محمد لطيف : رئيس الحكومة أم.. حكومة الرئيس

لنكن متفائلين، ونأمل أن يكون حزب المؤتمر الوطني.. صاحب الأغلبية في البرلمان وفي السلطة، قد حسم خلافاته وحزم أمره واختار حكومته.. للفترة القادمة.. لا سيما أن قضايا ملحة تنتظر.. منها العالقة.. ومنها المستجدة.. كما أن منها الميسورة ومنها المعقدة.. ومنها تلك التي كل أمرها بيد الحكومة.. ومنها التي لا تملك معها الحكومة شيئاً.. ولسنا في حاجة للتصنيف.. فالقضايا واضحة.. وضوح الشمس.. والقارئ بذهنه المتقد.. يدرك كل هذا.. كما يدرك ماذا يريد من الحكومة.. ولكن السؤال الأهم.. لا ماذا يريد المواطن.. بل ماذا تريد الحكومة.. وقد قلنا من قبل إن المطلوب من الحكومة أي هدفها هو الذي يحدد شكلها..!
ولا زلت أذكر وجهة نظر للسيد الحسن الميرغني.. رئيس الحزب الاتحادي بالإنابة.. فقد كان يؤكد دائماً على رفضه لمبدأ المحاصصة.. حتى الحزبية منها.. ويرى أن التفاوض حول الحكومة وأي حديث عنها إنما يجب أن يتجه نحو البرنامج لا الأشخاص ولا الجماعات.. أي أن يتقدم الموضوعي على الشخصي.. وهذا ما كان ينبغي أن يقوم عليه الحوار حول شكل الحكومة القادمة.. أو الجديدة.. بل يمضي الحسن أكثر من ذلك حين يطالب الرئيس بأن يعمل بنظام الملفات.. وللرجل رؤية كاملة في ذلك.. أي تكليف الشخص المحدد بالملف المحدد.. ومنحه الوقت المحدد لإنجازه.. على أن يكون مستعدا بعد ذلك للمحاسبة إن أخفق..!
ولما كان النظام القائم في السودان الآن.. نظاما رئاسيا.. فغنيٌّ عن القول أن الحكومة التي يجري تشكيلها الآن.. هي مسؤولة بالضرورة أمام السيد رئيس الجمهورية.. الذي يحمله الدستور الحالي مسؤوليات مباشرة حول حسن أداء أجهزة الدولة.. ومسؤولية سلامة الوطن.. وكفالة حقوق المواطن ومطلوبات عيشه بكرامة.. فصحيح أن الرئيس هو رئيس الحكومة.. ولكن الصحيح أيضا.. أن الحكومة هي حكومة الرئيس.. عليه يصبح الطبيعي أن تكون مهمة الحكومة إيلاء برنامج الرئيس أولوية قصوى في التنفيذ.. ويتصدر برنامج الرئيس.. كما ردد هو.. أو نقل عنه في أكثر من مناسبة.. ثلاث قضايا أساسية.. الأولى المسألة الاقتصادية مع كل ما يلحق بها ويترتب عليها.. ويتصل بها من إجراءات وترتيبات.. ثم موضوع العلاقات الخارجية.. ويؤكد مقربون من الرئيس أن لديه ثلاثة محاور في هذه العلاقات أولها دول الجوار.. فالمحيط العربي ثم المحيط الإفريقي.. وقد يتقدم هذا ويتأخر ذاك.. وفقا لمجريات الأمور.. ولكن تظل على المدى الإستراتيجي محتفظة بأولويتها.. أما الأمر الثالث.. فهو الوضع الأمني.. وفي دولة تشهد سلسلة من الحروب الداخلية.. مع بروز الأصابع الأجنبية هنا وهناك أحيانا.. يصبح من الطبيعي أن يكون الوضع الأمني شغلا شاغلا للقيادة العليا في البلاد.. وإذا كانت لهذه القيادة تصورات محددة.. في إطار مسؤوليتها الدستورية والسياسية أولا.. ومستمدة من خبرة عملية.. متصلة وغير منبتة رغم الشواغل.. يكون عصيا على تلك القيادة أن تتخلى عن تصوراتها تلك بسهولة.. هل كان هذا من أسباب تأخر إعلان تشكيل الحكومة الجديدة؟!

Exit mobile version