حسن اسماعيل : إيلا معتمداً لمدنى

وهذا هو ما نخشاه على الرجل أن يحقق نجاحاً في حدود أنه معتمد لمدينة ود مدني، يرصف طرقها الداخلية وينظم حملات إصحاح البيئة ويعيد تشجير شارع النيل ويكثف إضاءته ويزحمه بلمبات النيون الحمراء والخضراء ويرمم مسارح المدينة ويدعم إنشاء الفرق الفنية والمسرحية ويضبط شوارع الأسفلت ويغلقها بالانترلوك ويعيد تمليك عربات التاكسي بشروط جديدة فتتكاثر في طرقات المدينة عربات جديدة تتلألأ بلونها الأبيض والكحلي، ثم يمنع استخدام عربات الكارو ويقوم باستيراد مواتر بثلاث عجلات من الهند والصين.
وفي أيام معدودة تتحول مدني إلى عروس باذخة الجمال غضة في عقدها الثاني ثم ينزل الرجل ويصافح الناس في الطرقات بدون حرس ولا حاشية ويجلس معهم تحت لبخ شارع النيل يشرب الشاي والقهوة ويحصد محبتهم.
كل هذا جميل ومحمود ولكن ماذا عن بقية مدن الولاية؟ هل ستظل الجاموسي غارقة في الظلام؟ وهل سيظل البعوض وانقطاع التيار الكهربائي يحاصر المناقل؟ والبلهارسيا تصرع مواطن القرى والريف هناك؟.
هل ينجح الرجل في إعادة العافية لمصانع النسيج؟ وهل سيعيد الروح لمشروع الجزيرة وما أدراك ما مشروع الجزيرة؟ هل يعيد للوزة القطن ألقها ولقندول العيش زخمه وللفول السوداني كبرياؤه ومكانته؟.
هل سيقوم الرجل بسحب “عيال” قرى الجزيرة من طرقات الخرطوم وتقاطعات المرور ويرحمهم من بيع الماء ومناديل الورق؟
السادة حاشية الرجل: أرجو أن تضعوا أمام الرجل في الأول أرقام مرضى السرطان، الفشل الكلوي، ووفيات عمليات الولادة وانصحوه: من هنا فابدأ.
أقول كل ذلك لأنني أظن ظناً عريضاً أن درجات محمد طاهر إيلا كوالٍ تم منحها له من خلال تصحيح كراسة بورتسودان فقط وأنه كوالٍ لم يجلس لامتحان المدن الأخرى في ولاية البحر الـحمر الأخرى ولم يتم تصحيح مواد التحديات والملفات الأخرى مثل ملف وتحدي مياه بورتسودان الذي كاد يضيع وسط ضجيج المهرجانات الغنائية الصاخبة.
ملاحظة تحسب على تجربة إيلا في البحر الأحمر وهي حسابات الربح والخسارة في ملف صناعة السياحة في بورتسودان وهل عائدات ذلك كانت تغطي الكلفة وتفيض وتمنع الولاية من انتظار دعم الخرطوم المالي؟ أم إنها كانت سياحة مصنوعة عالية التكاليف ليست لها عوائد ربحية تملأ خزنة الولاية بالفيوضات التي تصرف في أوجه أخرى، كل هذا يختصر في سؤالين صغيرين هما: هل نحن نتحدث عن والٍ ناجح أم معتمد ناجحٍ ؟ وهل هو نجاح حقيقي أم مصطنع بالآلة الإعلامية التي استقطبها إيلا بطرق شتى مختلفة لا تخلو من ذكاء وفطنة.
في كل الأحوال فالرجل امام تحدٍ جديد نتطلع أن ينجح فيه لأننا نرى إعمار الجزيرة وإعادة وضعها في طريق الإنتاج القديم يرفع العبء عن كاهل ثلث سكان السودان ويرفع العجز عن الخزانة العامة بمقدار الثلث، فهل يصدح إيلا في ولاية الجزيرة بصوته الطبيعي حتى يثبت لنا قوة خامته أم إنه سيفعل مثل المغنين ذوي الأصوات الضعيفة ويستعيض عن ذاك الضعف بأجهزة الساوند ومقويات الصوت وصراخ (الصفقة،الصفقة).

Exit mobile version