صلاح الدين عووضة: نميري يصدر قراراً بوقف الإعلان المذكور بحجة أنه يحث على (الخيابة!)

*ومن غرائب الجرائم – في زماننا الغريب هذا- أن شاباً قتل آخر بسبب (علكة!)..

*فقد أرسل الجاني زميله إلى بقالة مجاورة لشراء (لبانة)- هفت إليها نفسه – فلم (يجدها)..

*ثم عقب مشاجرة قصيرة بينهما لم (يجد) المجنى عليه روحه..

*فقد ظن الأول أن الثاني استأثر بها لنفسه؛ ربما..

*وفي زمان ما قبل الإنقاذ – حين كنا شباباً مثل هذين – كان مضغ العلكة من (كبائر) العيوب بالنسبة للرجل..

*بل وحتى للنساء كانت هنالك خطوط حمراء لا يتجاوزنها (حياءً)..

*يعني لم تكن تجد إحداهن – إلا فيما ندر- تمضغ علكة خارج بيتها..

*وأذكر أن تلفزيوننا (الوحيد) – آنذاك – كان يبث إعلاناً لفتاة تمضغ علكة وهي تقول بغنج (أطَقا طَقا طق ، أطُقو طُقو طُق)..

*فما كان من نميري إلا أن أصدر قراراً بوقف الإعلان المذكور بحجة أنه يحث على (الخيابة!)..

*ومن عباراتنا الشعبية النسوية ذات الصلة بالعلكة (فلان ده لايوق زي اللبانة)..

*وهي عبارة يُوصف بها – تحديداً – الشخص الذي ترفضه فتاة فـ(يدوس على كرامته) ويصر على خطب ودها..

*أو الفتاة التي يرفضها رجل فتظل تدور حوله – بإلحاح – وهي تردد (الحب لا يعرف الكرامة!)..

*وكذلك من الأنظمة الحاكمة من لا تعرف الكرامة وهي تصير (لايوقة مثل اللبان) حين تثور ضدها شعوبها..

*ونعني هنا الأنظمة الشمولية (القابضة!) – في عالمنا الثالث – على وجه الخصوص..

*فهي تتشبث بالسلطة حتى آخر رمق – أو آخر مضغة علكة – كما حصل في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن..

*وكما يحدث في سوريا الآن – كذلك – الذي تجاوز نظامها (لواقة) العلكة إلى (الويكة!)..

*وإذا كان هناك من قتل صديقه بسبب (لبانة) فإن الأنظمة التي لها خصائص (اللبان) تقتل الألوف من مواطنيها إن هم تذمروا من (طرقعة اللبان!)..

*(طرقعة) علكة – لسنوات طوال – تتمثل في (طقطقة!) كلام إنشائي خلاصته (اجلسوا هادئين حتى نحكمكم بهدوء)..

*فإن لم تفعلوا فليس أمامنا سوى أن (نُطقطق) عظامكم ونحن نترنم (أطَقَ طَقَ طَقْ!)..

*وبعض رموز نظامنا الحاكم – الإنقاذ – تتبدى فيهم (لواقة اللبان!) أكثر من غيرهم..

*إنهم الذين يكاد الواحد فيهم (يغالطك) حتى في اسمك كيما يُثبت إنه ليس في الإمكان أحسن مما كان..

*فإن قلت لأحدهم – مثلاً – إنكم دمرتم مشروع الجزيرة يقول لك لولا أننا جئنا لما كان هنالك مشروع (من أصلو!)..

*وإن قلت له إنكم تسببتم في (فقدنا) الجنوب يقول لك لولانا لدخل قرنق الخرطوم لـ(تفقدوا) السودان كله..

*وإن قلت له إن (أفراد) الشعب قد جاعوا يقول لك إن دخل (الفرد) يتجاوز ألفاً وخمسمائة من الدولارات..

*فتوشك – عندها – أن تُطبق على (زمارة رقبته) كما فعل الشاب ذاك بزميله الذي لم يحضر له (اللبانة)..

*ثم لا تترك رقبته هذه إلا بعد أن يصل مرحلة التشبث بـ(حلاوة الروح!)..

*وتسقط من فمه (حلاوة اللبان !!!).

صلاح الدين عووضة- الصيحة

Exit mobile version