(كومون).. “بعد ما لبنت”!!

{ قرار غريب.. شكلاً وموضوعاً، صدر عن مجلس الوزراء قبل أيام يحمل الرقم (201) لعام 2015، بتسلُّم صالات مطار الخرطوم (كبار الزوار) التي تديرها شركة (كومون) وحصر الموجودات بالصالات وتقييمها، وحقوق شركة (كومون) بموجب العقود المبرمة مع حكومة السودان، ثم توجه جهة القرار بالبحث عن (خيارات عملية) لتشغيل هذه الصالات مستقبلاً!!
{ القرار معيب شكلاً، لأنه يتحدث عن (تسلّم) وتقييم أصول، وليس عن (إنهاء عقود) مبرمة مع شركة تجارية خاصة لها التزاماتها المالية مع دائنين ومدينين داخل وخارج السودان، فضلاً عن مترتبات القرار من تشريد لمئات العاملين من خيرة شباب هذا البلد أداء وخلقاً وانضباطاً.. مظهراً وجوهراً.. يشكلون لوحة سريالية راقية عند مدخل البلد الذي تحاول مجموعات أخرى عاقة وضالة تشويه وجهه النضر، وتقبيح سمعته الندية عند العالمين.
{ ما هي الدواعي والمبررات لإصدار هذا القرار الغريب المريب، وقد كتبنا وكتب غيرنا كثيراً عن مستوى الخدمة المتقدمة جداً بصالات (كومون) التي ترفع رأس كل سوداني وتشرفه أمام ضيوف البلاد في المجالات كافة، وكأنما هي قطعة منزوعة من مطار “دبي” وضعت عن طريق الخطأ على أرض مطار الخرطوم؟!
{ لقد حللت عديد المرات على صالات كبار الزوار في عواصم عربية وأفريقية وآسيوية، ورأيت صالات المسافرين على الدرجة الأولى بمطارات أوروبية، وأشهد أن ما نجحت فيه (كومون) هنا في الخرطوم عجزت عنه الشركات المشغلة لصالات مماثلة في مطارات دول كبرى تجاوزتنا في كل شيء من حجم وحداثة المطارات، إلى خدمة العلاج، والمواصلات بالطائرات إلى المترو والقطارات المغناطيسية.
{ هل انتهى أجل العقد مع (كومون)؟ ومتى كان تاريخ نهاية العقد؟
{ لو كان الأمر كذلك، فمرحباً بإنفاذ العقود والمواثيق، فليعلن عن ذلك متبوعاً بإعلان مكثف في كبريات الصحف السيارة عن رغبة حكومة السودان عبر الجهة المختصة في تقديم عروض عبر عطاء مفتوح للجميع- من داخل وخارج السودان- لتشغيل صالات كبار الزوار بمطار الخرطوم الدولي.. ومن حق شركة (كومون) في هذه الحالة أن تتقدم بعرض ثانٍ لإدارة الصالات والمنافسة مع المتنافسين في ظل شفافية مطلقة، ليكون الفوز لصاحب العرض الأفضل والخبرة الأوسع في هذا المجال.
{ لكن العقد لم ينته بعد.. والجهة التي صاغت القرار لم تقل في متنه أن عطاءً مفتوحاً سيتم ترتيبه والإعلان عنه لجميع الشركات صاحبة الخبرات محلياً وعالمياً لتشغيل الصالات مستقبلاً، بل تركت الأمر للمجهول بأن تحدد (لجنة التسلّم) خيارات عملية لإدارة الصالات مستقبلاً!!
{ وهذا يعني أن الجهة التي أصدرت القرار وحتى لحظة كتابته ونشره على الملأ، ليست لديها أية (خطة) جاهزة لكيفية إدارة هذا المرفق الناجح والمتميز!! هي قررت فقط (التسلّم).. و”اللي يحصل يحصل”!! طريقة تشبه قرارات مجلس قيادة الثورة، لا تشبه نظام مؤسسات حكمت وأدارت دولتنا لأكثر من ربع قرن من زمان أهل السودان.
{ أو ربما لا نعلم وعلمنا قاصر، أن هناك شركة أخرى تستعد للوثوب مكان السابقة، لتجني ما جنته (كومون) من الثروات أو كما يظنون!! فيصدر القرار بهذه الضبابية والفجائية تمهيداً لـ(تسلّم) ثم (تسليم)، دون العبور بمحطة العطاء القانوني، وفتح المظاريف، وإعلان النتائج بكل عدالة واستقامة.
{ لكننا نعدكم بأن نتابع هذا الملف حتى نهاياته، ليعلم الكافة كيف استباح البعض مؤسسات البلد لتكون ضيعة من ضياعهم، بأختام وأرقام مجلس الوزراء!!
{ سنخبركم وبالصور، عن النهاية المؤسفة التي ستؤول لها صالاتنا المفخرة، ونحن نعرفها جيداً.. ومن الآن.
{ وسنفيدكم بإجراءات وخطوات التسلّم والتسليم للمجهول أو لشركة أخرى، إن تجرأوا ومضوا في خطة (الإحلال والإبدال) دون أي مسوغات منطقية.
{ ولو أن الشركة المشغلة أفسدت ونهبت مال الدولة ولم تسدد ما التزمت به في العقود، فإن القرار لا يكون بتسلّم الصالات، لكن بتدوين البلاغات ضد إدارتها لدى نيابة المال العام، ومن ثم الشروع في إجراءات فسخ العقد. وما دام ذلك لم يحدث ولم تعلنوا عنه، فعلام تتسلّمون مرفقاً ناجحاً ومشرفاً ومثمراً، بينما تتركون مئات المؤسسات العامة خاسرة.. وغارقة في وحل الفشل، دون تشكيل لجان لتسلّمها وتصفيتها؟!
{ عجبت لأمركم.. تتسلّمون (الملبن) وتهملون (المضبن).. من (الضبان)!!
{ مالكم كيف تحكمون..!!

Exit mobile version