ماتت سعاد.. فقلبي اليوم محزون

[JUSTIFY][SIZE=5] [CENTER]ماتت سعاد.. فقلبي اليوم محزون[/CENTER]

إنها سنّة الحياة الماضية فينا إلى يوم الدين، وإنه الموت الحقيقة الأزلية التي لا مفر ولا مهرب منها، فقد غابت بالأمس عن دنيانا، السيدة الفضلى، الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد، إحدى رائدات العمل النسوي في بلادنا، والقيادية (المتمردة) بالحزب الشيوعي السوداني، النوبية وابنة ام درمان الأصيلة، التي لم تتنكر لأهلها منذ أن رأت عيناها النور في العام 1935م، وإلى أن غيبها الموت بالأمس، قبل أن يودع العام 2013م بأيام قليلة.

رحم الله الأستاذة الفاضلة الجسورة سعاد إبراهيم أحمد، التي تمردت على مجتمع كان يحد من دور المرأة، وتمردت على واقع كان يفرض على من هن في مثل سنها أن يقبعن داخل بيوتهن في إنتظار (ود الحلال)، لذلك كانت ترى أنها (أعجز) فتاة في منطقتها، إذ أن الفتيات كن يتزوجن في سن مبكرة، لكنها آثرت أن تدرس وتواصل تعليمها إلى أن تدخل الجامعة، لم يساندها في ذلك أنها فتاة وحيدة وسط مجموعة من الصبيان، بل ساعدتها والدتها التي كانت تأسى على نفسها لأنها لم تنل من التعليم القدر الذي تريد، إذ تزوجت وفق ما قالت الأستاذة سعاد- رحمها الله- وعمرها في حدود التاسعة.

إنضمت الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد، إلى الحزب الشيوعي بطلب رسمي، رغم رأي بعض الشيوعيين فيها آنذاك، بحكم نشأتها ودراستها لإحدى مراحل التعليم في مدارس الراهبات، ثم إتقانها الدقيق للغة الانجليزية قراءة وكتابة وتحدثاً، وتم قبول عضويتها في الحزب الشيوعي عام1957م أو 1958م، وكانت من الطالبات ذوات النشاط الظاهر في المحفل الجامعي، خاصة في مجاليَّ التمثيل والرياضة، بل أنها أسست أول جمعية للتمثيل والموسيقى في جامعة الخرطوم وطلبت إلى البروفيسور عبد الله الطيب- وقتها- أن يكون مشرفاً عليها عام 1955م.

زواج الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد في العام 1964م، من المرحوم حامد الأنصاري، لم يحد من نشاطها الحزبي وتمردها الدائم إذ كانت بعد ذلك بثلاث سنوات ضمن أول مجموعة من النساء هن السيدات الفضليات نعيمة بابكر الريّح، وفاطمة أحمد إبراهيم، و محاسن عبد العال ينلن عضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.

للراحلة المقيمة آراء سياسية جريئة، وقد قرأت لها حواراً نشر في إحدى الصحف الالكترونية- أعتقد أنها نيلان- بعد الهبة الشعبية في سبتمبر الماضي، قالت فيه إن السخط وحده لا يولد ثورة، لأن الثورة تحتاج إلى من ينظمها- ثم إنتقدت في ذات الحوار السيدين الصادق المهدي، ومحمد عثمان الميرغني لمواقفهما من المعارضة ومن النظام، مع إشراكهما لابنيهما في أعلى السلطة.

وتقول الراحلة في ذلك الحوار إن أزمة السودان الحقيقية تكمن في (الكفاح المسلح) أو بمفردة أخرى حمل السلاح، لأنه يعطي المسلحين سلطة أقوى من السياسيين، والتغيير لابد أن يكون سياسياً حتى يدوم، وأنها لا تقبل أن تأتي قوة مسلحة لغزو الخرطوم لأن ذلك يعني ببساطة تجاهل التظاهرات الشعبية وإعطاء الثمرة لفئة مسلحة.

رحم الله السيد الفضلى سعاد إبراهيم أحمد التي عاشت مثل أكثر أهلنا النوبيين متمردة.. وماتت كذلك.

بعد ومسافة – صحيفة آخر لحظة [/SIZE][/JUSTIFY]

Exit mobile version