سراج النعيم : حسين خوجلي المنعم والمرفه لا يحس بمعاناة المهاجرين

إن الأستاذ حسين خوجلي الذي يعيش حياة منعمة.. ومرفهة لا يمكن أن يحس مجرد الإحساس بمعاناة المهاجرين عن بلدانهم.. فهم تقودهم الظروف الإقتصادية القاهرة وحدها.. قسراً إلي الهجرة.. أو التفكير فيها.. وذلك من واقع أن إقتصاد السودان.. إقتصاد متدهور.. إقتصاد متهالك.. إقتصاد يجعل الإنسان يهاجر من أجل تحسين أوضاعه.. بعد أن يفقد الأمل.. فلا يجد في ظل تلك الظروف سبباً واحداً يحفزه للبقاء.. هكذا يفكر إلي أن يحقق حلمه المندرج حول مقولة : ( إذا ابتك ديار فلله ألف ديار).. لذلك يلجأ الكثير من الشباب للهجرة.. أو التفكير فيها حتي يتمكن من بناء مستقبله بالصورة المثلي.. بالرغم من أنهم يعلمون تمام العلم خطورة الهجرة.. وما تتركه من ﺁﺛﺎﺭ سالبة عليهم.. وعلي السودان.. بلأنها تعني هجرة العقول.. والخبرات.. والكفاءات.. والكوادر.. هجرة تؤثر تأثيراً كبيراً في شتي مناحي الحياة.. ولكن لماذا يهاجر الإنسان.. ولماذا يفكر الأخر فيها؟؟.. الإجابة ببساطة شديدة تكمن في انه يبحث عن توﻓﻴﺮ حياة إنسانية بأبسط ﻣﻘﻮﻣﺎتها ..وهي بلا شك غير متوفرة له في السودان.. لذا تكون الهجرة لتحقيق ما لم يستطع تحقيقه في السودان.
وللهجرة في حد ذاتها دوافع ربما تكون سياسية.. أو إقتصادية.. أو إجتماعية.. والخ.. وبالتالي من الطبيعي أن ينتقد الأستاذ حسين خوجلي من يهاجرون فلم يمر بمثل التجارب المريرة والقاسية التي مروا بها.. فهو يعيش حياة منعمة.. حياة مرفهة.. حياة لا يحمل معها هم الغد.. بقدر ما يفكر في الموضوعات التي يود مناقشتها عبر برنامجه ( مع حسين خوجلي) الذي وجد نفسه فجأة يمتلك صحيفتين.. إحداهما توقفت.. ثم فجأة يمتلك قناة فضائية يصل إيجار قمرها علي النايل سات حوالي ( 480) ألف دولار في السنة.. خلاف تكلفة الإنتاج.. والأجهزة.. والمرتبات.. وذلك في ظل عدم توفر الإعلان لتغطية التكاليف.. وإذا وجد الإعلان فإنه لا يغطي نسبة 1% من جملة المبلغ الذي ينفقه حسين خوجلي سنوياً علي قناة ( امدرمان).. وبالتالي هنالك سؤال يبحث عن إجابة من أين له بكل تلك المبالغ الكبيرة؟.. ضف إلي ذلك فإنه يمتلك إذاعة ( المساء).. فهل بعد كل ما ذهبت إليه يتوقع المهاجر السوداني أن يقول له الأستاذ حسين خوجلي خيراً فعلت.. وكيف يقول وهو الذي لم يحس يوماً واحداً في حياته بالألم.. أو الحزن.. أو الجراح.. أو المرارت.. كيف يفعل وهو الذي لم تجبره الظروف الإقتصادية للتفكير في كيفية بناء منزل لأسرته.. أو كيف يحصل علي مصاريف البيت اليومية.. أو كيف يكون مستقبله.. أو كيف يوفير مسلتزمات الزواج في ظل غلاء المهور.. أو.. أو.. أو… الخ.
وليكن في علم حسين خوجلي أن إنسان السودان له آمال واشواق تعبر عن أفكاره.. مثلما له هو.. وهذه الآمال والأشواق ترسم له خارطة طريق مستقبله.. فلماذا لم يسأل حسين خوجلي عن أسباب الهجرة.. ولماذا لم يسأل نفسه لما إنسان السودان مرغوب من دول المهجر.. وبرواتب كبيرة جداً تلبي له كل رغباته المفقودة في السودان منذ سنوات وسنوات.. وعليه كان من الضروري مناقشة أسباب الهجرة بصورة عامة.. وهجرة العقول والأدمغة بصورة خاصة.. والأثر الذي تفرزه في المستقبل.. ولكن هل فعل حسين خوجلي؟.. لا لم يفعل.. ولم يشير إلي أن الظروف الإقتصادية الضاغطة.. هي اللاعب الرئيسي في الهجرة.. وإذا لم يوضع حد إلي أسبابها.. فإن الهجرة ستستمر في نزف العقول.. والأدمغة.. والكفاءات.. والخبرات.
ومن هنا كان من أوجب الواجبات علي الأستاذ حسين خوجلي أن يناقش الهجرة من حيث أنها مشكلة العصر.. ومن حيث أنها مشكلة ليست علي مستوي السودان فقط.. إنما مشكلة تواجه كل دول العالم.. ومن حيث تفاوت درجات تأثيرها من دولة إلي أخرى.. مع التأكيد بأن لها اسبابها التي تدفع الفرد.. أو افراد المجتمعات للهجرة من موطنهم الأصلي إلي دول ربما يجدون فيها الاطمئنان.. والعيش الكريم.. وإحترام حقوق الإنسان.. و إلي أخره من العوامل المحفزة لذلك.. فهنالك من يهاجر ليس للبقاء نهائياً.. إنما لتحسين وضعه الإقتصادي.. ويعود متي ما زالت أسباب هجرته.. مع علمه التام بأنها مصحوبة بمخاطر.. ولكنه يفعل ذلك علي أمل أن يحقق ولو جزء بسيط من آماله واشواقه في ظل حراك سكاني تحكمه الكثير من الأسباب السياسية.. والإقتصادية.. والإجتماعية.. والإنسانية.
قلما تتم مناقشة الهجرة الداخلية.. فهي الأشد قسوة.. وإيلاماً علي مدي تاريخ الإنسانية.. ولا أعني بها هجرة الإنسان من الريف إلي المدينة أو العكس.. بل هي هجرة يحس بها الإنسان بالرغم من أنه في وطنه.. ووسط أهله.. وأصدقائه.. وربما زملائه أن لم يكن عاطلاً عن العمل.
ومما تطرقت له مسبقاً فلأبد من سؤال ما هي أسباب الهجرة؟.. الإجابة عندي تكمن في أنها قائمة علي تحسين الأوضاع الإقتصادي في إطار عدم وجود فرص عمل في القطاعين الحكومي.. والخاص.. فماذا يفعل الشباب بما فيهم خريجي الجامعات غير أن يفكروا في الهجرة.. فالبعض منهم يضطر إلي امتهان المهن الهامشية خوفاً من أن يتم إدراجه في كشوفات البطالة الناشطة في السودان.. وبالرغم من ذلك يجد الإنسان نفسه محاصراً بضغوطات.. ربما تدفعه دفعاً للتفكير الذي قد يصل به في بعض الأحيان إلي حالة نفسية سيئة جداً تفضي في النهاية إلي الإكتئاب.. والضغوطات النفسية التي تقود إلي أن تسيطر عليه أفكار الهجرة.. خاصة الشباب الذي لا يملك من المال ما يكفيه لشراء حذاء.. أو قميص.. أو أي شىء ضروري يساعده علي العيش في حياة كريمة.. وحينما يجد الإنسان نفسه محكوماً بتلك الظروف يتخالجه شعور بالحرج في محيطه الأسري.. والمجتمعي.. خاصة إذا وضعته ظروف الحياة أمام تحدي أن يكون مسئولاً عن أسرته الكبيرة.. أو مسئولاً عن أسرته الصغيرة.. أو أن يجمع بينهما الإثنين.
وعلي الرغم من ذلك لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي يطلع به كل مهاجر في تنمية الوطن.. وذلك بما يفرض عليهم من ضرائب.. ورسوم أخري تحصل منهم كلما جاءوا في زيارات إلي مسقط رأسهم.
إن طموحات من يفكرون في الهجرة لا يمكن أن يلبيها لهم الوطن الأصلي.. بقدر ما تلبيه لهم دول عربية.. أو غربية.. وفي الأخيرة يجدون ما يفتقدونه وعلي الأقل الحريات التي تلبي رغباتهم.. خاصة إذا كانت تلك الدول هي أمريكا.. أو بريطانيا.. أو فرنسا.. أو ألمانيا.. أو أي دولة نفطية.

سراج النعيم _ النيلين

Exit mobile version