ترى ماذا كان يقول نميري للقذافي، وما الذي أضحك عبد الناصر؟

الصور التاريخية كلما مرّ عليها زمان، لها قراءات عجيبة وقد تكون طريفة والذي يقرأها من جديد هو (الزمن) وتقرأها الأحداث اللاحقة التي أعقبت لحظة التقاطها. وقد يكون وراء تلك اللقطة فنانون معروفون او مجهولون، لكنهم خلدوا اللحظة على مر الحقب والسنين.
فمن المجال التاريخي مثلا لوحة الخليفة عبد الله التعايشي، وهي (رسم) ظلت تاريخية على الدوام تنقل الخيال لماضٍ له سماتُه، واللقطة الرياضية للاعب جكسا ظلت خالدة والتقطها مصور فنان في حدث تاريخي رياضي اضاف للسودان بطولات رياضية وهكذا دواليك.
أما الصورة او (اللقطة) التي تحتل صدر صفحتنا هذه وتجمع بين زعماء ثلاثة ايام مجدهم، فإنها معبرة للغاية في زمانها ذلك، وهي ايضا اكثر تعبيرا في زماننا هذا.
التقطها مصور مجلة المصور المصرية.. ومناسبتها كانت العيد الاول لثورة (52 مايو 9691) فاللقطة كانت (52 مايو 0791) وتجمع بين الزعماء آنذاك جعفر محمد نميري وجمال عبد الناصر ومعمر القذافي. اذن اليوم عمر هذه اللقطة (خمسة واربعون عاما). في خلال تلك الحقبة تعاقبت احداث جسيمة ومتغيرات تاريخية اجتاحت كل الأمة العربية، وطالت الدول الثلاث والتي كانت شخصيات تلك اللقطة هم زعماؤها.. ويا لها من احداث غريبة وعجيبة ونبدأ بالقراءة.. متأملين، متفكرين:
– ترى ماذا ماكان يدور من حديث بين النميري ومعمر القذافي؟
– واضح ان عبد الناصر كان ينصت لهما في ابتسامة عريضة.. وتبدو علي وجهه السعادة والتفاؤل..
– والمثل يقول: «وتقدرون وتضحك الاقدار».
– وماكان بمقدر هؤلاء ان يدركوا او يعرف اي منهم كيف كان سيكون مصيره او نهايته.
– لكنها اخبرتنا الايام.. اذن فنحن ننظر اليها بعد ان اسدل الستار عن آخر المصير.
– الرئيس جمال عبد الناصر ماكان ليدرك بعد ابتسامته العريضة تلك، انها اخر لقطاته في السودان، ولا حتى رصفاءه الزعيمين الاخرين اللذان كانا يحبانه حبا جما ويعتبرانه القدوة.
– رحل جمال عبد الناصر عن هذه الفانية بعد اربعة اشهر فقط عقب عودته لبلاده.. وكان رحيله مفاجئاً وداوياً.. ففي تمام الساعة الثالثة والربع بعد الظهر يوم 82/9/0791م اسلم عبد الناصر الروح الى بارئها.
– كانت وفاة عبد الناصر اثر نوبة قلبية حادة بدأت أعراضها بمطار القاهرة إبان وداعه امير دولة الكويت وذلك بعد انتهائه من آخر مراسم اجتماعات الملوك والرؤساء العرب بالقاهرة. وكان الرحيل صادماً وفاجعاً للرئيسين جعفر نميري ومعمر القذافي اللذان كانا يبتسمان في هذه الصورة.
– اذن فقراءة الصورة ونحن نعرف تقول الكثير.
– جمال عبد الناصر حكم مصر في الفترة من 6591 حتي 0791 كزعيم عربي كبير (اربعة عشر عاما).
– النميري استولى على السلطة في السودان قبل القذافي 52 مايو 9691م في انقلاب عسكري حتي 5891 (61 عاما)
– بعدها باشهر في الفاتح من سبتمبر 9691م استولى القذافي ايضا على السلطة في ليبيا في انقلاب عسكري حتى 1102) (24 عاماً).
– ومن الغرائب ان النميري استولى على السلطة في شهر مايو وتوفي ايضاً في شهر مايو وكانت وفاته 03 مايو 9002م وكان ميلاد النميري في 62 أبريل 0391 والشهر الذي اطيح به من السلطة ايضا ابريل 5891م
اما القذافي فان أمره عجب.
فقد ظل في الحكم كأطول مدة يحكمها رئيس عربي او افريقي (9691 حتي 1102) (24 عاماً)
– والغريب ايضا ان القذافي ولد في 7/6/2491م ومدة حكمه (42) عاما.
– مات جمال ثم مات النميري وآخر من غادر الدنيا الفانية معمر القذافي بعد (كنكشة) في الحكم ولم يتنازل عنه إلا بعد قتال عنيف أذهقت فيه الاف الارواح ودمّر ليبيا، وتدخل اكبر اسطول عسكري في العالم بتحالف دولي (حلف الاطلسي)
– ولازالت ليبيا تحصد آثار القذافي.
– الفرق بين اصحاب الصورة الثلاثة.. ان كلا الزعيمين نميري وناصر لم تزهق ارواح إثر فراقهما للسلطة.
– فماذا يا ترى كان يقول القذافي لنميري في هذه اللقطة؟
– طافت بذهني سيناريوهات (طريفه) وانا اخمن الاسئلة، وهي بالتأكيد لم تكن كذلك، لانني أعيشها بعقلية الحاضر بعد ان ظللنا مراقبين للأحداث.
– نميري بسخريته ومداعباته ربما كان يقول للقذافي: (تعرف يا معمر.. الظاهر عليك الناوي عليها كبيرة إنت الحكم ده ما حتفكوا بي اخوي وأخوك).
اما القذافي فكان يقول: (لا ااا .. ده انا حاكون ملك ملوك افريقيا في يوم من الايام.. ومش حاسيب السلطة لو تحالف علي حلف الاطلسي، أنا حاحكم ليبيا شبر شبر وزنقة زنقة.
– ويبدو ان النقاش كان طريفاً.. تعبر عنه ابتسامة عبد الناصر العريضة.. وهو لايدري مايخبئه له الزمن من مفاجآت..
وتقدرون.. وتضحك الاقدار..

الانتباهة

Exit mobile version