لماذا نطرب للفنان الميت؟

اتضح بما لا يدع مجالاً للشك بأننا نطرب لكل فنان ميت نحن إليه ونبحث عن اغانيه ، نشيد به ، ونحب ان نكتب عنه المقالات، هل لأننا لا نستطيع ان نجسده وقد كان بين ظهرانينا حياً ومتحركاً لماذا لا نكتب ونطرب عن الفنانين الأحياء مثل ما نطرب للاموات ولماذا هذا الاعجاب الفجائي لكل صوت مات وشبع موتاً؟ هل نحن أمة تاريخانية، نقدس الماضي ونجعل في الموتى رموزاً حية لا تموت، والأمة التي تبحث عن الموتى وفي الماضي، يكون الموجود الحاضر والموجود فيه محجوباً، ومغيباً وميتاً نهاجمه ولا نفتح له طريق النجاح ودروبه، لابد اموانا هم الاحياء فقط، وهي ظاهرة نفسية تدخل في علم نفس المجتمع، والتي تثير عدة أسئلة، وبعضها قد يدخل في خبايا النفوس البدائية، حيث ان القدماء من قبل ظهورالحضارات، كانوا يقدسون الموتى، ويعتبرونهم خالدون وأرواحهم تحلق من حولهم.

فنحن مازلنا نعشق اغاني الحقيبة ونعتبر بأن بلادنا لم تبدع مثلما ، رغم اختلاف كلماتها والحانها عن العصر الحديث، وما تزال سقفاً لكثيرين حتى في الفنانين الشباب الذين لم يستطيعوا تجاوزها فقلدوها، وما يزال احمد المصطفى عميداً للفن السوداني، وزيدان هو العندليب الاسمر، وعثمان حسين هو الفنان الذي كان يبحث عن حواء السودانية مثله ، ولذلك مازلنا حتى الآن نبكي محمود عبد العزيز صورة معلقة في الحافلات ، واغانيه تصبح بها اشراقة الكاست والمسجلات إنها ظاهرة فعلاً تستحق الدراسة.

عز الدين ميرغني- الوان

Exit mobile version