من قال نحن عرب؟!

الأخ الكريم الأستاذ: عبدالباقي الظافر
سلام الله عليكم وانحناءة لتراسيم الرائعة دائما المثقلة بقضايا البلد المترعة بهمومه، وأرجو أن راقت لكم هذه المداخلة أن تحظى بنزل كريم في رحابها الوضيء.

يقال إننا شعب عربي، ومن عرب الحجاز (كمان)، ولا أرى من أين لنا بهذه العروبة، التي نحن أبعد ما نكون عنها شكلا وعرقا ومضونا.. بعد جولة أخذتني إلى بعض الدول العربية تأكدت تماما أننا أفارقة ولسنا عربا، ولا يجمع بيننا وبين العرب إلا اللغة والجامعة العربية فقط.. بل إن بعضا من العرب يصفوننا بـ (….).. ربما لهم الحق في ذلك فالعرب لونهم واحد أبيض وناصع ونادر جدا ما تجد فيهم من هو في لون بشرتنا.. بينما نحن لوننا أسود، وبعضنا أسمر وآخرون ما بين اللونين، ونادر جدا ما تجد من هم لونهم أبيض.. العرب تجد شعرهم أسود سبيبياً وناعماً.. بينما نحن شعرنا (قرقدي) وناشف، يتحدث العرب اللغة العربية حسب لهجاتهم المحلية.. لكن لا يوجد بينهم- إطلاقا- من (يرطن).. بينما نحن لدينا لدينا أكثر من قبيلة لغتها الأم هي (الرطانة)، واللغة العربية هي الثانية، ومكسرة (كمان).
للشعوب العربية أسماء من منبع واحد ومتشابهة في كثير من الأحيان.. بينما نحن لدينا أسماء من ينابيع عديدة.. منها ما هو مستمد من الحيوان مثل الفيل وتمساح ونمر.. من الأشجار نبق وأبو حراز والنخيل.. ومنها ما هو من المياه مثل مطر والنيل وبحر.. من الشهور والأيام لدينا رجب وربيع، وسبت وخميس.. حتى المعادن لنا فيها نصيب أخذنا منها مثل دهب ومرجان وحديد.. أسماء أخرى لا يعرف معناها إلا حاملها وقلة من الناس منها كركساوي وشندقاوي وجرقندي.
العرب لا يوجد بينهم من هو مشلخ أو مفصد، بينما نحن اتخذنا الشلوخ والفصادة ضربا من ضروب الشجاعة، وتعريفاً للقبيلة- كما هي عادة الشعوب الأفريقية.. نحن يا سيادة لسنا عربا وإن كنا كذلك فعرب تقليد (تايوانيين)، وإن دخل العرب السودان في ذلك الزمن الغابر فهذا لا يعني أننا من أصلابهم.. إذ لم تتغير ملامحنا أو سماتنا حتى اليوم.. ولم نرث منهم إلا اللغة- فقط- لأننا أفارقة من سلالة تهراقا ومن بطون بعانخي.. وأقرب الشعوب الأفريقية توأمة لنا هي الأثيوبية، والأرترية، والتشادية، إذ يجمع بيننا اللون، والشكل، والشعر، والدم، ولا يفصل بيننا إلا اللغة.

أسياس أفورقي رئيس دولة أريتريا حينما طرح انضمام دولته إلى الجامعة العربية قال: لم أجد من الروابط أو القواسم المشتركة ما يجمع بيننا وبين العرب، فأنا أفريقي وهم عرب، وصدق كثيرا ذلك الذي قال: كنا من الممكن أن نكون أحسن الأفارقة واخترنا أن نكون أسوأ العرب.. إن إصررنا أننا عرب ربما مستقبلا نفقد الطرفين.. قديما قيل (من يطارد غزالتين يفقدهما معا).

مع تحياتي
عقيد م. أحمد حسن أحمد
أم درمان/ العمدة
من المحرر
أشكر سعادة العقيد أحمد على هذه المشاركة التي طرقت على موضوع الهوية لبلدنا.. آمل أن تكون هذه الرؤية فاتحة لمساهمات أخرى تثري النقاش حول هذا الموضوع الحساس.

Exit mobile version