السيدة مريم.. الخرطوم تودع رفيقة درب الزعيم الأزهري

اختارت الخرطوم يوم أمس الجمعة لتودع فيه سيدة السودان الأولى وأرملة الزعيم إسماعيل الأزهري السيدة مريم مصطفى سلامة. والناعي يحمل نبأ رحيلها مساء الأمس في مستشفى رويال كير ببري. خبر كان كافياً لأن يغطي مسرح العاصمة بثوب الحداد في ليلة اليوم العالمي للمسرح، وأن يسكن الحزن طرقات أم درمان وهي تستعيد شريط الذكريات مع سيدة كانت عنصراً أساسياً في تحقيق تطلعات الأمة السودانية في الحرية.. سيدة أنجبت (الجلاء).
(1)
يهتف الأشقاء بصوت انتمائهم وهم ينادون (يا والدة يا مريم يا عامرة حنية أنا عندي زيك كم يا طيبة النية) لم تكن صاحبة الهتاف سوى رفيقة مشوار إسماعيل الأزهري نحو الحرية المولودة في مدينة أم روابة في عام 1924 لوالد كان يعمل (صرافاً) في الحكومة وهو الأمر الذي جعلها تتنقل في كافة أجزاء البلاد قبل أن تتحصل في تلودي على النبوءة التي أطلقها أحد الرجال على أسماع والدتها: (هذه الطفلة ستتزوج الملك) وهو ما حدث بالفعل في العام 1942 بأم درمان في مشهد احتفالي تأثر بالأوضاع السائدة آنذاك.
انتقلت السيدة مريم من منزل أسرتها بالمسالمة إلى منزل زوجها في أم درمان أو انتقلت نحو مسؤولية جديدة لرجل لا تغادر لسانه كلمة (أحرار أحرار أحرار) ولم تمض فترة على الزواج حتى تم اعتقاله من قبل سلطات الاستعمار مع مطالبته لها بعدم زيارته في السجن، وهو ما حدث طوال ثمانية وعشرين عاماً توفي بعدها الزعيم وبقيت والدة السودانيين حريصة على استمرار النهج الذي التزمته، ولأكثر من خمسين عاماً ظلت دار السيدة مفتوحة على مصراعيها للكل وبقي منزلها هو حقاً منزلاً للأمة تتوفر فيه مقومات الكرم ووجبات الطوارئ.
(2)
على مشارف التسعين تغمض السيدة السودانية الأولى عينيها مغادرة الحياة لتلتحق برفيق عمرها إلى مقابر البكري حيث ستتم مواراتها الثرى في الثامنة من صباح اليوم (السبت) في المقابر الخاصة بالأزهري تحمل معها أوراقها ناصعة البياض وتخبره برسائل الآخرين إليه كما كانت تفعل تماماً وهي تمارس أمومتها تحت صفة زوجة الزعيم الأزهري. ومعها دعوات السودانيين لها بالرحمة مع انطواء ورقة أخرى من أوراق الاستقلال

اليوم التالي

Exit mobile version