فرقتهم السلطة ووحدتهم الدماء

خرجت الحركة الإسلامية ظهر الجمعة أمس الأول بكل قطاعاتها ومسمياتها، في مسيرة حاشدة إلى مقر الأمم المتحدة بالخرطوم، وذلك في سياق مسيرات التنديد والشجب التي انتظمت عددا من العواصم العالمية والإقليمية، ضد أحكام القضاء المصري التي قضت بحكم الإعدام على رموز جماعة الإخوان المسلمين بما فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي و..
* غير أن الذي لفت انتباهي في هذه التظاهرة متعددة التيارات، هو التقاء الفرقاء الإسلاميين في لحظة مصيبة بالغة ألمت بالجماعة الأصل في دولة المنشأ مصر الحبيبة، التقاء يصلح له أدب: أن المصائب يجمعن المصابينا، فلئن فرقت السلطة بينهم فإن الجراح والشدة يمكن في لحظة حزن فارقة أن تجمعهم، فبرغم أن المسيرة كانت تحت عنوان الحركة الإسلامية، المؤتمر الوطني في رواية أخرى، إلا أن ذلك لم يمنع أن يأتي الإصلاحيون بقيادة الكادر الإسلامي حسن عثمان رزق، والأستاذ ناصر السيد عن الحزب الاشتراكي الإسلامي، والإسلامي الباشمهندس الطيب مصطفى صاحب منبر السلام العادل، كما كان صوت الحركة الإسلامية نسخة الشيخ الدكتور حسن الترابي حاضرة بقوة تحت كتيبة المحامي كمال عمر عبدالسلام، فضلا عن حركة الإخوان المسلمين التي تحدث نيابة عنها المرشد علي جاويش و.. و..
كل هذه التيارات الإسلامية التقت حين كريهة بشارع الجامعة بالخرطوم لمناصرة الحركة الإسلامية الأم، وهذا دليل آخر على أن الجراح والدماء والمشانق المحتملة، يمكن أن تنجح في ما فشلت فيه مؤتمرات الجمع السياسة، بل يمكن لهذا الموقف أن يتطور إلى تجمع إسلامي مواز للتجمع الديمقراطي المعارض الذي يقوده اليسار السوداني، أو يمكن أن يعاد إنتاج آلية القبلة التي تواضعت فيما قبل على مجموعة خطوط رئيسية، وأتصور أن المجموعات السلفية الحركية بزعامة الدكتور عبدالحي يوسف، وإن لم تخرج في مسيرات إلا أنها عبرت من خلال منابرها عن ذات الفكرة التي خرج من أجلها الآخرون، والتي في سبيلها غبروا أقدامهم واسمعوا أصواتهم إلى أمم يصلح لها قول الشاعر ..
لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن ﻻ حياة لمن تنادي
ولو أن نارا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
* لو عدت لفكرتي التي خرجت اليوم لخدمتها.. فبإمكاني الزعم بأن أمتنا الإسلامية اليوم أحوج ما تكون إلى وسطية الحركة الإسلامية، التي ليست بإفراط الجهاديين التكفيريين، وﻻ بتفريط الشيعة المضيعين، بل إن عمليات التضييق والترويع التي تواجه الإسلاميين المعتدلين ستحولهم لا محالة، من الإيمان بصناديق الاقتراع الديمقراطي إلى صناديق الذخيرة، فعلى الأقل إن إخوان مصر إن سيقوا إى المشنقة، فإن أول ما يضعونه تحت أحذيتهم هو مبدأ السلمية التي قالوا إنها أقوى من الرصاص، ومن ثم سيعبرون مضطرين إلى ضفة: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.. تصبحون على خير .

Exit mobile version