البروفيسور إبراهيم غندور يبدو أنه لا يدرك حساسية المرحلة.. مرحلة اختبار الرؤى وبوصلة التفكير.. إذ لو أدرك ذلك لربما تروى في بعض التصريحات التي نسبتها إليه الصحف.. بالتحديد في لقائه قبل يومين بشباب حزبه المؤتمر الوطني..
غندور – حسب الخبر الذي نسبته إليه صحيفة الجريدة- قال للشباب إن الفساد (جلابية لبسونا ليها.. فلبسناها).. ونفى أن يكون في الدولة فساد يستحق الانتباه..
ومشكلة غندور هنا أنه من حيث لا يدري أثبت عكس ما يريد.. ولو تمهل وتمعن في الرسالة الإعلامية التي يريد إيصالها لأدرك خطل فكرة (الإنكار!!)..
حينما تتعلق القضية بمسلك شخصي فردي فإن تعميمها وترفيعها إلى تهمة (عامة) مؤسسية يعتمد كلياً على (رد فعل المؤسسات).. فإذا ما مارست المؤسسات سياسة إطفاء الأنوار ثم إنكار الأمر فإن التهمة هنا تخرج من ثياب الفرد لتلطخ ثياب الحزب والدولة أياً كان الحزب أو الدولة..
فمثلاً في أمريكا سبق أن اتهم الرئيس الأمريكي -ذات نفسه- بالكذب في فضيحة (ووترقيت) الشهيرة.. الدولة لم تتبن أي سياسة إنكار طالما أن الأمر يتعلق بشخصه وتصاعدت القضية حتى استقال الرئيس وذهب.. وبقيت الدولة معافاة من أي شبهات أو اتهامات..
تكرر الأمر مع الرئيس كلينتون في قضية المتدربة (مونيكا) اتهم الرئيس بالكذب.. وجرجرته التحقيقات.. لم تتدخل الدولة وتركت الرئيس يواجه التهمة حتى تمكن من الانتصار عليها بالقانون.. وليس بالسياسة والنفوذ..
في كل هذه القضايا لم يطفر إلى ذهن أحد اتهام الدولة الأمريكية بالفساد رغم أن الاتهامات كانت موجهة لأعلى سلطة في البلاد.. والسبب أن الدولة تعاملت بمبدأ ثابت (الأشخاص ليسوا هم الدولة.. والدولة ليست هي الأشخاص).. لم (يلبسوا جلابية) أحد. ولم يضيعوا الوقت والجهد في تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد..
من مصلحة حزب المؤتمر الوطني أن يدرك أن نظرية الأبواب المفتوحة هي الحل.. فالفساد لا يصبح (جلابية) تلبسها المؤسسة الحزبية أو الدولة إلا إذا ارتضت المؤسسة أن تنصب نفسها حارسة لأبوابه.. مؤسسة تخشى (الحديث!!) عن الفساد أكثر من خشيتها من وجوده وانتشاره في جسد الدولة..
افتحوا الحريات واتركوا الهواء الطلق ينظف سمعة الدولة من شبهات الفساد المؤسسي.. بغير ذلك ستلبسون (الجلابية) والبنطلون والطاقية أيضاً
حديث المدينة: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]
