في سيرة الخلي والشجي والفاضي

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] في سيرة الخلي والشجي والفاضي [/B][/CENTER]

وحين لم أجد في مرافعة الإمام الصادق المهدي أمام منتقديه لقبوله تكريم رئاسة الجمهورية له كـ(زعيم طائفي)، أي حيثيات قوية يدفع بها (آذاهم) عنه، إذ وصفهم بسيئي النوايا والحاقدين، قبل أن يعترف بأنه انخدع، إذ ظن التكريم في سياق مرجعيته التكريم الدولي الذي حُظي به من قبل، لكنه فوجئ بأن جاء في سياق زعامته لإحدى الطائفتين الكبيرتين في بلاد السودان، لكن الغريب في الأمر أن الإمام بدا لي كمن ألجمته هذه المفاجأة، فسكت عنها وقبل بها، وكان بإمكانه التصدي لها ورفضها طالما أنها لا تناسبه.
على كلٍّ، ولمّا لم أجد في تلك الدفوعات ما يشفي الغليل، تخيرت أن استمتع بحشد الأمثال والحكم التي استخدمها الإمام في مرافعته (المنكوبة) تلك، اتنسم عليلها واستقصى أخبارها واتقفاها حذو النعل، ثم أتآنس وأتفاكه معها لعلها تزيل عني عبء ما أسميه بـ(خذلان الإمام) لمناصريه ومشايعيه المعارضين للنظام.
وها أنذا أترك صدر تعليق الأمام لمن يريد، وأُمسك وأتشبث بـ(ضنبه الشحمان) بالحكم والأمثال التي ما فتئ ينفحنا بها نفحه الله نسائم من جنات الخلد لا يشعر بعدها أبداً بـ(حر وسموم الخرطوم عموم).
ومن تلك الأمثال ذاك الشائع (الفاضي يعمل قاضي)، وهو مثل رغم تجنيه على القضاة الموقرين، لكنه يضرب لمن يتفرغ تفرغاً تاماً لمراقبة الناس وتصيد أخطائهم وإصدار الأحكام عليهم ومحاسبتهم، وظني أن الإمام أصاب في توصيف طيف كبير من معارضي النظام بهذا المثل، فتراهم في هياج مسعور، ينهالون ضرباً (كيبوردياً) مُبرحاً ومؤلماً إذا ما هفهفت بـ(ثنية كم) جلباب الأمام نسمة حكومية عابرة، لكنهم عند الشدة الحقيقة لا تجد لهم ظلاً ولا ثمرا.
ومن فيوض مرافعة الإمام ونعمها علىّ (شخصياً)، أنه استخدم في وصف منتقديه عبارة قديمة ظننتها ماتت (فأحياها) رضى الله عنه و(هي رميم)، فقال (ويل للشجي من الخلي)، وفي ذلك قال أبو تمام: (أَيا وَيلَ الشَجِيِّ مِنَ الخَلِيِّ / وَبالي الرَبعِ مِن إِحدى بَلِيّ/ وما لِلدارِ إِلّا كُلُّ سَمحٍ بِأَدمُعِهِ وَأَضلُعِهِ سَخِيِّ).
وأشكر للإمام سخاءه علينا بالأمثال والحكم، وشجنه وشجوه بها، وفي ذلك هو (شجي) كبير، واعتب عليه تخليه عن المعارضة، وهو (صاحب) حزب وطائفة ذواتا بأس شديد، وهو في ذلك (خلي)، فانطبق عليه صدر وعجز المثل الذي أطلقه و(من دقنو أفتلو).

[/SIZE][/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version