من هو الرئيس البشير .. زعيم إفريقيا الذي تحدى الجنائية ؟

أثار إقدام الرئيس البشير على المشاركة فى القمة الرابعة والعشرين للاتحاد الإفريقى والتى انعقدت بجنوب إفريقيا التساؤلات حول الدوافع الحقيقية على المشاركة فى بلد كجنوب إفريقيا تعتبر من البلدان الموقعة والصادقة على ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، كما تعتبر بلداً عضواً في المحكمة وملزمة بالتعاون معها حسب حجج البعض.
ويرى البعض فى إقدام المشير البشير على المخاطرة بالسفر الى الخارج ومنازلة المحكمة الجنائية، التى بات تخشى من أن يؤدى التحدى المستمر من البشير لها لتقويض مكانتها وهى التى تعانى من مشكلات حقيقة فى الإرادة والقدرة على إقمة العدالة الدولية، توجهاً مقصوداً من القيادة السودانية، وذلك لكونها أول بلد يضار من منظمة المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالى تقع على عاتقه قيادة الحملات المناهضة لها وصولاً الى ترجمة ذلك فى قرار فعلى للاتحاد الإفريقى يلزم الدول الأعضاء فيه بالانسحاب كلياً من المحكمة.
نشأة القائد
البعض يطلق عليه اسد افريقيا والبعض الآخر يناديه بزعيم الامة، وهو اول رئيس في القارة الإفريقية استطاع ان يهزم قرارات المحكمة الجنائية.. عمر حسن احمد البشير أحمد البشير «الأخير اسم مركب» جد الرئيس، ولد في الاول من يناير 1944م في قرية صغيرة تسمى «حوش بانقا» بريفي شندي بولاية نهر النيل، وهو ينتمي لقبيلة البديرية الدهمشية، ونشأ فى اسره بسيطة ومتدينة، ويحرص البشير على مشاركة الناس افراحهم واتراحهم ويجلس بينهم بلا حواجز.
ويقول مقربون منه انه يحب المزاح ولا يفكر البتة في منصبه الذى يحتم عليه ان يعلي من كلماته او يسلك سلوكاً غير سلوك الانسان البسيط العادي، وكثيراً ما يتحدث المواطنون في المركبات العامة او المجالس الاجتماعية برؤيتهم للبشير داخل المساجد او فى إحدى المناسبات دون حراسة او مظاهر بروتكولية، والبشير متزوج من امرأتين.
المميزات العلمية
تخرج البشير في الكلية الحربية فى عام 1967م، وشارك ضمن القوات السودانية فى حرب اكتوبر 1973 فى مصر، ونال ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1981م، ومن ثم حصل على زمالة اكاديمية السودان للعلوم الإدراية عام 1987م، وعمل البشير بالقيادة الغربية فى عام 1976م وحتى عام 1969م، ومن ثم التحق بالقوات المحمولة جواً من عام 1969 وحتى عام 1987م، وتم تعيينه قائداً للواء الثامن مشاة مستقل خلال الفترة من عام 1987م وحتى الثلاثين من يونيو 1989م، ومنذ توليه الحكم في ذات العام وكل المظاهر الاجتماعية تثبت تواضعه شأنه شأن معظم الرؤساء السودانيين، ويدل انتشار صوره في الطرقات الرئيسة وسيارات المؤيدين له في اعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية بحقه ابان عام 2009م على التفاف الشعب حوله، وكثيراً ما تفاجأ الطاقم الذي يحرس البشير بتسلل الرئيس دون علمهم، حتى بات من المألوف أن تجد اشخاصاً يتحدثون عن رؤيتهم للبشير يتجول وسط الخرطوم بدون أية حراسة، كما أنه دائما ما يراه البعض وهو يصعد الى السيارة من بابها الأمامي خلال المناسبات التي يحضرها في دار حزب المؤتمر الوطني من دون اصطحاب سائق معه أو أفراد حراسة، وهو ما يؤكد تمرده على البروتكول والمواكب الرئاسية.
دفعة أكتوبر
اللواء معاش معز عتبانى، هو صديق مقرب من البشير، تحدث الينا عن جوانب من شخصية الرئيس البشير، حيث قال: «تعرفت على البشير في الثامن عشر من يناير عام 1965م فى ذات اليوم الذى تقدمنا فيه للالتحاق بالكلية الحربية، وقد كانت رغبتنا سلاح الطيران وليست المشاة، ومن ثم التحقنا برفقة «15» من زملائنا، حيث نحن الدفعة «18»، وكان يطلق علينا «دفعة أكتوبر» لأننا كنا نخرج للمظاهرات ومن ثم للمعاينات، وكنا اول دفعة تدخل الكلية الحربية بعد اكتوبر».
يواصل عتبانى فى السرد فيقول: «سكنت مع البشير فى غرفة واحدة بالكلية، ومازالت تربطنى به علاقة اسرية قوية»، واضاف ان البشير يمتاز بأخلاق عالية تجعل حتى المعارضين له يحترمونه، واضاف البشير أن يتمتع بحب وصداقة قوية جداً داخل افراد القوات المسلحة ابتداءً من دفعته وحتى الدفعة «59»، فجميع افراد القوات المسلحة يحترمونه اولاً كضابط ومن ثم رئيس ثانياً، واضاف أن البشير يتميز بتهذيب واخلاق عالية اكسبته حب الشعب والقوات المسلحة معاً.
صفحات بيضاء
قدم البشير خلال حكمة عدداً من الصفحات البيضاء التى تمثلت فى النقلة الكبيرة التي شهدها السودان في سنواته الاخيرة، بتدفق النفط وانتشار شبكة من الجسور والطرق البرية التي ربطت بين ولايات البلاد، وتشييد سد مروي لتوليد الطاقة الكهربائية.
وتمتع البشير بمهارته في قيادة البلاد في الجمع بين المدنية العسكرية، وشهد على ذلك المؤرخ الأمريكي روبرت كولينز حينما ذكر عنه: «لم ينس البشير انه كان عسكرياً أولاً ثم سياسيا»، حيث فاجأ البشير المراقبين بمهارته السياسية في الالتفاف والمناورة من اجل البقاء. وتتجلى تلك الموازنة في خطاباته العفوية، فهو تارة يخاطب العسكريين بأنه سيظل وفياً للبزة العسكرية، وأمام اللقاءات الحاشدة حيث لا يمل من التذكير بأن «ثورته الظافرة» تمسكت بتطبيق الشريعة الإسلامية رغم ضغوط الغربيين، وهو بذاك أخرج الفكرة الاسلاموية من أطرها التنظيمية الضيقة «الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني» إلى رحابة ما يمكن أن يسمى بالتدين الشعبوي الوسطي الذى تنشأ عليه جميع الأسر السودانية.
أبن البلد الأصيل
الملاحقات المتكررة من محكمة الجنايات الدولية للبشير التي تحاول عبثاً أن تشوش على السودانيين لم تنجح، اذ ظل اللالتفاف الشعبي يمضي بصورة متزايدة مما يدل على أنه من المستحيل ان يكون الرئيس البشير قد حظى بكل هذا التأييد الجماهيري من فراغ، فقد وقف السودانيون مع البشير بدوافع وأسباب وطنية شتى، فمن جانب فإنهم يلتمسون فيه ابن البلد الأصيل الصادق في أطروحاته وحمل هموم أبناء بلده، ومن جانب ثانٍ فإنه محل ثقة حتى لمعارضيه الذين لا يمانعون في بقائه رئيساً في أية ترتيبات انتقالية، وكثير منهم يذكر أن البلاد لن تجد رئساً افضل من البشير.
واعتاد الشعب السودانى على افتتاح البشير لخطاباته بالنزعة الشعبية برقصة «العرضة» التي يجيدها بحكم نشأته في ديار قبيلة الجعليين شمالي السودان ، ودائماً ما يلوح بعصاه محيياً الحشود التي تستقبله، كما أنه يحرص على دعوة الجماهير للاقتراب من منصته، كما اعتاد الإعلاميون والصحافيون على خطابات البشير باللهجة الدارجية التى تلامس المواطن، وتتحف أجهزه الإعلام من خلال التصريحات النارية كما يصفونها.

بروفايل: رانيا الأمين مصطفى- الانتباهة

Exit mobile version