إيقاع التفاعل الأمريكي مع الأوضاع في جنوب السودان يتحرك بتكثيف غير معتاد .. ففي خلال 48 ساعة صدرت عدة تصريحات أمريكية متنوعة بين كيري وأوباما و قام الرئيس الأمريكي باتخاذ عدة إجراءات بدأت ببيان مبكر أعقبه إرسال 45 جنديا أمريكيا مدججين بالسلاح ( قولة خير) ..! هذا هو العدد المعلن أما العدة والعتاد الأمريكي غير المعلن رسميا فتفضحه الأحداث حين تصطاد قذائف القتال طائرة عسكرية أمريكية فوق سماء مدينة بور في البلاد .. المليئة بالأمريكان وبالسلاح الأمريكي وبالمصالح الأمريكية التي تجزرت هناك سريعا جدا لدرجة أنه وبدلا عن الإكتفاء بإجلاء الرعايا الأمريكان كما يفعلون في كل مناطق الأزمات يتم إرسال جيش أمريكي لحمايتهم ..إنها فرصة نادرة لأمريكا لأن تضع يدها بالكامل فوق ستة مليار برميل نفط هو إحتياطي الثروة في النفطية في جنوب السودان ..إن أول رصاصة تفجرت في جوبا ليلة الحدث كانت بمثابة ( كرت الكوشتينة) الذي تنتظره أمريكا في لعبة ( الحريق) المعروفة ليلتقطه أوباما ( الحريف) وهو يرتدي ( تي شيرت) الإستجمام في هاواوي التي يقضي فيها عطلة نهاية العام ..ويصرخ صرخة الإنتصار ..والغريب جدا أن سلفاكير في هذه المرة يجمع بين مساندة أمريكا ومساندة السودان في ان واحد وكل بحساباته المختلفة ..!!إذن أمريكا هي التي ستقرر نهاية هذا الشوط من اللعب وهي التي تعرف كيف تصطاد بحق وحقيقة في الماء العكر ..لا أحب إستخدام التعابير المستهلكة لكن (الإصطياد في الماء العكر) أبلغ مايكون بائنا وبدقة في التعاطي الأمريكي مع صراع ( المغفلين ) من قيادات الحركة الشعبية الان والذي يقف منه العالم العربي موقف المراقب التائه غير المهتم وغير المدرك بأن جنوب السودان هو ( الصامولة) الخلفية في مشروع الفك والتركيب وإعادة الصياغة الأمريكية للهيمنة على المنطقة .. وأمريكا لم تفصح مبكرا عن موقفها في أزمة سوريا ولا غيرها من الأزمات تنتظر حتى تطمئن لموقفها وتفهم ( الحاصل) ، وكان المراقبون ينتظرون التعليق الأول لأوباما على أحداث مصر في الثورة وفي الإنقلاب لاحقا على الثورة ..أمريكا بطبعها لا تستعجل الإعلان عن مواقفها إلا بعد أن تكون الأمور واضحة أمامها ويكون المدخل والموقع الذي يضمن مصالحها بائنا في الأزمة لكن دولة جنوب السودان بالنسبة لأمريكا ميدان مكشوف للعب لا يختلف أثنان من خبراء فريق الأمن القومي الأمريكي على الموقف الذي ستتخذه أمريكا من الصراع وخيارها الكاسب في الميدان وبوابة دخولها وميزانية الصرف وتقدير الخسائر المتوقعة في سبيل تحقيق الهدف الإستراتيجي في المنطقة .. كل تلك التفاصيل كانت جاهزة بما لا يجعل أوباما يزعج مزاجه ويقطع إجازته حتى .. الموقف في رف المتجر الأمريكي والدواء في متناول البائع ( النبطشي) ، لا شئ يستدعي حتى حضور الصيدلي المختص لصرف الدواء وتحديد جرعاته ..الحريق .. حريقنا ، لعبة ممتعة للأمريكان وأمتع مافيها هي تمثيلية التعبير عن القلق .. الان فقط تكتمل فصول الهيمنة الأمريكية على جنوب السودان
جنة الشوك : صحيفة اليوم التالي[/SIZE][/JUSTIFY]
