها بعض التحفظات – حنفي قاصدة بيها بت أم روحي طبعا اتهمت زورا وبهتانا بأنني كـ أي سيدة متزوجة أخاف من أن يهوي سيف (الايثار) على أم رأسي ويلحقني (غطّس) المأثور عليهن !
سبق أن أبديت تحفظي غير مرة من التعاطي مع فتاوى ديننا وشئون دنيانا، بطريقة (المديدة حرقتني) التي تتعامل بها وسائل الاعلام مع فتاوى الفضائيات بحثا عن الاثارة والترويج لبضاعتهم الكاسدة، ولكن ما أصاب (شاويشي) بالحيرة هو الدافع الذي حدى بمجمع الفقة السوداني لاصدار تلك الفتوى في هذا التوقيت بالذات، بل وللتساؤل قبل ذلك عن الجدوى منها ..
فإذا علمنا أن صحة الزواج لا تشترط على الزوج أن يوفي بحقي المبيت والانفاق على الزوجة، وأن في امكان الزوجة في بعض الحالات الخاصة ان تتنازل عنهما – إذا ما توفر لها زوج لا يستطيع القيام بهذين الالتزامين – مقابل أن تحصن نفسها وتدخل زمرة المتزوجات، دون الحوجة للفتاوي ذات المسميات الشاعرية المثيرة للجدل .. إذا علمنا ذلك فمن حقنا أن نسأل عن كم المنافع مقابل المضار الناجمة من تعميم الخاص واطلاق المقيد في ظروف المتزوجين ليصير قاعدة تبنى عليها الفتاوى والافتراضات.
– إذا كان القصد منها هو توفير فرص الزواج لـ العوانس والثيبات من ذوات المال، فالموضوع لا يحتاج لفتاوي والدليل (ألولو) المسطرة في جانب صفحة نادي المطلقات بصحيفة حكايات، والتي تمتلئ أسبوعيا بـ طالبي الزواج ماركة (الباع شبابو)، الذين لا يستحوا من الاشتراط بأن تكون العروس غنية وصاحبة عقار، حتى وإن كانت ضمن القواعد من النساء وفي كنفّها دقشة عيال .. فإن وجدوا عروسا بتلك المواصفات فهم بالضرورة لا يحتاجون لـ (اسم دلع) يقنن شكل تلك الزيجة المحكومة بقانون (بين البائع والشاري يفتح الله ويستر الله)!
– أما إذا كان القصد منها تيسير أمر (التدبيل) على الراغبين فيه، ولكن لا يستطيعون الصرف على بيتين، فهؤلاء لا يرغبون في العوانس والقواعد من الثيبات حتى وإن كانن غنيات وقادرات على الصرف على انفسهن، بل تهفو قلوبهم لتجديد شبابها بـ (الصغار السوقو حار) .. وإلا فليحاول كل منا أن يسترجع بذاكرته إذا ما كان أحد معارفه قد تزوج للمرة الثانية من زوجة أكبرسنا من زوجته الأولى أو حتى أقل حظا منها في الجمال .. إذن فـ راغبي التدبيل لا يولون وجههم قبل تلك الفئة المستهدفة من الفتوى.
– وإذا كان الهدف منها هو تيسير أمر الزواج وتقليل تكاليف اعباءه على الشباب، فذلك لعمري خصما على حساب الكيان الأسري وتربية الأبناء في جو صحي وسليم تحت كنف الأب والأم معا، والذي لا يتأتى بفضل ظهر (وقت المؤثر) الذي يمن به على زوجته الجديدة وابناءه منها ..
حقيقة كلنا نعلم أن مشقة السعي لكسب قوت العيال وأمهم، وعظم مسئوليات التربية والرعاية، والإلتزام الاخلاقي بالاسرة وتأمين السكن الذي يحميها ويوفر لها الأمان .. كل تلك الالتزامات والواجبات هي ما دفعت شباب اليوم للبعد عن هم الزواج ووجع الدماغ وتعبه، والاكتفاء بـ (التكييس) إلى حين ميسرة .. فإذا ما فتحنا لهم منفذ للهروب من تحمل تلك المسئوليات فـ (على كيان الأسرة السلام)، فما أحلى الهملة التي يتيحها الإيثار على قلوب الشباب، فليس على الواحد منهم سوى أن يستجيب لإغراء (آثر اثنتين وخذ الثالثة بالمجان) .. بحيث يتهور ويقوم بإيثار (تلاتة أربعة) زوجات في بيعة واحدة، لا يكلفنه سوى أن يطوف عليهن ساعة عصرية ثم يأوي إلى بيت أمه وأبيه (ولا عليهو)، بعد أن (يتكل) نفسه على من (آثرن) أن يحملن عنه هم معيشتهن وهن راضيات.
الأسوأ من كل ذلك هو الآثار السالبة لزواج الإيثار، التي نتوقع حدوثها على الخدمة المدنية .. ولعل هناك من يسألني: إيش لمّا الشامي على المغربي؟
أقول أن الإيثار يتيح الفرصة لبند جديد يضاف على بنود التسيب وتعطيل مصالح الناس، فـ بالاضافة لـ ساعة الرضاعة وساعتي الفطور وساعة ونصف صلاة الظهر .. ستكون هناك (ساعة إيثار) ما لم يفضل المأثورين والآثرات أن تكون اللقيا في وقت:
الليلة وين أنا يا البي العصر مرورو !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version