عن (مايو) و (الهندي عز الدين)..!

ليس هناك رابط ما بين الإثنين إلا في ذهن صاحبكم الذي أراد أن يكتب مادة للغد (اليوم) بحيث لا يتم التأجيل.. فاليوم الإثنين يصادف الذكرى السادسة والأربعين للإنقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الديمقراطية الثانية عام 1969م والتي ترأس مجلسها السيادي الزعيم إسماعيل الأزهري, وترأس مجلس وزرائها السيد الصادق المهدي, وإنقصم ظهرها قبيل الإنقلاب عندما تم حل الحزب الشيوعي السوداني وتم طرد نوابه من البرلمان- الجمعية التأسيسية- التي لم تكن قد فرغت من إعداد دستور دائم للبلاد.
داخل عدد اليوم من (السياسي) يجد أصحاب العمل من قراء الصحيفة مادة خاصة بذكرى الإنقلاب المايوي الذي حمل إسم (ثورة مايو) كنظام سياسي إستمر في حكم البلاد لستة عشر عاماً حتى أبريل 1985م, تعرض خلالها لعدة محاولات إنقلابية وواجه عدة إنتفاضات شعبية لكن الذي قضى عليه كانت إرادة الله عندما نزع سبحانه وتعالى الحكم من بين يدي الرئيس نميري من خلال إنتفاضة شعبية بدأت نهايات مارس وحسم أمرها الجيش بإنحيازه إليها في السادس من أبريل عام 1985م.
ذكرى مايو هذا العام إفتقدت أحد رموزها المضيئة ونقصد الفقيد عز الدين السيد الذي مضى إلى جوار ربه منذ أيام, وقد كان رمزاً مايوياً مشرفاً من خلال العمل العام- رحمه الله- وإفتقدت ذكرى مايو صديقنا الراحل المقيم الفقيد الياس الأمين عبد المحمود, مدير المراسم في الإتحاد الإشتراكي وعضو آخر برلمانات مايو- مجلس الشعب الخامس- الذي كان يرأسه السيد عز الدين السيد.. وكان الأول دائم التذكير لنا بذكرى الإنتفاضة التي يسميها (ذكرى السجم والرماد) في كل عام ودائم التذكير لنا بذكرى مايو من خلال رسائل دافئة وعبارات مودة لذكرى تلك (الثورة) وقائدها المشير جعفر محمد النميري.
أما الثاني ونقصد السياسي والبرلماني ورجل الأعمال السيد عز الدين السيد, فقد كان حريصاً على أن تكون أكثر مناسباته مرتبطة بذكرى مايو, وقد دعانا ذات يوم لعقد قران إحدى كريماته في مسجد بالخرطوم نمرة (2) كان يصادف ذكرى الإنقلاب (الثورة) وشهد عقد القران ذاك السيد المشير عمر حسن أحمد البشير, الذي إلتفت بعد أداء صلاة العصر فوجدته على يميني, وأخذ بعدها يتحدث إليّ لدقائق حديثاً خاصاً, جعل صديقنا الراحل الأستاذ عمر محمد الحسن (الكاهن) يسألني عن الذي دار بيني وبين الرئيس (!) فقلت له: (إنت دايرني يا عمر أوريك كمان الكلام الدار بيني وبين الرئيس..؟.. إنت لو عايز تعرف الكلام شنو.. أمشي أهو داك الرئيس أسألو).. ولم يفعل رحمه الله ولكنه حفظها ليّ إلى أن رحل عن دنيانا رحمه الله.
• وماذا عند الهندي؟
ربما يكون الأخ الأستاذ الهندي من مواليد تلك السنة 1969م أو ما بعدها.. لكن ما أردنا الكتابة عنه هو ما يتعرض له هذا الكاتب- قوي الشكيمة- والصحفي الشجاع المجاهر برأيه, من حملات عنيفة وظالمة, حتى من ذوي القربى المهنية إن جاز التعبير, وهؤلاء ظلمهم كما قال الشاعر:
ظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
لقد هوجم الأخ الأستاذ الهندي عز الدين لأنه صدع برأيه, وقوبل ذلك الرأي بحساسية بالغة, ناتجة عن مواقف سياسية مسبقة- للأسف الشديد- وقد لا يعلم كثيرون أن الأخ الأستاذ الهندي عز الدين من أكثر الداعمين لعدد من المبادرات الشبابية والشعبية دون إعلان أو ترويج.. والرجل أزعم أنني أعرفه جيداً, وهو صادق في طرحه ورأيه وشفاف بعكس الكثيرين الذين يظهرون لك عكس ما يبطنون, وقد شهد وشهدنا بعضهم حتى على مستوى دوائر العمل الضيقة!!
صدق الأخ الأستاذ الهندي جعله عرضة للهجوم المستمر في بلد لم يعد فيه أكثر الناس يقبل بالرأي الآخر وهذه واحدة من آفاتنا ومصائبنا المعاصرة التي أبدلت أمننا خوفاً وسلامنا حرباً.. لأننا إستخدمنا أكثر الأسلحة فتكاً.. سلاح المفردة الذي نحاول به إغتيال الشخصية ولا نتطرق إلى الفكرة أو القضية أو الموضوع.. ليت الأمر إنتهى عند هذا الحد.

Exit mobile version