الفحوصات والتقارير الطبية التي يوقع عليها الأطباء، قرر (عبدالملك بخيت) الأربعيني أن لا يعتمد على تشخيص حالته عند معمل واحد نسبة للأخطاء التي يرتكبها بعض الممرضين وأصحاب المعامل وحتى الخلط الذي يطرأ على النتائج، مما يتسبب في تشخيص خاطئ على يد طبيب أو اختصاصي.
(عبدالملك) الذي ظل يتعاطى علاج ضيق شرايين وأمراض القلب لمدة ستة عشر شهرا، لم يكن يخطر في باله أن قلبه سليم لا يعاني من مشكلة، فكل الذي كان يعتريه قليل من الإرهاق والصداع، وبعد تحاليل دامت شهرا كاملا عند طبيب يشار إليه بالبنان، حسب ما يزعم الناس ويثقون فيه، إلا أن الحظ العاثر رمى به عند طبيب لم يجد تشخيص حالته، بل اتهمه بمرض القلب واستعجله عمل قسطرة بسرعة حفاظا على صحته.
نفسيات مبكرة
وهم كبير دخل في قلب عبد الملك المتهم بمرض لم يكن في جسده، فبات يفكر بعمق حتى أُصيب بالمرض النفسي الذي تمدد أثره على صحته، وأثناء جلوسه في صالة منزله تائهاً حائراً عن ما يجب أن يفعله لفت نظره طبيب شاب، يتحدث في أحد البرامج التلفزيونية عرفته المذيعة بأنه أصغر طبيب قلب، ففكر ملياً في الوصول إليه ووجد إعلاناً أسفل الشاشة يوضح رقم هاتفه وعنوان عيادته، وبالفعل ضرب عبد الملك موعداً مع الطبيب الشاب بعيادته وبعد إجراء الفحوصات أفاد الطبيب أن حالته لا تستدعي قسطرة وتحتاج فقط للعلاج الدوائي. وأكد له عدم صحة التشخيص الذي أُجري له من قبل ليتعرض إلى نكسة أخرى وتشخيص متضارب ما بين الأول والتاني.
دور سلبي إيجابي
رغم الدور الإيجابي الذي تقوم به البرامج الصحية في نشر الوعي الصحي، وتقديم معلومات مهمة يجهلها كثير من المشاهدين، وتعريفهم بالممارسات الصحية في الحياة العامة، وقواعد التغذية السليمة وغيرها، إلا أن هناك تقارير علمية تحذر من تأثير البرامج التلفزيونية التي تتناول معلومات طبية وعلمية، خصوصاً أنها تكون غير دقيقة في الكثير من الأحيان، ما ينعكس في الواقع على المصابين بأمراض حقيقة، وعلى من يتابعون هذه البرامج، فقد ذكر تقرير نشر في مجلة (أخلاق مهنة الطب)، أنه جرى تسجيل 179 حالة طبية عرضت على برنامج شهيرة، مثل (هاوس) و(غري أناتومي)، اتضح فيها أن الأطباء خالفوا القواعد المتعارف عليها في 57٪ منها، كما قاموا في 22 مرة بتصرفات مقصودة هددوا فيها سلامة مرضاهم، وبينها على سبيل المثال إلحاق ضرر كبير بقلب أحد الأشخاص بهدف تحسين فرصته في الحصول على عملية قلب مزروع.
أثير البرامج الطبية
وعي ثقافي طبي ضرب أركان المجتمع الذي كان لا يعرف في بداياته غير الحكيم أو الطبيب الشعبي، زخم وانتشار كبير يلاحظ في القنوات الفضايئة، حيث حظيت البرامج الطبية بمرتبة عالية في الخارطة البرامجية التي تقدمها الإذاعات والفضائيات فيما عمل البعض على تدشين قنوات وإذاعات متخصصة مثل (إكسير، الإذاعة الطبية)، فيما صمدت برامج لسنوات تقدم أسبوعيا مثل برنامج الشاعر عمر محمود خالد (صحة وعافية)، وباتت البرامج الطبية منفذ للتشخيص دون أن يخضع المريض للفحص الطبي، حيث يكتفي الكثيرون بالاستشارات الطبية التي تقدم عبر الشاشة. وتقول دعاء محمد طبيبة: لا أقتنع بفكرة مناقشة الحالات التي تعرض علي الإذاعات والقنوات الفضائية، ويكون هناك تشابه في الأعراض، مما يؤدي إلى تخبط المريض لتناول علاج غير متوافق مع مرضه، ويتسبب له بمضافات أخرى، لأن نسبة التوعية بالأمراض لا تتوافق مع عقليات المجتمع. وأضافت دعاء أن الطب مهنة إنسانية ليست كباقي التخصصات، ولا يمكن أن يتم علاج شخص بالتلفون دون التشخيص واتخاذ الإجراءات اللازمة والتحقق من المرض وعدم الاكتفاء بالعرض، لأن الأعراض تختلف من شخص لآخر ومن مرض لآخر.
هدف إنساني
وفي ذات الحديث، قالت حرم الشيخ معد برامج بإذاعة جامعة الخرطوم إن الإذاعة ستشرع في إطلاق برامج تتناول الخدمات الطبية التوعوية، وتضيف شهدت الخارطة البرامجية في العام الماضي فقرة في الفترة الصباحية إلا أن الحاجة جعلت الإدارة تصدر أمر بوضع برنامج كامل يتم بثه في بداية الشهر المقبل. وأضافت حرم أن معظم البرامج التي تبث هي برامج طبية مثل حلقات عن التوعية بمرض السرطانات التي قدمت على حلقات ناقشها الدكتور أحمد عمر. وأشارت أن رغبة الجمهور كبيرة، فهو يتفاعل مع تلك البرامج، موضحة أن التوعية عند المواطن أصبحت أكبر، ويقاس ذلك بالتقرير الأخير الذي أصدر عن الوعي بمرض السرطان، وأشارت حرم أن البرامج الطبية هدفها الأول إنساني ليس بحث عن المال، مشيرة إلى أن بعض الحالات التي يتم عرضها عبر البرنامج ربما تجد متبرع أو من يتولى علاجها أو يتكفل الطبيب بالتشخيص المجاني لها
اليوم التالي
