نص خطاب المشير عمر البشير أمام الهيئة التشريعية القومية اليوم بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية بالمجلس الوطني بأم درمان

نص الخطاب الذي ألقاه المشير عمر حسن احمد البشير أمام الهيئة التشريعية القومية بمناسبة أدائه اليمين الدستورية اليوم رئيساً للجمهورية :

بسم الله الرحمن الرحيم
والشكرُ والحمدُ لله بجميعِ المحامِدِ على كلِّ النعم والصلاةُ والسلامُ على المبعوثِ رحمةً لكلِّ الأمم.
يقولُ اللهُ تعالى في مُحكم تنزيله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}
صدقَ اللهُ العظيم
أصحابُ الفخامةِ والسمو
الإخوةُ ممثِّلو الدولِ الشقيقةِ والصديقة..
الإخوةُ ممثلو المنظماتِ الإقليمية والدولية..
الأخ/ رئيسُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
الإخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
الحضورُ الكريْم..
المواطنون الشُرفاءْ داخلَ السودانِ وخارجَه.
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه
يَطيبُ لي في هذا اليومْ الأغْر أن أرحبَ بإخوتي قادةَ الدولِ الشقيقةِ والصديقة الذين شَرَّفوا بلادَنا بحضورِهم المُميزْ وهم يَشّهدونَ معنا هذا الاحتفال .
أصحابُ الفخامةِ والسمو.
إن زِيارتَكم الكريمة لوطَنِكم السودانْ تُمثلُ رمزيةَ الودِ و الإخاءِ والمحبة وهي قِيمُ يُدرِكَها شعُبنا ويتجاوبَ معها بمشاعرِ العرفانْ العميقة فأهلاً بكم في بلدكم بين شعبٍ يكنُ لكم المودة ويزجي إليكم الشكرَ الجزيلْ .

ويمتدُ تَرحيبُنا بضيوفِنا الأعزاءْ من رؤوساءِ وأعضاءِ الوفودْ والسفراءِ وممثلي البعثاتْ الدبلوماسية وقياداتُ الأحزابِ السياسية وبكلِ ضُيوفِنا الأمجاد في هذا اليومْ المشهودْ .
والتحياتُ الزاكياتْ لإخواني وأخواتي مُمَثِلي الشعبْ في الهيئةِ التشريعيةِ القومية وَهُمْ يَبْتَدِرونَ دورةً جديدةً من النماءِ لهذا الوطنْ المِعطاءْ .
وأَحَمَدُ اللهَ الذي وَفَّقَ وأنعمَ علينا بإكمالِ العمليةِ الانتخابية التي جرتْ في أجواءٍ ديمقراطية نزيهة شهَد لها المراقبونَ المحليونَ والدَوليونَ شهادةً نعتزُ بها ونفاخرْ.
ويَسُرَّني أَنْ أتوجهَ بالشكرِ في هذه اللَّحَظَاتْ المباركاتْ لشَعبِنا الوفيِّ الأبي والذي خاضَ بكلِّ فخرٍ وإعزازْ هذه الملحَمَّةَ الوطنيةَ الرائعة التي تُؤكِّدُ حرصَ هذا الشَعبْ على التداولِ السلميِّ للسلطة عَبْرَ صناديقِ الاقتراع.
أشكرُهم على هذِهِ الثقةِ الغالية التي طَوَقُوني بِفَخَارها وأسألُ اللهَ العليَّ القديرْ السدادَ والإعانةَ والتوفيقْ للوفاءِ بمُستَحَقاتِها.
فلا بدَّ لي في هذِهِ المناسبة أنْ أحيَّ هذِهِ الروحْ الوطنية التي أَقَبَلَ بها المواطنونَ على الانتخابات.
لقد كانَ شعبُنا كالعهدِ بهِ نقاءَ فطره وبداهة في أداراك أهمية المرحلة فأقدمَ بالعزمِ على صناديقِ الاقتراع بيقينٍ يملؤُهُ الأملُ وبإرادةٍ حرةٍ ليختارَ ممثِّليه في انتخاب الرئاسة وانتخاب المجالسْ النيابية القومية والولائية وإنِّي أمامَ حضْرةِ هذا الشعبِ النبيل وحضورِ وعيِهِ الكبير وصبرِهِ الجميل وتوكله على الجليل أُشهِدُكم وأُشهِدُ اللهَ بأنَّنا سنكونُ خُدَّاماً له، ساعينَ إليهِ بالخيراتْ، فلا يرانا إلا في موقفِ عِزةٍ ولا نراهُ إلا في مقامٍ مَجِيد
وسأكونُ بإذنِ اللهِ رئيساً للجميع لا فَرْقَ بينَ مَنْ صوَّتَ لنا ومن لم يصوِّتْ وبينَ مَنْ شاركَ أو قاطعَ الانتخابات فهذا حقٌّ مكفولٌ لهم أجمعين.
وأُشهِدُ اللهَ العليَّ القدير بأَنِّي سأَظَلُّ وَفِياً لهذا البلدِ وأهلِه، باذِلاً كاملَ جُهْدي لرفعةِ هذا الوطنِ
ويمتدُّ شكرُنا لإخوةٍ أفاضلَ في اللجنةِ القوميةِ الداعمةِ لترشيحِنا والذينَ طافوا معي ربوعَ هذا الوطنِ الشاسعِ بلا كَلَلٍ أو مَلَلٍ ضماناً لوحدة الصفْ وجمعاً للكلمة وأملاً في السلام و الاستقرار والازدهار للسودان فلهم منِّي كل الثناء وفي مُقدمتهِم رئيس هذه اللجنة سعادةُ المشير عَبدُ الرحمن مُحمد حسنْ سُوارُ الذهبْ.

والشكرُ إخواني الكرامْ في هذا اليومْ السعيدْ للمفوضيةِ القوميةِ للانتخابات التي أدارت هذا الاستحقاق الدستوريِّ بحكمةٍ واقتدارْ وبالتزامٍ وطنيِّ صارمْ فلهم مِنَّا كُلَّ التقديرِ والعرفان.
والشكرُ موصولٌ للقواتِ المسلحة والشرطة وجهازِ الأمنِ والمخابراتِ الوطني ولكلِّ مَنْ ساهمَ في تأمينِ الانتخابات التي مارسَها شعبُنا بأُسلوبٍ حضاريٍّ ظلَّلتْهُ روحُ التسامحِ والتعاونِ والوعيِ الكاملِ بهذا الحقِّ الدستوريِّ العظيم.
والتحيةُ كذلك مثنى وثُلاثَ ورُباعْ لقواتِنا المسلحة الباسلة وذراعها الجديد من قوات الدعم السريع ولقوات الشرطةِ المرابطة وقوات جهازْ الأمنْ الساهرة الذين بذلوا دِمَائَهم الذكية حراسةً للأمة وحفاظاً على كرامِتها والذين لولاهم لما توفر هذا المناخُ الآمنْ لإجراءِ الانتخابات وعهدنا معهم أن تستمر الدولة في دعمهم حتى يأمن كل مواطن على نفسِه ومالهِ وعِرضِه في كل شبرٍ من أرضِ هذا الوطنْ الرحيبْ.
ونسألُ اللهَ أن يتقبلَ شهدائنا الأبرارْ الذين ظلَّ استشهادهم بركةً على أُمتِنا ودَولتنا.
والتحيَّةُ المستحقة بجدارةْ للمرأةِ السودانية والتي طابقَ فعلَها قولُها تأكيداً لمنطوقِ شعارِها بأنَّ الانتخاباتِ سِباقٌ تَحسِمُهُ النساء.
فالتهنئة الخالصةُ لها وهي تنال الثلثْ من مقاعدِ البرلمانْ.

والتحيَّةُ الخاصة لطلابِنا وشبابِنا الذينَ كانوا رُوحَ ونفسَ هذِهِ الانتخابات.
والتحيَّةُ لكلِ فئاتِ شَعبنا من عمالٍ وزراعٍ ورعاةْ وأصحابَ أعمالْ ومعاشيينَ وأهلَ فكر وثقافة ومعلمين ورجالَ دين وعُلماءَ ومشائخْ طرقْ صُوفية وإداراتٍ أهلية وذوي إحتياجاتٍ خاصة الذين وقفوا وسَاندو ودَعَموا حَمْلَتَنا الانتخابية.
والتحيَّةُ لكلِ القُوى السياسية التي شاركتْ في هذه الانتخابات وللصحفيين والإعلاميينَ الذين قدموا جهداً إعلامياً وطنياً خالصاً أكملوا به لوحة الإنتخاباتْ.
ويُسعِدُني إخوانِي الكِرام أعضاءَ الهيئةِ التشريعيةِ القومية أَنْ أُهَنِّئَكم على نيلكم ثقةَ الناخبينْ والتي هي حَصادُ ثمرةَ هذا السباقْ الوطنيَّ الشريفْ طالما حافظَ على النزاهةِ في ممارسَتِه وخدمة المواطن ورفعةَ الوطنْ في مقصده.
وإنِّي على يقينٍ بأنَّكم ستَحمِلونَ معي هُمومَ ناخِبِيكم وآمالَهم وستواصلونَ دورَكم المشهودَ في التشريع و الرقابةِ والتقويمْ وسأكونُ عوناً لكم في ذلك ونحنُ نخطو إلى غدٍ مشرقٍ في دروبِ الإصلاحِ والتطورِ.
وثقتي كبيرة في أن هَيئَتَكْم الموقرة ستكونُ على قدرِ المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتِقها وهي تنوبُ عن الشعبِ في حسنِ إدارةِ الدولة بالإصابةِ في سنِ القوانينِ المختلفة وإحكام رقابتَها على الأداءِ العامْ وأنْ تَعينَنَي في برامجِ الإصلاحْ لجهازِ الدولة الذي عقدنا العزمَ على إصلاحهْ بكل ما أُوتِيَّنا من قوة وفي معالجةِ مواطنَ الضعفِ والقصورِ والعجزِ والفسادْ وفي التخطيطِ لتجديدِ بِنيةِ الدولة كُلِها بإذنِ اللهْ و لا يَفُوتني في هذه السانحة أن أُثنئَ على جهودِ إخِوَتِكم النوابْ في دورةِ الهيئةِ التشريعيةِ السابقة حيثُ تابعنا حِرَاكَها وحيويةَ مُداولاتِها وهي تَتَصدى لمهامِها التشريعية والرقابية بنضجٍ وتوازْنْ وتَعالجُ الميزانية بحكمةٍ وموضوعيهْ تراعي بين الآمالِ المنشودة و المواردِ المتاحة.
وتابعنا مُبادَراتِها في ريادةِ الحوارْ الوطني الشاملْ وتعبئةَ المواطنينْ في ربوعِ بِلادِنَا وحشدِ طَاقَاتِهم دعماً وسنداً للقوات المسلحة وسَعِدنا بِجَهدهِم في رتقِ النسيجِ الاجتماعي وفي مشاركةِ الولاياتْ وإسنادها وهي تتعرضُ لابتلاءات السيولِ والفيضاناتْ.

الإخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
أخاطبُكم اليومَ وبلادُنا على أعتابِ مرحلةٍ جديدةٍ من مراحلِ التطورِ والبناءِ الوطني.
أخاطبُكم اليومَ ونحنُ ندخُلُ عهداً جديداً مع أمتِنا السودانية.
عهداً نُعززْ فيه تطبيقْ الشريعةِ السَّمْحَاءْ إرضاءً لربِّ العالمين وتحقيقاً لرغبةِ شعبِنا الذي إرتضاها هدايةً لحياته وحُكماَ على سائر شؤونه ووفاءً لشهداءٍ هذه الأمة الذين جادو بأنفسهم في سبيل الله .
عهداً نلتزُم فيه بِوُحدةِ البلادْ أرضاً وشعباً
عهداً جديداً نَسعى فيه مَعَكمْ ومع كلِ شركاءِ الوطن الشرفاءْ لإقرارِ دستورٍ مستدامْ نُحققُ به الاستقرار الكاملْ لهذا الوطنْ ونُوظفْ من خلاله طاقاتِ السودان كُلِها للبناءِ والإعمارِ والنماءْ.
عهداً جديداً ننبذ فيهِ النزاعاتِ والثاراتِ والجِهوياتِ والحروباتِ ونتَّجِهُ فيهِ لإعمارِ السودانِ وإعمارِ الوِجدانِ بهُدَى القرآن.
عهداً جديداً نَحْقِنُ فيهِ الدماءَ ونؤكِّدُ فيهِ التزامنا باستكمال السلامِ والسعيِ إليهِ لا تَفترُ لنا هِمَّةٌ أو يصيبُنا رَهَقٌ، سلاماً يغلق أبواب الفتنهْ ويفتحُ أبوابَ الإلفةِ والمحبةِ و الخيرِ لأهلِنا في دارفور وجنوبِ كردفان والنيلِ الأزرق سلامٌ نَصنَعُهُ بأيدِينا وإرادتِنا وتصميمِنا على تحقيق الاستقرار لهذا الوطنِ العزيزْ
عهداً جديداً نواصل فيهِ مسيرةَ الإصلاحِ الشاملْ تحقيقاً للاستقرار السياسي والحكمْ الرشيد .
عهداً نَستكملُ فيه نَهضَتَنا الأخلاقيةَ والعلمية والصناعية والعمرانية.
عهداً جديداً نحقِّقُ فيهِ آمالَ أمتِنا في حياةٍ كريمةٍ يحُفُّها الأمنُ والوَفرةُ والرخاء.
عهداً جديداً نتطلَّعُ فيهِ إلى بناءِ شراكةٍ فاعلةٍ ومُنتِجةٍ مع كلِّ أشقائِنا وأصدقائِنا نُؤسِّسُها على نجاحاتِ السودان وانفتاح علاقاتِهِ الخارجيةِ على أشقائِهِ العرب و جيرانِهِ الأفارقة وأصدقائِهِ في كلِّ أرجاءِ المعمورة.

فقد شَهِدَتِ الفترةُ الأخيرة بعونِ اللهِ وتوفيقِهِ تطوراتٍ إيجابيةً في علاقاتِ السودانِ العربية.
كما ظلَّتْ علاقاتُنا الإفريقيةُ والآسيويةُ نموذجاً يحتذي في التعاونِ والتواصلِ البَنَّاء.
وسيَسْعَى السودانُ بإذنِ الله وبقلبٍ مفتوح لاستكمالِ الحوارِ مع الدول الغربية حتَّى تَعودَ العلاقاتُ إلى وضعِها الطبيعي مسترشِدِين في ذلكَ بالمؤشراتِ الإيجابيةِ التي بدأتْ في الآونةِ الأخيرة وذلكَ تأكيداً لسياستِنا المعلنةِ في إزالةِ كلَّ العَقَباتِ كسباً لصداقةِ الجميع شعوباً وحكومات.
عهداً جديداً يُسجِّلُ فيهِ الاستثمارُ قفزةً نوعيةً من خلالِ جذبِ رؤوسِ الأموالِ العربيةِ للاستثمار في الأمنِ الغذائي والذي يمثل المستقبل لبِلادَنا في الاستقرار واستقلال القرارْ.
وستكونُ الزراعةُ بإذنِ الله هي قاطرةُ الاستثمارِ التي ستقودُ السودانَ إلى معالجةِ الفقرِ والبطالةِ وتعويضِ البلادِ زمنَها الذي ضاعَ بسببِ الحروباتِ والنزاعات.
عهداً جديداً نُمكَّنُ فيهِ لمبادئِ العدالةِ الاجتماعيةِ وسيادةِ حُكمِ القانون وبسطِ الشورى بينَ الناس. تحقيقاً لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )
عهداً جديداً يُعِلي قِيَمِ الشفافيةِ في اتخاذ القراراتِ واعتماد معاييرِ الكفاءةِ والنزاهة عندَ كلِّ تكليفٍ وتعيين والمحاسبة الحازمة عند كل فساد أو تقصير.
وبهذا أعلنُ عن قيامِ مفوضيهْ للشفافيةِ ومكافحةِ الفسادْ بصلاحياتٍ واسعة وتكون تبعيتها مباشرةً لرئيسِ الجمهورية.
عهداً جديداً نحرصُ فيه أن تكونَ مسؤوليةُ الأداءِ الوطنيِّ ملقاةً على عاتقِ الجميع ولكلٍ دورُهُ المرجوُّ والمُنتظَر وعلى كُلِّ واجبه مثلَما لكل حَقَهُ بغيرِ إفراطٍ أو تَفرِيط فالكُلُّ شركاءُ في بناءِ وطنِهم بلا تمييزٍ أو تمايُز إلا بمقدارِ التضحيةِ والعطاءْ.
لا حَجرَ على رأيٍ طالما إلتزم القانون ولم يدعُ لإثارةِ فتنةٍ عرقيةٍ أو دينية
والجميعُ لَدَيْنا مسؤولونَ لهم حقُّ المشاركةِ دون التَّقَيُّدِ بمواقِعِهم في الحكمِ أو خارجِه.

عهداً جديداً نُعِلي فيه قيمةَ العملِ والإنتاج لنحقِّقَ مجتمعَ الكفايةِ الاقتصادية ونستغلُ فيهِ مواردَنا الطبيعيةَ التي تمكِّنُنا من بناءِ دولةِ السودانِ الحديثة.
وأُبشرُ هنا مواطنيَّ الكرامْ بأنَّ احتياطي الذهبْ المكتشف حتى اليومْ عبرَ التخريط الجيولوجي فاق الـ 8000 طن بقيمة تساوي 330 مليار دولار سيتمُ تَسخُيرَها لاستكمال مشروعاتِ النهضةِ الكبرىْ وتحقيق الرخاءْ الاقتصادي وهذا مفتاحُ جديدْ للدخولِ والتعاملِ اقتصاديا مع العالمْ الخارجيْ بإذنِ اللهْ ، ولله الحمدُ والمنة الذي قال في محكم تنزيله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )
الإخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
إنَّ برنامجَنَا للسنواتِ الخمسِ القادمة هو برنامجٌ يستشرِفُ المستقبل.
مُستَقبَلٌ نفتحُ اليوم فيهِ صفحةً جديدةً نكتبُ فيها بإرادةٍ جديدةٍ معانيَ الوفاقِ وجمعِ الصفِ الوطني.
صفحةً جديدةً نكتُبُ فيها معانيَ السلامِ الشاملِ والنماءِ الكاملِ لهذا السودان.
صفحةً جديدةً نكتُبُ فيها رفاهيةَ هذا الشعبِ الذي أعطَى وما بَخِل.
وسيكونُ أمرُ معاشِ الناسِ هو أولَى أولوياتِنا، وإنِّي في هذا المقامِ الذي امتدحُ فيهِ صبرَ السودانيينَ وحُسْنَ ظنِّهم باللهِ وبقيادتهم في كلِّ المحنِ والابتلاءاتِ والضوائقِ المعيشيةِ التي ألمَّتْ بهم أؤكِّدُ عَزْمنا الشديدْ وتَوجُهَنا الصادقْ لاستدامة الاستقرار الاقتصادي و تحقيقِ النهضةِ والطفرةْ في كلِ المحاورْ المرتبطة بالاقتصاد من خلالِ البرنامج الخماسي الذي يرمِي إلى زيادةِ الإنتاجْ و الإنتاجية وتيسيرِ المعيشة وتوفيرِ فرصِ العملِ للمواطنين وذلك بحُسنِ توظيفِ قدراتِنا الذاتيةِ واستثمارِ فرصِ الشراكات الاقتصادية المرتقبة مع أشقائنا و شركائِنا الاقتصاديينَ في أرجاء المعمورة.
صفحةً جديدةً نكتُبُ فيها تاريخاً جديداً لأمةٍ سودانيةٍ آمنةٍ وَمُوَحَدة ومتطورةٍ ومتحضرة.
ورؤيتُنا لتحقيقِ كلِّ ذلكَ واضحةٌ وجَلِيَّة وطاقاتُنا كبيرةٌ ومواردُنا وافرةٌ وعزمُنا قويُّ ولن نرضَى إلا بأنْ يكونَ السودانُ وطناً للتميزِ والرِّيادةِ ووطناً للعزةِ والكرامة بإذن الله.

و أنْ يكون السودانُ أمةً منتجةً بحقْ يكفي حَاجَتَه ويُسدَ فجوة الغذاء للآخرين.
ولا تَنقُصَنَا في ذلك المواردْ والثرواتْ الطبيعية ولا الخبرة ولا القدرة على صياغةِ أفضل نموذجْ لامةٍ ناهضةٍ قويةٍ وفخورةٍ بنفسها .
إننا اليوم نملك الإرادة الذاتية الحرة ونملك الخطط الكلية والمرحلية ونملك العزم وحسن التوكل على الله لتفجير سائر الطاقات البشرية وتوظيف هذه الموارد المادية الهائلة بسعي حثيث نحو تلك الغايات العظيمة .
فيا إخوتي المزارعين نحنُ وانتم ليُزْهر وَجُه السودانْ الأخضرْ.
يا أهلُ الصناعاتْ نحنُ وانتم ليُصبِحَ صُنِعَ في السودانْ مَحلَ ثقةٍ و اطمئنان وعلامةَ جودةٍ وإتقانْ.
يا أهلُ السعيهْ واليدُ السخية نحنُ وانتم لتَتَسابقَ أسواقُ البلدانْ على لحومِ السودانْ.
يا أهلُ الإعلامِ والفنونِ والكلامْ نحنُ وانتم لنتحاور بلغةِ أهلِ السودانْ التي تعبرُ عن وجدانٍ مُفعم بالمودةِ والحبِ والاحترام .
يا أهلُ الرياضة نحنُ وانتم بروحِ الرياضة نبني وطنَ الرِيادهْ.

إخواني الكرام..
أرجو أنْ أؤكَد لهيئتِكم الموقرة أنَّ الحوارَ الوطنيَّ الشاملَ بشقَّيْهِ السياسيِّ والمجتمعي والذي دَعَوْنا له في العامِ الماضي كلَّ الناس، قد اكتملت ترتيباتُهُ وحُدِّدَتْ آلياتُهُ وستنطلقُ يإذنِ الله في الأيام القليلة القادمة فعالياتُهُ.
وإنِّي أغتنمُ هذِهِ الفرصةَ مخاطِباً عبرَكم أحزابَ المعارضة التي ما زالتْ تقِفُ مترددة أو رافضةً للحوار.
والحركاتِ المتمردة التي اختارتْ طريقَ العنفِ بديلاً للحوار.
وأقولُ لهم جميعاً إنَّ حُضنْ الوطنْ مازالَ مفتوحاً لاستقبالهم إنَّ أبوابَنا مُشْرَعَةٌ ولن تُوصَدَ في وجهِ القُوَى السياسيةِ الوطنية التي ترفض العنف وترتضي الحوار منهجاً ووسيلة.
حِواراً وطنياً جامعاً وشاملاً لكلِّ القُوَى الوطنيةِ ولكلِّ القضايا والموضوعات.
ونجدِّدُ هنا عفَونا الكاملَ عن حَمَلةِ السلاحِ الراغبينَ بصدق في العودةِ والمشاركةِ في الحوار.
نرحبُ بهم جميعاً حولَ مائدة الحوارْ للخروجِ بوثيقةٍ يرتضيها كلُّ أهلِ السودانْ تَلُمُّ شَمْلَهْ وتوحِّدُ صَفَّه وتبني مجدَه وطناً قوياً شامخاً بين سائرِ الأوطانْ.

إخواني الكرام..
أُجددُ هنا رسالتي لكلِ القُوى السياسية السودانية التي تتفقُ مع الحكومة والتي تختلفُ معها أنْ يكون الواجبُ المشتركْ بَيِنَنَا الحفاظُ على أمنِ بِلادِنا واستقرارها والتعايشَ بينَ فِئاتِها بثقافةِ السلامْ والوئامْ وأنْ يكونَ هدفُنا السياسيْ المشتركْ التداولْ السلميْ للسلطة والاحتكام في خِلافاتِنا إلى الشعبْ واحترام خِياراتِه بلا نكوصْ .
وأنْ يكونَ الحوارُ والتفاهمُ والمشاورةْ هي وَسائُلنا لحلِ قضايانا وأن نسعى جميعاً لصونِ وطَنَنَا من الاختراق الخارجْي والأجندةِ الدولية التي شَقيَّ شَعُبنا من ويلاتِها فالساحةُ السياسية بها من الاتساع ما يستوعبُ كل تطلعاتِنا لإسعادِ أُمتِنا.
إخواني الكرام أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
إنَّ السودانَ يّمُرُ بمنعطَفٍ تأريخيٍّ مُهِمٍّ في محيطٍ إقليميٍّ مضطربٍ يسودُهُ التشقُّقُ والتمزُّقُ والاحترابُ والخرابْ وكفى بذلك عبرة لكلِ مُعتبرْ.
فَلْنُجنِّبْ بلادَنا هذا المصيرَ بمزيدٍ من وُحدةِ الصفِّ والكلمةِ والعملِ المشترك لمصلحةِ هذا الوطن الذي دَفَعَ شَعَبَه ثمناً باهظاً للحروبِ المَورُوثة والمَفْروضهْ بأجندةٍ أجنبية .
ولْنَعملْ سَوِيّاً مع أشقائِنا العرب والأفارقة لإيجادِ حلولٍ سياسيةٍ تجنِّب َمنطقتَنا المزيد من الاقتتالِ والدمارِ والنزوحِ واللجوء.
الإخوةُ الكرام أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
ستشهدُ الأيامُ القادماتُ تشكيلَ الحكومةِ الجديدةِ بإذنِ اللهِ تعالى والتي نُؤكِّدُ أنَّها ستمضِي قدُمُاً لإكمالِ ما كانَ قائماً من التخطيطِ المُجازِ في خطتِنا الإستراتيجيةِ ربعَ القرنية.

ومهتديةً بما تعهَّدْنا به في برنامِجِنا الانتخابي لقيادةِ الإصلاحِ واستكمالِ مشروعِ النهضةِ تحقيقاً للنُّموِّ والتطورِ والعيشِ الكريم الذي يستحقُّهُ شعبُنا الأبي.
مستلهمةً كلَّ آمالَ السودانيينْ وتَطلعاتِهم ورجآءَاتِهم المستحقة وساعيةً لتحقيقها عَبرَ الانتقال إلى غدٍ أفضلْ وعهدٍ أكثرَ نماءً واخضرارا.
وأَشيرُ هُنا إلى أَنْ ما بُذل في الخمسة والعشرينَ عاماً الماضية هو جَهدُ إخواني الذين تَحملوا معيَّ المسؤوليةْ بصدقٍ وإخلاصْ وصبرٍ وجلدْ على كلِ المستوياتْ التشريعيةِ والتنفيذية والسياسية
فَتَحققَتَ على أيدِيهِم الكثيرْ من الإنجازاتْ لا يسعُ المجالْ لذِكرها ولَكَنَها مَحل شكرٍ وحمدِ للهِ ربِ العالمينْ
ومازِلَنا نَنَتظرُ المزيدْ رجاءً في عونِ اللهِ وعطائهِ.
فلهم منا الشكرُ والتقديرْ ومن اللهِ حُسنَ الثَوابْ
والآنَ نبدأُ بعونِ اللهِ وتوفِيقهْ مَعَكمُ دورةً جديدة في المعنى والمبنى في العملِ والممارسة وفي مَعدنِ القيادةِ ورشَدَها ونظامِ الدولة وتقْويتَه وفي نوعيةِ الأداءْ ونوعيةِ التطورْ وفي نظامِ العدلِ والقانونْ وفي أسس الضبطِ والمراقبةِ والتحديثْ وفي برنامجِ الإصلاحْ الكلي وتجديدِ الطاقاتِ العاملةْ وفي رعايةِ القطاعاتْ الضعيفة من الشعبْ وفي تشجيع القطاعاتِ المنتجةْ في الزراعةِ والصناعةِ والإستثمارْ وفي إزالةِ العقباتْ عن طريقِ مشروعِ النهضة .
وفي مزيدٍ من التعاونِ الإقليميْ والدَوْلِيْ وسيأتي كلَّ ذلك تفصيلاً في خطابٍ لاحقْ لهيِئتِكم الموقرة مَشفوعاً بمشروعاتِ قوانين وتدابيرَ رئَاسيةْ وبيانٍ وافي لخططِ الدولة ومَشرُوعاتِها للفترةِ القادمة.

الإخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
إنَّ هذِهِ التطوراتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والمُناخيةِ التي أشَرْنا إليها إقليمياً ودَوْلياً قد أثَّرَتْ بشكلٍ بالغٍ في بنائِنا الاجتماعي وفي نظامِنا الفيدرالي ولذا سأدعو كلَّ الولاياتِ إلى مؤتمرٍ جامعٍ نُعزِّزُ فيهِ تجرِبةَ الدولةِ في الحكمِ الاتحادي ونرسخُ من خلالِهِ فيدراليةً ناضجةً تُؤمِّنُ وَحدتَنا وتقودُ تنميتَنا المستدامة والعادلة .
وذلكَ وفاءً لما قامَت بهِ هذه الهيئة في دورتِها السابقة من تعديلاتٍ دُستوريةٍ استهدفتْ تطويرَ تجربتِنا في الحكمِ اللا مركزي.ط

الإخوةُ أعضاءُ الهيئةِ التشريعيةِ القومية..
أؤكِّدُ لكم خِتاماً أنِّنا ماضونَ بعزمٍ أكيد لتحقيقِ تطلعاتِ شعبِنا نحوَ المجدِ والسُؤددِ وبناءِ سودانِ المستقبلِ الذي سنكتُبُ نهضتُه المرتقبةَ في جبينِ السحاب عِزَّاً وفخراً بوطنِ فريد..
وثِقَتي بالله تعالَى لا تَحُدُّها حُدود..
وثِقَتي بكم سنبني بها وطن الجدود..
فلتكنَ السنواتُ الخمْسُ القادماتُ سنواتِ رخاءٍ وهناءٍ وأمنٍ وسلامْ لشعبٍ كريمٍ أوفَى وصَبَر..
ونسأله جلَّ وعلا أن يُنيرَ بِحِكْمَته بَصَائَرنَا ويُسدَدَ خُطَانا وُيوْفَق مَسَعَانا.
والسلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،،

سونا

Exit mobile version